في الرقاق، ومسلم في المغازي، والنسائي في المناقب والرقاق.
(وعن قتادة) بن دعامة بالعطف على الإسناد السابق وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي (عن أنس عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مثله) أي مثل الحديث الأول (و) لكنه (قال): (فاغفر للأنصار) بدل قوله في الأول "فاصلح وللأنصار"، باللام الجارة، ولأبي ذر: فاغفر الأنصار بالنصب.
٣٧٩٦ - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "كَانَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ تَقُولُ:
نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الْجِهَادِ مَا حَيِينَا أَبَدَا
فَأَجَابَهُمُ: "اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَاّ عَيْشُ الآخِرَة، فَأَكْرِمِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَة".
وبه قال: (حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن حميد الطويل) أنه قال: (سمعت أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كانت الأنصار يوم الخندق تقول): وهم يحفرون الخندق حول المدينة وينقلون التراب (نحن الذين بايعوا محمدًا). بموحدة وبعد الألف تحتية (على الجهاد ما حيينًا أبدًا) وفي الجهاد من طريق عبد العزيز بن صهيب عن أنس: ما بقينا أبدًا (فأجابهم) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(اللهم لا عيش) مستمر أو معتبر (إلاّ عيش الآخرة فأكرم الأنصار والمهاجرة) وهذا من قول ابن رواحة قال الداودي، وإنما قال: لا هم بلا ألف ولا لام ليتزن. وأجاب في المصابيح بأنه اللهم على جهة الخزم بالخاء والزاي المعجمتين وهو الزيادة على أول البيت حرفًا فصاعدًا إلى أربعة.
٣٧٩٧ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَهْلٍ قَالَ: «جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ نَحْفِرُ الْخَنْدَقَ وَنَنْقُلُ التُّرَابَ عَلَى أَكْتَادِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَاّ عَيْشُ الآخِرَة، فَاغْفِرْ لِلْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ».
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (محمد بن عبيد الله) مصغرًا ابن محمد أبو ثابت مولى عثمان بن عفان القرشي المدني قال: (حدّثنا ابن أبي حازم) عبد العزيز (عن أبيه) أبي حازم واسمه سلمة بن دينار (عن سهل) بفتح المهملة وسكون الهاء ابن سعد بن مالك الأنصاري -رضي الله عنه- أنه (قال: جاءنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ونحن نحفر الخندق) بكسر الفاء حول المدينة (وننقل التراب) المتحصل منه (على أكتادنا) بالمثناة الفوقية جمع كتد وهو ما بين الكاهل إلى الظهر. قال في المصابيح: جمع كتد بفتح الكاف والتاء معًا وهو مغرز العنق في الصلب، وقيل من أصل العنق إلى أسفل الكتفين. قال في الفتح وللكشميهني وكذا هو في اليونينية معزوًّا لأبي ذر عن الكشميهني على أكبادنا بالموحدة جمع كبد ووجهه: أنا نحمل التراب على جنوبنا مما يلي الكبد (فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(اللهم لا عيش إلاّ عيش الآخرة فاغفر للمهاجرين والأنصار).
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في المغازي وكذا مسلم، وأخرجه النسائي في المناقب والرقاق.
١٠ - باب قَوْل الله عَزَّ وَجَلّ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ٩]
هذا (باب) بالتنوين وسقط لفظ باب لأبي ذر ({ويؤثرون}) أي الأنصار، وفي نسخة وعزاها في الفرع وأصله لأبي ذر باب قول الله: ويؤثرون ({على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}) [الحشر: ٩] أي فاقة، والمعنى يقدّمون المحاويج على حاجة أنفسهم ويبدؤون بالناس قبلهم في حال احتياجهم إلى ذلك.
٣٧٩٨ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: «أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَبَعَثَ إِلَى نِسَائِهِ، فَقُلْنَ: مَا مَعَنَا إِلَاّ الْمَاءُ، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ يَضُمُّ -أَوْ يُضِيفُ- هَذَا؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَا. فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ: أَكْرِمِي ضَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. فَقَالَتْ: مَا عِنْدَنَا إِلَاّ قُوتُ صِبْيَانِي. فَقَالَ: هَيِّئِي طَعَامَكِ، وَأَصْبِحِي سِرَاجَكِ، وَنَوِّمِي صِبْيَانَكِ إِذَا أَرَادُوا عَشَاءً. فَهَيَّأَتْ طَعَامَهَا، وَأَصْبَحَتْ سِرَاجَهَا، وَنَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا، ثُمَّ قَامَتْ كَأَنَّهَا تُصْلِحُ سِرَاجَهَا فَأَطْفَأَتْهُ، فَجَعَلَا يُرِيَانِهِ أَنَّهُمَا يَأْكُلَانِ، فَبَاتَا طَاوِيَيْنِ. فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ -أَوْ عَجِبَ- مِنْ فَعَالِكُمَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: ٩] [الحديث ٣٧٩٨ - طرفه في: ٤٨٨٩].
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا عبد الله بن داود) بن عامر الهمداني الكوفي (عن فضيل بن غزوان) بالغين والزاي المعجمتين وفضيل بالتصغير أبو الفضل الكوفي (عن أبي حازم) بالحاء المهملة والزاي سلمان الأشجعي لا سلمة بن دينار (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً) هو أبو هريرة (أتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) زاد في التفسير فقال: يا رسول الله أصابني الجهد (فبعث إلى نسائه) أمهات المؤمنين يطلب منهن ما يضيفه به (فقلن: ما معنا) أي ما عندنا (إلا الماء. فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولأبي ذر فقال النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(من يضم) إليه في طعامه (أو يضيف) بكسر الضاد المعجمة وسكون التحتية (وهذا) الرجل بالشك من الراوي (فقال رجل من الأنصار): يا رسول الله (أنا) أضيفه (فانطلق به إلى امرأته فقال) لها: (أكرمي ضيف رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. فقالت له: (ما عندنا إلا قوت صبياني) بالياء بعد النون ولأبي ذر صبيان بتنوين النون بغير ياء. وفي مسلم فقام رجل من الأنصار يقال له أبو طلحة، وعلى هذا فالمرأة أم سليم والأولاد أنس وإخوته، لكن استبعد الخطيب أن يكون أبو طلحة هذا هو زيد بن سهل عم أنس بن مالك زوج أمه فقال: هو رجل من الأنصار لا يعرف اسمه، ووجهه أن هذا الرجل المضيف ظهر من حاله أنه كان قليل ذات اليد فإنه لم يجد ما يضيف