لا سيما مع قرب عهده بعرقه الكريم.
ورواته ما بين: مدني وبصري، وفيه: رواية تابعي عن تابعي عن صحابية، والتحديث والعنعنة والقول، وأخرجه مسلم في: الجنائز. وكذا أبو داود والترمذي والنسائي.
٩ - باب مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُغْسَلَ وِتْرًا
(باب ما يستحب أن يغسل) أي استحباب غسل الميت (وترًا).
١٢٥٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ نَغْسِلُ ابْنَتَهُ فَقَالَ: اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا. فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي. فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ فَقَالَ: أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ".
فَقَالَ أَيُّوبُ: وَحَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ بِمِثْلِ حَدِيثِ مُحَمَّدٍ، وَكَانَ فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ «اغْسِلْنَهَا وِتْرًا» وَكَانَ فِيهِ «ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا» وَكَانَ فِيهِ أَنَّهُ قَالَ " ابْدَؤُوا بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ". وَكَانَ فِيهِ "أَنَّ أُمَّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: وَمَشَطْنَاهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ".
وبالسند قال: (حدّثنا محمد) وللأصيلي: محمد بن المثنى، وقال الجياني: يحتمل أن يكون محمد بن سلام، قال: (حدّثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد (الثقفي) البصري (عن أيوب) السختياني (عن محمد) هو ابن سيرين (عن أم عطية) نسيبة الأنصارية (رضي الله عنها، قالت):
(دخل علينا رسول الله) وللأصيلي: النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ونحن نغسل ابنته) زينب أم أمامة (فقال):
(اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك) بكسر الكاف، زاد في الرواية السابقة: إن رأيتن ذلك (بماء وسدر) مخلوطين، قال ابن المنير: وهو مشعر بأن غسل الميت للتنظيف، لأن الماء المضاف لا يتطهر به. اهـ.
نعم، يحتمل أن لا يتغير وصف الماء بالسدر، بأن يمعك بالسدر، ثم يغسل بالماء في كل مرة، فإن لفظ الحديث لا يأبى ذلك.
(واجعلن في) الغسلة (الآخرة كافورًا) وفي السابقة: كافورًا أو شيئًا من كافور، على الشك، وجزم هنا بالشق الأول (فإذا فرعتن) من غسلها (فآذنني) بالمد وكسر الذال: أعلمنني.
(فلما فرغنا آذناه) أعلمناه (فألقى إلينا حقوه) بفتح الحاء وكسرها، أي: إزاره (فقال): (أشعرنها إياه) بقطع همزة: أشعرنها. أي اجعلنه يلي جسدها.
(فقال) بالفاء وللأصيلي: وقال (أيوب) السختياني بالإسناد السابق (وحدّثتني حفصة) بنت سيرين (بمثل حديث) أخيها (محمد) أي: ابن سيرين (وكان في حديث حفصة):
(اغسلنها وترًا) لأن الله وتر يحب الوتر، وهذا موضع الترجمة كما لا يخفى. (وكان فيه) أيضًا:
(ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا) فزاد هذه الأخيرة ولم يقل: أو أكثر من ذلك، إذ لم يجتمعا إلا عند أبي داود، كما مر.
(وكان فيه) أيضًا (أنه) عليه الصلاة والسلام (قال):
(ابدؤوا) بجمع المذكر، تغليبًا للذكور، لأنهن كن محتاجات إلى معاونة الرجال في حمل الماء إليهن وغيره، أو باعتبار الأشخاص، أو الناس. ولأبي ذر عن الكشميهني: ابدأن (بميامنها) جمع ميمنة، لأنه عليه الصلاة والسلام كان يحب التيامن في شأنه كله (و) ابدأن أيضًا (بمواضع الوضوء) زاد أبو ذر: منها.
(وكان فيه) أيضًا (أن أم عطية قالت: ومشطناها) بالتخفيف أي: سرحنا شعرها (ثلاثة قرون) أي: ثلاثة ضفائر بعد أن خللناه بالمشط.
وفي رواية: فضفرنا ناصيتها وقرنيها ثلاثة قرون، وألقيناها خلفها. وهذا مذهب الشافعية وأحمد.
وقال الحنفية: يجعل ضفيرتان على صدرها.
١٠ - باب يُبْدَأُ بِمَيَامِنِ الْمَيِّتِ
هذا (باب) بالتنوين (يبدأ) بضم أوله وفتح ثالثه، مبنيًّا للمفعول (بميامن الميت) عند غسله، تفاؤلاً أن يكون من أصحاب اليمين.
١٢٥٥ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَسْلِ ابْنَتِهِ: «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا».
وبالسند قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني، قال: (حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم) بن علية قال: (حدّثنا خالد) الحذاء (عن حفصة بنت سيرين) أخت محمد (عن أم عطية، رضي الله عنها، قالت: قال) لنا (رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، في غسل ابنته) زينب:
(ابدأن) بجمع المؤنث (بميامنها) أي: بالأيمن من كل بدنها في الغسلات التي لا وضوء فيها (ومواضع الوضوء منها) أي: في الغسلة المتصلة بالوضوء، وهو يرد على أبي قلابة، حيث قال يبدأ بالرأس ثم باللحية.
١١ - باب مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنَ الْمَيِّتِ
(باب) استحباب البداءة بغسل (مواضع الوضوء من الميت).
١٢٥٦ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "لَمَّا غَسَّلْنَا ابنةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَنَا -وَنَحْنُ نَغْسِلُهَا- ابْدَؤوا بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ".
وبالسند قال: (حدّثنا يحيى بن موسى) بن عبد ربه السختياني البلخي، المشهور: بخت قال: (حدّثنا وكيع) هو: ابن الجراح (عن سفيان) الثوري (عن خالد الحذاء، عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية) نسيبة الأنصارية (رضي الله عنها) أنها (قالت):
(لما غسلنا) زينب (ابنة النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال لنا ونحن نغسلها):
(ابدؤوا) ذكره باعتبار الأشخاص أو لغير ذلك، كما مر قريبًا. وللكشميهني: ابدأن، وهو أوجه لأنه خطاب للنسوة (بميامنها، ومواضع الوضوء) زاد أبو ذر: منها أي: من الابنة.
والبداءة بالميامن ومواضع الوضوء، مما زادته حفصة في روايتها عن أم عطية، عن أخيها محمد والحكمة في أمره، عليه الصلاة