للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأنه إما مخطئ به فلا يوافقه في الخطأ، أو عامد فصلاته باطلة. بل يفارقه أو ينتظره حملاً على أنه عاد ناسيًا.

وقيل: لا ينتظر، فلو عاد معه عالمًا بالتحريم بطلت صلاته، أو ناسيًا أو جاهلاً لم تبطل.

(فلما قضى) (صلاته) فرغ منها. أي: ما عدا تسليم التحليل بدليل قوله: (ونظرنا) أي: وانتظرنا (تسليمه كبر قبل التسليم فسجد سجدتين) للسهو ندبًا عند الجمهور، وفرضًا عند الحنفية (وهو جالس) أي: أنشأ السجود جالسًا، فالجملة حالية (ثم سلم) بعد ذلك وسلم الناس معه.

قال الزهري: وفعله قبل السلام هو آخر الأمرين من فعله ، ولأنه لمصلحة الصلاة. فكان قبل السلام، كما لو نسي سجدة منها.

وأجابوا، عن سجوده بعده في خبر اليدين الآتي إن شاء الله تعالى بحمله على أنه لم يكن عن قصد، وهو يرد على من ذهب إلى أن جميعه بعد السلام كالحنفية، وفيه: أن سجود السهو، وإن كثر السهو، سجدتان. فلو اقتصر على واحدة ساهيًا لم يلزمه شيء أو عامدًا بطلت صلاته لتعمده الإتيان بسجدة زائدة ليست مشروعة.

لكن جزم القفال في فتاويه: بأنها لا تبطل، وأنه يكبر لهما كما يكبر في غيرهما من السجود، وأن المأموم يتابع الإمام ويلحقه سهو إمامه. فإن سجد لزمه متابعته، فإن تركها عمدًا بطلت صلاته، وإن لم يسجد إمامه فيسجد هو على النص.

١٢٢٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَامَ مِنِ اثْنَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ لَمْ يَجْلِسْ بَيْنَهُمَا. فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ".

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا مالك) الإمام (عن يحيى بن سعيد) القطان (عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله ابن بحينة أنه قال):

(إن رسول الله ، قام من اثنتين) أي: من ركعتين (من الظهر لم يجلس بينهما) أي: بين الاثنتين (فلما قضى صلاته) أي: فرغ منها حقيقة بأن سلم منها. أو مجازًا، بأن فرغ من التشهد المختوم بالصلاة على النبي وآله (سجد سجدتين) للسهو، وسجدهما الناس معه (ثم سلم بعد ذلك) أي: بعد أن سجد السجدتين من غير تشهد بعدهما كسجود التلاوة.

وذهب الحنفية إلى أنه يتشهد واستدلوا بقوله: فلما قضى صلاته، ونظرنا تسليمه، أن السلام ليس من الصلاة، حتى لو أحدث بعد أن جلس وقبل أن يسلم تمت صلاته.

٢ - باب إِذَا صَلَّى خَمْسًا

هذا (باب) بالتنوين (إذا صلّى) المصلي الرباعية (خمسًا) أي خمس ركعات فزاد ركعة.

١٢٢٦ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا فَقِيلَ لَهُ: أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: صَلَّيْتَ خَمْسًا، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ".

وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن الحكم) بفتحتين، ابن عتيبة، بالمثناة ثم الموحدة مصغرًا، الفقيه الكوفي (عن إبراهيم) بن يزيد النخعي (عن علقمة) بن قيس (عن عبد الله) بن مسعود ():

(أن رسول الله ، صلّى الظهر خمسًا. فقيل له) لما سلم (أزيد في الصلاة)؟ بهمزة الاستفهام الاستخباري (فقال) ، وللأصيلي: قال (وما ذاك؟) أي: وما سؤالكم عن الزيادة في الصلاة؟ (قال: صليت خمسًا فسجد) بعد أن تكلم (سجدتين) للسهو (بعدما سلم) أي: بعد سلام الصلاة لتعذر السجود قبله، لعدم علمه بالسهو.

ولم يذكر في الحديث هل انتظره الصحابة أو اتبعوه في الخامسة. والظاهر أنهم اتبعوه لتجويزهم الزيادة في الصلاة، لأنه كان زمان توقع النسخ. أما غير الزمن النبوي فليس للمأموم أن يتبع إمامه في الخامسة مع علمه بسهوه، لأن الأحكام استقرت. فلو تبعه بطلت صلاته لعدم العذر، بخلاف من سها كسهوه.

واستدلّ الحنفية بالحديث على أن سجود السهو كله بعد السلام، وظاهر صنيع المصنف، يقتضي التفرقة بين ما إذا كان السهو بالنقصان أو الزيادة، ففي النقصان: يسجد قبل السلام كما في

الترجمة السابقة، وفي الزيادة يسجد بعده. وبذلك لما ذكر: قال مالك، والمزني والشافعي، في القديم، وحمل في الجديد السجود فيه على أنه تدارك للمتروك قبل السلام سهوًا، لما في حديث أبي سعيد، عند مسلم الآمر بالسجود قبل السلام من التعرض للزيادة ولفظه: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلّى، فليطرح الشك، وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم.

وفي قول قديم ثان للشافعي

<<  <  ج: ص:  >  >>