للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سددتها ولكن الله سدها". ونحوه عند أحمد والنسائي والحاكم ورجاله ثقات عن زيد بن أرقم وابن عباس وزاد: فكان يدخل المسجد وهو جنب ليس له طريق غيره، رواه أحمد والنسائي ورجاله ثقات، ونحوه من حديث جابر بن سمرة عند الطبراني.

وبالجملة فهي كما قاله الحافظ ابن حجر أحاديث يقوّي بعضها بعضًا وكل طريق منها صالح للاحتجاج فضلاً عن مجموعها، لكن ظاهرها يعارض حديث الباب والجمع بينهما بما دل عليه حديث أبي سعيد عند الترمذي أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لعلي: "لا يحل لأحد أن يطرق هذا المسجد غيري وغيرك". والمعنى أن باب عليّ كان إلى جهة المسجد ولم يكن لبيته باب غيره، فلذلك لم يأمر بسدّه، ومحصل الجمع أن الأمر بسدّ الأبواب وقع مرتين، ففي الأولى استثنى عليا لما ذكر، وفي الأخرى استثنى أبا بكر، ولكن لا يتم ذلك إلا بأن يحمل ما في قصة عليّ على الباب الحقيقي، وما في قصة أبي بكر على الباب المجازي، والمراد به الخوخة كما صرح به في بعض طرقه، وكأنهم لما أُمروا بسدّ الأبواب سدّوها، وقد صرح أبو بكر الكلاباذي في معاني الأخبار بأن باب بيت أبي بكر كان له باب من خارج المسجد وخوخة إلى داخل المسجد وبيت علي لم يكن له باب إلا من داخل المسجد انتهى ملخصًا من فتح الباري.

٤ - باب فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

(باب فضل أبي بكر بعد) فضل (النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) والمراد بالبعدية هنا الزمانية أما البعدية في الرتبة فيقال فيها الأفضل بعد الأنبياء أبو بكر، وقد أطبق السلف على أنه أفضل الأمة. حكى الشافعي وغيره إجماع الصحابة والتابعين على ذلك.

٣٦٥٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: "كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنُخَيِّرُ أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ

عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، ثُمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ -رضي الله عنهم-". [الحديث: ٣٦٥٥ - طرفه في: ٣٦٩٧].

وبه قال: (حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) الأويسي قال: (حدّثنا سليمان) بن بلال (عن يحيى بن سعيد) الأنصاري (عن نافع) مولى ابن عمر (عن ابن عمر -رضي الله عنهما-) أنه (قال: كنا نخيّر بين الناس في زمن النبي) ولأبي ذر: في زمان رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بأن نقول فلان خير من فلان (فنخير) فنفضل (أبا بكر) على جميع البشر بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام (ثم) نفضل بعده (عمر بن الخطاب) بعد عمر (عثمان بن عفان -رضي الله عنهم-) وسقط لفظ ابن الخطاب وابن عفان ولأبي ذر: زاد في رواية عبيد الله بن عمر عن نافع في مناقب عثمان، ثم نترك أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلا نفاضل بينهم، وزاد الطبراني في رواية فيسمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذلك فلا ينكره ولا يلزم من سكوتهم إذ ذاك عن تفضيل عليّ عدم تفضيله.

وفي بعض طرق الحديث عند ابن عساكر عن عبد الله بن يسار عن سالم عن ابن عمر قال: إنكم لتعلمون أنا كنا نقول على عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ يعني في الخلافة كذا في أصل الحديث، ففيه تقييد الخيرية المذكورة والأفضلية بما يتعلق بالخلافة، فقد أطبق السلف على خيريتهم عند الله على هذا الترتيب كخلافتهم، وذهب بعض السلف إلى تقديم علّي على عثمان، وممن قال به سفيان الثوري لكن قيل: إنه رجع، وقال مالك في المدونة، وتبعه يحيى بن القطان وغيره لا يفضل أحدهما على الآخر، وقالت الشيعة وكثير من المعتزلة الأفضل بعد النبي عليّ.

وهذا الحديث من أفراده ورجال إسناده مدنيون.

٥ - باب قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً» قَالَهُ أَبُو سَعِيدٍ

(باب قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): (لو كنت متخذًا خليلاً) (قاله أبو سعيد) الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الباب السابق.

٣٦٥٦ - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أَخِي وَصَاحِبِي».

وبه قال: (حدّثنا مسلم بن إبراهيم) الفراهيدي الأزدي مولاهم قال: (حدّثنا وهيب) بضم الواو مصغرًا ابن خالد بن عجلان البصري قال: (حدّثنا أيوب) السختياني (عن عكرمة) مولى ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال).

(لو كنت متخذًا من أمتي خليلاً) أرجع إليه في الحاجات وأعتمد عليه في المهمات (لاتخذت أبا بكر) وإنما الذي ألجأ إليه وأعتمد في جملة الأمور عليه هو الله تعالى، وسقط قوله: من أمتي لأبي ذر (ولكن) بتخفيف النون أبو بكر (أخي) في الإسلام (وصاحبي) في الغار والدار، وهو استدراك على مضمون الجملة الشرطية كأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>