للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالإفراد (ابن شهاب) الزهري (أن عبيد الله بن عبد الله) بضم عسن لأول ابن عتبة بن مسعود (أخبره أن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-) وسقط لابن عساكر لفظ عبد الله (أخبره أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مرّ بشاة ميتة) بتشديد الياء وتخفف (فقال) عليه الصلاة والسلام لمن كانت لهم:

(هلا استمتعتم بإهابها) بكسر الهمزة وتخفيف الهاء. قال في القاموس: ككتاب الجلد دبغ أو لم يدبغ الجمع أهبة وأهب وأهب، ولمسلم من طريق ابن عيينة: هلا أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به (قالوا): يا رسول الله (إنها ميتة) بتشديد التحتية (قال: إنما حرّم) بفتح الحاء المهملة وضم الراء ولأبي ذر حرم بضم ثم كسر مشددًا (أكلها) بفتح الهمزة وفيه تخصيص الكتاب بالسّنّة لأن لفظ القرآن: {حرمت عليكم الميتة} [المائدة: ٣] وهو شامل لجميع أجزائها في كل حال فخصت السنة ذلك بالأكل، واستثنى الشافعية من الميتات جلد الكلب والخنزير وما تولد منهما لنجاسة عينهما، وأخذ أبو يوسف بعموم الحديث فلم يستثن شيئًا، واستدلّ الزهري برواية الباب على جواز الانتفاع به مطلقًا دبغ أو لم يدبغ لكن صح التقييد بالدبغ من طريق أخرى كما مرّ وبعضهم أخذ بخصوص هذا السبب فقصر الجواز على المأكول لورود الحديث في الشاة، ويتقوّى ذلك من حيث النظر لأن الدباغ لا يزيد في التطهير على الذكاة وغير المأكول لو ذكى لم يطهر بالذكاة عند أكثر، فكذلك الدباغ، وأجاب من عمّم بالتمسك بعموم اللفظ وهو أولى من

خصوص السبب وبعموم الإذن بالمنفعة، ولأن الحيوان الطاهر ينتفع به قبل الموت فكان الدباغ بعد الموت قائمًا مقام الحياة قاله في فتح الباري.

وحكى في التتمة فيما ذكره ابن الرفعة في كفايته وجهًا عن رواية ابن القطان أن جلد الميتة لا ينجس بالموت، وإنما الزهومة التي في الجلد تصيره نجسًا فيؤمر بالدبغ لإزالتها كما يغسل الثوب من النجاسة، ومنع قوم الانتفاع من الميتة بشيء سواء دبغ الجلد أو لم يدبغ لحدث عبد الله بن عكيم قال: أتانا كتاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبل موته: "أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" رواه النسائي وأحمد والأربعة وصححه ابن حبان وحسنه الترمذي وللشافعي وأحمد وأبي داود بشهر، قال الترمذي: كان أحمد يذهب إليه ويقول هو آخر الأمر، وهذا يدل على أن الانتفاع به منسوخ.

وأجاب ابن الرفعة في الكفاية بأن كل حديث نسب إلى كتاب ولم يذكر حامله فهو مرسل ولا حجة عندنا في المرسل. قال ابن حجر وأعله بعضهم بكونه كتابًا وليس بعلّة قادحة، وقيل إن في إسناده اضطرابًا ولذا تركه أحمد بعد أن قال إنه آخر الأمر، ورده ابن حبان بأن ابن عكيم سمع الكتاب يقرأ وسمعه من مشايخ من جهته عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلا اضطراب، وقال في الكفاية يحمل على الانتفاع به قبل الدباغ فإن لفظ الإهاب منطبق عليه وبعد الدباغ يطلق عليه أديم وسختيان والدباغ المحصل للطهارة بالشب والقرظ والأشياء الحريفية المنشفة للفضلات المعفنة المانعة من الفساد إذا أصابه الماء والمطيبة لريحه كقشور الرمان والعصفر.

وهذا الحديث مضى في الذكاة.

٥٥٣٢ - حَدَّثَنَا خَطَّابُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَجْلَانَ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- يَقُولُ مَرَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَنْزٍ مَيْتَةٍ فَقَالَ: «مَا عَلَى أَهْلِهَا لَوِ انْتَفَعُوا بِإِهَابِهَا».

وبه قال: (حدّثنا خطاب بن عثمان) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الطاء المهملة وبعد الألف موحدة الفوزي بفتح الفاء وسكون الواو وكسر الزاي نسبة لقرية من قرى حمص قال: (حدّثنا محمد بن حمير) بكسر الحاء المهملة وسكون الميم وبعد التحتية المفتوحة راء الحمصي (عن ثابت بن عجلان) بفتح العين وسكون الجيم الأنصاري التابعي الحمصي أنه (قال: سمعت سعيد بن جبير قال: سمعت ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: مرّ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعنز) بالنون والزاي كما في القاموس الأنثى من المعز (ميتة) بتشديد التحتية (فقال):

(ما على أهلها) حرج (لو انتفعوا بإهابها) أي بعد الدبغ كما مرّ. قال الزمخشري في الفائق: سمي إهابًا لأنه أهبة للحي وبناء للحماية على جسده، كما قيل له مسك لإمساكه ما وراءه، وفيه دليل على أنه يطهر

<<  <  ج: ص:  >  >>