للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جملة معترضة من كلام الراوي بين قوله لأنه لم يوقت في الأول وبين قوله: (وبين في هذا) أي في حديث ابن عمر ما يجب فيه العشر أو نصفه، (ووقت) أي حدد به هذا ما ظهر لي من شرح هذا القول، والذي مشى عليه الكرماني وغيره من الشراح ممن علمته أن مراده أن حديث أبي سعيد مفسر لحديث ابن عمر والزيادة والتوقيت تعيين النصاب، وفي هذا نظر لا يخفى لأنه يصير المعنى.

قال أبو عبد الله هذا تفسير الأول يعني حديث أبي سعيد السابق لأنه لم يوقت في الأول الذي هو حديث أبي سعيد وهو خلاف المدعى فليتأمل. نعم، حديث ابن عمر هذا بعمومه ظاهر في عدم اشتراط النصاب، فحديث أبي سعيد مقيد لإطلاقه، كما أن حديث ابن عمر مقيد لإطلاق حديث أبي سعيد فكل منهما مفسر للآخر بما فيه من الزيادة (والزيادة) من الثقة (مقبولة، والمفسر) بفتح السين (يقضي على المبهم) بفتح الهاء أي الخاص يقضي على العام بالتخصيص لأن قوله: ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة يشمل ما يسقى بمؤنة وغير مؤنة. وقوله فيما سقت السماء خاص (إذا رواه

أهل الثبت) بسكون الموحدة في فرع اليونينية. وقال الحافظ ابن حجر كالكرماني وغيره بفتحها وإذا رواه متعلق بقوله مقبولة. وقال التيمي والإسماعيلي: إن هذا القول في نسخة الفربري إنما هو عقب حديث أبي سعيد في الباب التالي لهذا الباب وإن وقوعه هنا غلط من الناسخ، ويشكل عليه ثبوته في الأصول المعتمدة في كل من البابين عقب حديث ابن عمر، وفي رواية عن أبي ذر وابن عساكر عقب حديث أبي سعيد: وإن اختلف بعض اللفظ فيهما على أن نسبة الغلط للناسخ إنما تتأتى على تقدير إرادة المؤلّف أن حديث أبي سعيد مفسر لحديث ابن عمر، وقد مرّ ما في ذلك. أما على ما ذكرته من أن حديث الباب مفسر لحديث أبي سعيد فلا، وحينئذٍ فالمصير إلى ما ذكرته أولى من العكس على ما لا يخفى، وفي رواية غير أبي ذر قال أبو عبد الله هذا الأول لأنه لم يوقت في الأول فأسقط لفظ تفسير، لكن في اليونينية ضبب على لفظة الأول الأولى وكتب في الهامش صوابه أولى أو المفسر للأولى بفتح الهمزة وسكون الواو من الأولوية والمفسر بكسر السين. قلت: ومعناه حديث الباب أولى من حديث أبي سعيد السابق لما فيه من زيادة التمييز بين ما يسقى بمؤنة وبغير مؤنة أو هو المفسر لحديث أبي سعيد حيث بين فيه كما مرّ، وهو يؤيد ما شرحته فليتأمل.

(كما روى الفضل بن عباس) -رضي الله عنهما- فيما وصله أحمد (أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يصل في الكعبة) يوم فتح مكة. (وقال بلال) المؤذن فيما وصله المؤلّف في الحج (قد صلّى) فيها يومئذٍ (فأخذ بقول بلال) بضم الهمزة مبنيًا للمفعول لما معه من الزيادة (وترك قول الفضل) بضم تاء ترك مبنيًا للمفعول كأخذ وليس قول بلال منافيًا لقول الفضل لم يصل بل مراده أنه لم يره لاشتغاله بالدعاء ونحوه في ناحية من نواحي البيت غير التي صلّى فيها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

٥٦ - باب لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ

هذا (باب) بالتنوين (ليس فيما دون خمسة أوسق) من المقتات في حال الاختيار وهو من الثمار الرطب والعنب ومن الحب الحنطة والشعير والسلت والأرز والعدس والحمص والباقلاء والدخن والذرة واللوبيا والماش والجلبان ونحوها (صدقة) والوسق ستون صاعًا والصاع أربعة أمداد والمد رطل وثلث بالبغدادي، فالأوسق الخمسة ألف وستمائة رطل بالبغدادي والأصح اعتبار الكيل لا الوزن إذا اختلفا، وإنما قدّر بالوزن استظهارًا. قال القمولي: وقدر النصاب بأردب مصر ستة أرادب وربع بجعل القدحين صاعًا كزكاة الفطر وكفارة اليمين. وقال السبكي: خمسة أرادب ونصف وثلث فقد اعتبرت القدح المصري بالمد الذي حررته فوسع مدّين وسبعًا تقريبًا، فالصاع قدحان إلا سبعي مد وكل خمسة عشر مدًا سبعة أقداح وكل خمسة عشر صاعًا ويبة ونصف وربع فثلاثون صاعًا ثلاث ويبات ونصف وثلاثمائة صاع خمسة وثلاثون ويبة وهي خمسة أرادب ونصف وثلث، فالنصاب، على قوله خمسمائة وستون قدحًا وعلى قول القمولي ستمائة.

١٤٨٤ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا مَالِكٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَيْسَ فِيمَا أَقَلُّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ، وَلَا فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ مِنَ الإِبِلِ الذَّوْدِ صَدَقَةٌ، وَلَا فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ".

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَذَا تَفْسِيرُ الأَوَّلِ إِذَا قَالَ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ». وَيُؤْخَذُ أَبَدًا فِي الْعِلْمِ بِمَا زَادَ أَهْلُ الثَّبَتِ أَوْ بَيَّنُوا.

وبالسند

<<  <  ج: ص:  >  >>