والميم المشددة أي جرحوا (وجه نبي الله ﷺ) حتى خرج منه الدم، وكان الذي جرح وجهه الشريف ﷺ ابن قميئة فدخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته فانتزعهما أبو عبيدة عامر بن الجراح وعض عليهما حتى سقطت ثنيتاه من شدة غوصهما، وامتص مالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري الدم من وجنته ثم ازدرده، فقال ﵊: "من مس دمي دمه لم تصبه النار".
وحديث الباب من مراسيل الصحابة لأن أبا هريرة وابن عباس لم يشهدا وقعة أُحد، ويحتمل أن يكونا تحملاه ممن حضرها أو سمعاه من النبي ﷺ بعده.
[باب]
هذا (باب) بالتنوين بغير ترجمة فهو كالمفصل من سابقه وسقط لأبي ذر.
٤٠٧٥ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ
وَهْوَ يُسْأَلُ عَنْ جُرْحِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْرِفُ مَنْ كَانَ يَغْسِلُ جُرْحَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَمَنْ كَانَ يَسْكُبُ الْمَاءَ، وَبِمَا دُووِيَ. قَالَ: كَانَتْ فَاطِمَةُ ﵍ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ تَغْسِلُهُ وَعَلِيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَسْكُبُ الْمَاءَ بِالْمِجَنِّ فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَزِيدُ الدَّمَ إِلاَّ كَثْرَةً أَخَذَتْ قِطْعَةً مِنْ حَصِيرٍ فَأَحْرَقَتْهَا وَأَلْصَقَتْهَا فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ يَوْمَئِذٍ وَجُرِحَ وَجْهُهُ وَكُسِرَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ.
وبه قال (حدّثنا قتيبة بن سعيد) البلخي واسمه يحيى وقتيبة لقب غلب عليه قال: (حدّثنا يعقوب) بن عبد الرحمن الإسكندراني (عن أبي حازم) بالحاء المهملة والزاي سلمة بن دينار (أنه سمع سهل بن سعد) بسكون الهاء والعين فيهما الساعدي ﵄ (وهو يسأل) بضم أوله مبنيًّا للمفعول وفي الفرع بالفتح ولعله سبق قلم (عن جرح رسول الله ﷺ) الذي جرحه في وقعة أُحد (فقال: أما) بتخفيف الميم حرف استفتاح وتكثر قبل القسم كقوله:
أما والذي أبكى وأضحك والذي … أمات وأحيى والذي أمره
وقوله هنا (والله إني لأعرف من كان يغسل جرح رسول الله ﷺ ومن كان يسكب الماء وبما دووي) بضم الدال المهملة وسكون الواو الأولى وكسر الثانية بعدها تحتية مبنيًّا للمفعول (قال: كانت فاطمة ﵍ بنت رسول الله ﷺ تغسله، وعلي بن أبي طالب) ثبت أن ابن أبي طالب لابن عساكر (يسكب الماء بالمجن) بكسر الميم وفتح الجيم وتشديد النون بالترس على الجرح (فلما رأت فاطمة) ﵂ (أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة أخدت قطعة من حصير فأحرقتها) حتى صارت رمادًا (وألصقتها) بالواو بالجرح ولأبوي ذر والوقت فألصقتها (فاستمسك الدم وكسرت رباعيته) اليمنى السفلى (يومئذٍ) كسرها عتبة بن أبي وقاص أخو سعد ومن ثم لم يولد من نسله ولد فيبلغ الحنث إلا وهو أبخر أو أهتم أي مكسور الثنايا يعرف ذلك في عقبه (وجرح وجهه) جرحه عبد الله بن قميئة أقمأه الله (وكسرت البيضة) أي الخوذة (على رأسه) وسلط الله على ابن قميئة تيس جبل فلم يزل ينطحه حتى قطعه قطعة قطعة.
٤٠٧٦ - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ نَبِيٌّ واشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ دَمَّى وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
وبه قال: (حدثني) بالإفراد (عمرو بن علي) أبو حفص الباهلي الصيرفي الفلاس البصري قال: (حدّثنا أبو عاصم) الضحاك بن مخلد النبيل قال: (حدّثنا ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز (عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس) ﵄ أنه (قال):
(اشتد غضب الله على من قتله نبي) بييده في غير قصاص أو حدّ (واشتد غضب الله على من
دمّى) بتشديد الميم (وجه رسول الله ﷺ) كذا أورده هنا عن ابن عباس لم يذكر النبي ﷺ ورفعه في السابق.
٢٥ - باب ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ﴾
هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: (﴿الذين استجابوا لله والرسول﴾) [آل عمران: ١٧٢].
٤٠٧٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂-: ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [آل عمران: ١٧٢] قَالَتْ لِعُرْوَةَ: يَا ابْنَ أُخْتِي كَانَ أَبُوكَ مِنْهُمُ الزُّبَيْرُ وَأَبُو بَكْرٍ لَمَّا أَصَابَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مَا أَصَابَ يَوْمَ أُحُدٍ وَانْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا. قَالَ: «مَنْ يَذْهَبُ فِي أثْرِهِمْ» فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلاً قَالَ: كَانَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ.
وبه قال: (حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر حدثني (محمد) هو ابن سلام قال: (حدّثنا أبو معاوية) محمد بن خازم السعدي (عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوّام (عن عائشة ﵂) في سبب قوله تعالى: (﴿الذين استجابوا لله والرسول﴾) مبتدأ خبره للذين أحسنوا أو صفة للمؤمنين أو نصب على المدح (﴿من بعد ما أصابهم القرح﴾) الجرح (﴿للذين أحسنوا منهم واتقوا﴾) من للتبيين كهي في قوله تعالى: ﴿وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة﴾ [الفتح: ١٧٢] لأن الذين استجابوا لله والرسول قد أحسنوا كلهم واتقوا بعضهم (﴿أجر عظيم﴾) [آل عمران: ١٧٢] في الآخرة.
(وقالت) أي عائشة ﵂ (لعروة: يا ابن أختي) هي أسماء بنت أبي بكر (كان أبوك منهم الزبير و) أبي (أبو بكر) الصديق ﵁ ولابن عساكر أبواك بالتثنية وعلى هذا ففيه إطلاق الأب على الجد (لما أصاب رسول الله ﷺ) نصب على المفعولية ولأبي ذر نبي الله (ﷺ ما أصاب يوم أُحد