للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يا رسول الله إنّا استحملناك) أي طلبنا منك إبلًا تحملنا علينا (فحلفت أن لا تحملنا فظننا أنك نسيت يمينك فقال) صلوات الله وسلامه عليه:

(إن الله هو حملكم إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين) أي محلوف يمين فسماه يمينًا مجازًا للملابسة بينهما والمراد ما شأنه أن يكون محلوفًا عليه أو على بمعنى الباء وعند النسائي إذا حلفت بيمين لكن قوله (فأرى غيرها خيرًا منها) يدل على الأوّل لأن الضمير لا يصح عوده على اليمين بمعناه الحقيقي والمراد أن يظهر له بالعلم أو غلبة الظن أن غير المحلوف عليه خير منه والمراد بغيره إن كان فعلًا ترك ذلك الفعل وإن ترك شيء فهو ذلك الشيء (إلا أتيت الذي هو خير) من الذي حلفت عليه (وتحللتها) بالكفارة.

وفي الحديث حلّ أكل الدجاج مطلقًا. نعم إذا ظهر تغير لحم الجلالة من دجاج أو نعم وهي التي تأكل العذرة اليابسة أخذًا من الجلة بفتح الجيم بالرائحة والنتن في عرقها وغيره حرم أكلها، وقيل يكره، وصحح النووي الكراهة فإن علفت طاهرًا فطاب لحمها بزوال الرائحة حلّ

الأكل بالذبح من غير كراهة ويجري الخلاف في لبنها وبيضها وعلى الحرمة يكون اللحم نجسًا وهي في حياتها طاهرة والأصل في ذلك حديث ابن عمر أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى عن أكل الجلالة وشرب ألبانها حتى تعلف أربعين ليلة رواه الدارقطني والبيهقي وقال: ليس بالقوي، وقال الحاكم صحيح الإسناد، ولفظ نهى يصدق بالحرمة والكراهة.

وحديث الباب سبق في باب قدوم الأشعريين.

٢٧ - باب لُحُومِ الْخَيْلِ

(باب) حكم (لحوم الخيل) جماعة الأفراس لا واحد له من لفظه كالقوم أو مفرده خائل وسميت بذلك لاختيالها في المشية ويكفي في شرفها أن الله تعالى أقسم بها في كتابه بقوله: {والعاديات ضبحًا} [العاديات: ١].

٥٥١٩ - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَكَلْنَاهُ.

وبه قال: (حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير المكي قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: (حدّثنا هشام) هو ابن عروة (عن) زوجته (فاطمة) بنت المنذر (عن أسماء) ذات النطاقين بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما- أنها (قالت: نحرنا فرسًا على عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في زمنه ونحن بالمدينة وضمير الفاعل يعود على الذي باشر النحر منهم، وإنما أتى بضمير الجمع لكونه عن رضًا منهم (فأكلناه) زاد الدارقطني: نحن وأهل بيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ففيه إشعار بأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اطّلع على ذلك والصحابي إذا قال: كنا نفعل كذا على عهده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان له حكم الرفع على الصحيح، لأن الظاهر اطّلاعه على ذلك وتقريره وإذا كان هذا في مطلق الصحابي فكيف بآل أبي بكر الصديق مع شدّة اختلاطهم به عليه الصلاة والسلام وعدم مفارقتهم له.

وهذا الحديث سبق في باب النحر والذبح.

٥٥٢٠ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهم- قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ وَرَخَّصَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ.

وبه قال: (حدّثنا مسدد) بضم الميم وفتح السين والدال الأولى المشدّدة المهملات ابن مسرهد قال: (حدّثنا حماد بن زيد) بفتح الحاء المهملة وتشديد الميم ابن درهم وسقط لأبي ذر ابن زيد (عن عمرو بن دينار) بفتح العين المكي (عن محمد بن علي) أي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب أبي جعفر الباقر (عن جابر بن عبد الله) -رضي الله عنهم- كذا أدخل حماد بن زيد بين عمرو بن دينار، وبين جابر في هذا الحديث محمد بن علي وأسقطه النسائي والترمذي ووافق حمادًا على إدخال الواسطة ابن جريج لكنه لم يسمه أخرجه أبو داود، وقد قيل إن عمرو بن دينار لم يسمع من جابر

فإن ثبت سماعه منه فتكون رواية حماد من المزيد في متصل الأسانيد وإلاّ فرواية حماد بن زيد هي المتصلة ولئن سلمنا وجود التعارض من كل جهة فللحديث طرق أخرى عن جابر غير هذه فهو صحيح على كل حال (قال: نهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) نهي تحريم (يوم) حصار (خيبر عن لحوم الحمر) أي الأهلية (ورخّص في لحوم الخيل) استدلّ به من قال بالتحريم لأن الرخصة استباحة محظور مع قيام المانع، فدلّ على أنه رخص لهم فيها بسبب المخمصة التي أصابتهم بخيبر فلا يدل ذلك على الحل المطلب.

وأجيب: بأن أكثر الروايات جاء بلفظ الإذن وبعضها بالأمر فدلّ على

<<  <  ج: ص:  >  >>