(فأتاه) أي مسيلمة (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) استئلافًا له ولتبليغ الوحي (ومعه ثابت بن قيس بن شماس وهو) أي ثابت (الذي يقال له خطيب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وفي يد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قضيب) من جريد النخل (فوقف) عليه الصلاة والسلام (عليه) أي على مسيلمة اللعين (فكلمه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الإسلام (فقال له): أي للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (مسيلمة: إن شئت خليت بيننا) ولأبي ذر عن الحموي والكشميهني خلينا بينك وله عن المستملي خليت بينك (وبين الأمر) أي أمر النبوّة (ثم جعلته لنا بعدك فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) له:
(لو سألتني هذا القضيب ما أعطيتكه وإني لأراك) بضم الهمزة أظنك (الذي أريت) بضم الهمزة (فيه ما أريت) بضمها أيضًا ولأبي ذر ما رأيت (وهذا ثابت بن قيس) الخطيب (وسيجيبك عني) على سبيل التفصيل (فانصرف النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-).
٤٣٧٩ - قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَنْ رُؤْيَا رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّتِي ذَكَرَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ذُكِرَ لِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُرِيتُ أَنَّهُ وُضِعَ فِي يَدَيَّ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ فَفُظِعْتُهُمَا وَكَرِهْتُهُمَا، فَأُذِنَ لِي فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ» فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيُّ الَّذِي قَتَلَهُ فَيْرُوزُ بِالْيَمَنِ، وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ.
(قال عبيد الله بن عبد الله) بن عتبة بالسند المذكور: (سألت عبد الله بن عباس عن رؤيا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- التي ذكر) ها في شأن مسيلمة (فقال ابن عباس: ذكر لي) بضم الذال مبنيًّا للمفعول وسبق أن الذاكر له أبو هريرة (أن رسول الله) ولأبي ذر النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: بينا) بلا ميم (أنا نائم أريت أنه وضع) بضم الواو وكسر الضاد المعجمة (في يديّ) بتشديد الياء (سواران) ولأبي
ذر إسواران (من ذهب) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وضع بفتحتين في يدي بلفظ التثنية أيضًا سوارين بهمزة مكسورة وسكون السين لغة في السابق منصوب بالياء على المفعولية (ففظعتهما) بفاء مضمومة وظاء معجمة مشالة بعدها عين مهملة يقال فظع الأمر فهو فظيع إذا جاوز المقدار قال: في النهاية كذا جاء متعدّيًا والمعروف فظعت به أو منه والتعدية تكون حملاً على المعنى لأنه بمعنى أكبرتهما وخفتهما (وكرهتهما) لكونهما من حلية النساء (فأذن لي) بضم الهمزة وكسر الذال المعجمة (فنفختهما فطارا فأوّلتهما كذابين يخرجان).
(فقال عُبيد الله) بن عبد الله بن عتبة (أحدهما العنسي) الأسود (الذي قتله فيروز باليمن) وذلك أنه كان قد خرج بصنعاء وادّعى النبوّة وغلب على عامل صنعاء المهاجر بن أبي أمية، وقيل إنه مرّ به فلما حاذاه عثر الحمار فادّعى أنه سجد له ولم يقم الحمار حتى قال له شيئًا وكان معه فيما رواه البيهقي في دلائله شيطانان يقال لأحدهما سحيق بمهملتين وقاف مصغرًا، والآخر شقيق بمعجمة وقافين مصغرًا أيضًا وكانا يخبرانه بكل شيء يحدث في أمور الناس، وكان باذان عامل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بصنعاء فمات فجاء شيطان الأسود فأخبره فخرج في قومه حتى ملك صنعاء وتزوّج المرزبانة زوجة باذان فذكر القصة في مواعدتها دارويه وفيروز وغيرهما حتى دخلوا على الأسود ليلاً، وقد سقته المرزبانة الخمر صرفًا حتى سكر وكان على بابه ألف حارس فنقب فيروز ومن معه الجدار حتى دخلوا فقتله فيروز واحترز رأسه وأخرجوا المرأة وما أحبوا من المتاع وأرسلوا الخبر إلى المدينة فوافى بذلك عند وفاة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قال أبو الأسود عن عروة: أصيب الأسود قبل وفاة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيوم وليلة فأتاه الوحي فأخبر أصحابه ثم جاء الخبر إلى أبي بكر (والآخر مسيلمة الكذاب).
وقد ساق المؤلّف حديث الباب مرسلاً وقد ذكره في الباب السابق موصولاً، لكن من رواية نافع بن جبير عن ابن عباس، وفي سنده في هذا الباب ثلاثة من التابعين في نسق صالح بن كيسان وعبد الله بن عبيدة وعبيد الله بن عبد الله.
٧٢ - باب قِصَّةُ أَهْلِ نَجْرَانَ
(باب قصة أهل نجران) بفتح النون وسكون الجيم بلد كبير على سبع مراحل من مكة، وسقط الباب لأبي ذر فالتالي رفع.
٤٣٨٠ - حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: جَاءَ الْعَاقِبُ وَالسَّيِّدُ صَاحِبَا نَجْرَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِيدَانِ أَنْ يُلَاعِنَاهُ قَالَ: فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ لَا تَفْعَلْ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلَاعَنَّا لَا نُفْلِحُ نَحْنُ وَلَا عَقِبُنَا مِنْ بَعْدِنَا، قَالَا: إِنَّا نُعْطِيكَ مَا سَأَلْتَنَا وَابْعَثْ مَعَنَا رَجُلاً أَمِينًا، وَلَا تَبْعَثْ مَعَنَا إِلَاّ أَمِينًا، فَقَالَ: «لأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلاً أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ» فَاسْتَشْرَفَ لَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فَقَالَ: «قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ» فَلَمَّا قَامَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ».
وبه قال: (حدثني) بالإفراد (عباس بن الحسين) بالموحدة والسين المهملة وضم الحاء من الحسين البغدادي القنطري نسب إلى قنطرة بردان بشرقي بغداد الثقة، وليس له في البخاري إلا هذا الحديث وآخر سبق في التهجد مقرونًا قال: (حدّثنا يحيى بن آدم) بن سليمان القرشي الكوفي (عن إسرائيل) بن يونس (عن) جده (أبي