للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مصرّحة باطّلاعه على ذلك، وفي مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر قال: كنا نعزل على عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فبلغ ذلك نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلم ينهنا، ومن وجه آخر عن أبي الزبير عن جابر أن رجلًا أتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: إن لي جارية وأنا أطوف عليها وأنا أكره أن تحمل فقال: "اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها" فلبث الرجل ثم أتاه فقال: إن الجارية قد حبلت قال: "قد أخبرتك".

٥٢١٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: أَصَبْنَا سَبْيًا، فَكُنَّا نَعْزِلُ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «أَوَ إِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ»؟ قَالَهَا ثَلَاثًا «مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَاّ هِيَ كَائِنَةٌ».

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن محمد بن أسماء) بن عبيد بن مخراق البصري قال: (حدّثنا جويرية) بن أسماء بن عبيد الضبعي البصري وهو عم عبد الله السابق (عن مالك بن أنس) الإمام (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن ابن محيريز) بالحاء المهملة والراء والزاي مصغرًا عبد الله الجمحي (عن أبي سعيد الخدري) -رضي الله عنه- أنه (قال: أصبنا سبيًّا) أي جواري أخذناها من الكفار أُسراء في غزوة بني المصطلق، وفي رواية ربيعة في المغازي فسبينا كرائم العرب وطالت علينا الغربة (فكنا نعزل) عنهن كراهة مجيء الولد من الأمة أنفة أو خوف تعذر بيع الأمة إذا صارت أم ولد أو فرارًا من كثرة العيال إذا كان مقلاًّ فيرغب في قلة الولد لئلا يتضرر بتحصيل الكسب أو غير ذلك وزاد ربيعة فقلنا نفعل ذلك ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين أظهرنا لا نسأله (فسألنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) عليه الصلاة والسلام:

(أو أنكم) بفتح الهمزة والواو (لتفعلون) العزل المذكور (قالها ثلاثًا) وظاهره أنه عليه الصلاة والسلام ما كان اطّلع على فعلهم ذلك. واستشكل مع قولهم أن الصحابي إذا قال: كنا نفعل كذا على عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يكون مرفوعًا لأن الظاهر إطلاعه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وأجيب: بأن دواعيهم -رضي الله عنهم- كانت متوفرة على سؤاله عن أمور الدين فإذا عملوا الشيء وعلموا أنه لم يطلع عليه بادروا إلى السؤال عن الحكم فيه فيكون الظهور من هذه الحيثية قاله فى الفتح. (ما من نسمة) أي نفس (كائنة) أي قدّر كونها (إلى يوم القيامة إلا هي كائنة) سواء عزلتم أو لا فلا فائدة في عزلكم فإنه إن كان الله قدّر خلقها سبقكم الماء فلا ينفعكم الحرص، وقد خلق الله آدم من غير ذكر ولا أُنثى وخلق حوّاء من ضلع منه وعيسى من غير ذكر، وعند أحمد والبزار وصححه ابن حبان من حديث أنس أن رجلًا سأل عن العزل فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لو أن الماء الذي أهرقته على صخرة لأخرج الله منها ولدًا". وقول ابن عبد البر لا خلاف بين العلماء أنه لا يعزل عن الحرة إلا بإذنها لأن الجماع من حقها ولها المطالبة به، وليس الجماع المعروف إلا ما لا يلحقه عزل مردود بما سبق من

الخلاف، وبأن المرأة لا حق لها في الجماع أصلًا. واحتج للمانعين بحديث عمر عند ابن ماجة نهى عن العزل عن الحرة إلا بإذنها، وفي إسناده ابن لهيعة، وجزم بعض الشافعية بالمنع إذا امتنعت، واتفقت المذاهب الثلاثة على أنه لا يعزل عن الحرة إلا بإذنها وأن الأمة يعزل عنها بغير إذنها.

قال في الفتح: وينتزع من حكم العزل حكم معالجة المرأة إسقاط النطفة قبل نفخ الروح، فمن قال: بالمنع هناك ففي هذا أولى، ومن قال بالجواز يمكن أن يلتحق به هذا، ويمكن أن يفرق بأنه أشد لأن العزل لم يقع فيه تعاطي السبب ومعالجة السقط تقع بعد تعاطي السبب، ويلتحق بهذه المسألة تعاطي المرأة ما يقطع الحبل من أصلبه وقد أفتى بعض متأخري الشافعية بالمنع وهو مشكل على القول بإباحة العزل مطلقًا.

وهذا الحديث سبق في البيوع.

٩٧ - باب الْقُرْعَةِ بَيْنَ النِّسَاءِ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا

(باب القرعة بين النساء إذا أراد) الرجل (سفرًا) وأراد أخذ إحدى زوجاته معه.

٥٢١١ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا خَرَجَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَطَارَتِ الْقُرْعَةُ لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا كَانَ بِاللَّيْلِ سَارَ مَعَ عَائِشَةَ يَتَحَدَّثُ، فَقَالَتْ: حَفْصَةُ أَلَا تَرْكَبِينَ اللَّيْلَةَ بَعِيرِي وَأَرْكَبُ بَعِيرَكِ تَنْظُرِينَ وَأَنْظُرُ، فَقَالَتْ: بَلَى فَرَكِبَتْ فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى جَمَلِ عَائِشَةَ وَعَلَيْهِ حَفْصَةُ فَسَلَّمَ عَلَيْهَا ثُمَّ سَارَ حَتَّى نَزَلُوا وَافْتَقَدَتْهُ عَائِشَةُ، فَلَمَّا نَزَلُوا جَعَلَتْ رِجْلَيْهَا بَيْنَ الإِذْخِرِ وَتَقُولُ: يَا رَبِّ سَلِّطْ عَلَيَّ عَقْرَبًا أَوْ حَيَّةً تَلْدَغُنِي وَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقُولَ لَهُ شَيْئًا.

وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا عبد الواحد بن أيمن) المخزومي المكي (قال: حدّثني) بالإفراد (ابن أبي مليكة) عبد الله (عن القاسم) بن محمد بن أبي بكر الصدّيق (عن عائشة) -رضي الله عنها- (أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان إذا خرج) إلى سفر (أقرع بين نسائه) فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه (فطارت القرعة) أي حصلت (لعائشة

<<  <  ج: ص:  >  >>