وَسَلَّمَ- من حديد ملويًّا عليه فضة فيحمل على التعدد جميعًا بين الروايتين (وكان فصّه منه). وفي مسلم والسنن من طريق ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن أنس أنه كان من ورق وكان فصّه حبشيًّا حجرًا من الحبشة جزعًا أو عقيقًا وحينئذٍ فيحمل على التعدد جمعًا بينه وبين رواية الباب أو فصّه منه لكن صياغته أو نقشه صياغة الحبشة.
(وقال يحيى بن أيوب) الغافقي المصري مما ورد في مسند حميد عن أنس للقاسم بن زكريا المطرز (حدّثني) بالإفراد (حميد) الطويل أنه (سمع أنسًا) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ومراده بسياق هذا التعليق الإعلام بسماع حميد للحديث من أنس والله أعلم.
وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي قال: (حدّثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه) أبي حازم بالحاء المهملة والزاي سلمة بن دينار الأعرج القاصّ الزاهد (أنه سمع سهلاً) هو ابن عبد الله الأنصاري (يقول: جاءت امرأة) قيل هي خولة بنت حكيم وقيل أم شريك (إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالت): يا رسول الله (جئت أهب نفسي) لك أي أكون لك زوجة بلا مهر (فقامت) قيامًا أو زمنًا (طويلاً) فالموصوف محذوف وهو المفعول المطلق أو المفعول فيه (فنظر) إليها -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (وصوّب) أي خفض رأسه (فلما طال مقامها) بضم الميم في الفرع وقال العيني بفتحها أي قيامها (فقال رجل): لم يسم يا رسول الله (زوّجنيها) ولم يقل هبنيها لأن من خصائص النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-انعقاد نكاحه من غير صداق حالاً ولا مآلاً لا بدخول ولا بموت وليس المراد حقيقة الهبة إذ الحر لا يملك نفسه وليس له فيها تصرف ببيع ولا هبة ولكونه من الخصائص عدل عن لفظة الهبة إلى قوله زوّجنيها (إن لم يكن لك بها حاجة) أي إذا لم لأنه لا يظن بالصحابي أن يسأل في مثل هذا إلا بعد أن يكون علم بقرينة الحال أنه لا حاجة له -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بها (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(عندك شيء تصدقها) بسكون الصاد المهملة أي تمهرها (قال: لا). شيء عندي (قال) عليه الصلاة والسلام له: (انظر) شيئًا تصدقها إياه (فذهب) الرجل (ثم رجع فقال: والله) يا رسول الله (إن) أي ما (وجدت شيئًا. قال) عليه الصلاة والسلام: (اذهب فالتمس) أي اطلب وحصل (ولو) كان الملتمس (خاتمًا من حديد) فاصدقها إياه أو فإنه حسن أو جائز بحذف كان واسمها وجواب لو أيضًا قيل، وفي ذكر الحديد دلالة على جواز التختم به وتعقب بأنه لا يلزم من جواز الاتخاذ جواز اللبس، فيحتمل أنه أراد وجوده لتنتفع المرأة بقيمته (فذهب ثم رجع قال: لا والله ولا خاتمًا من حديد) قال الزركشي: بنصب خاتمًا عطفًا على قوله التمس ولو خاتمًا أي ما وجدت شيئًا ولا خاتمًا، وتعقبه البدر الدماميني فقال: هذا كلام عجيب لا يحتاج رده إلى إيضاح وإنما خاتمًا معطوف على منصوب مقدر أي ما وجدت غير خاتم ولا خاتمًا (وعليه إزار ما عليه رداء فقال) يا رسول الله (أصدقها). بضم الهمزة والقاف بينهما صاد ساكنة فدال مكسورة (إزاري فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إزارك) رفع على الابتداء وخبره جملة قوله (إن لبسته) أي المرأة (لم يكن عليك منه شيء
وإن لبسته) أنت (لم يكن عليها منه شيء. فتنحى الرجل فجلس فرأه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- موليًا فأمر به فدُعِيَ فقال: ما معك من القرآن؟ قال: سورة كذا وكذا السور عددها) ولأبي ذر عدّها بإسقاط الدال الثانية في النسائي وأبي داود من حديث عطاء عن أبي هريرة البقرة أو التي تليها، وفي الدارقطني عن ابن مسعود البقرة وسور من المفصل، وإتمام الرازي عن أبي أمامة قال: زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجلاً من الأنصار على سبع سور وفي رواية أبي عمرو بن حيوة عن ابن عباس قال: معي أربع سور أو خمس سور (قال) عليه الصلاة والسلام: (قد ملكتها بما معك من القرآن) بفتح الميم وكافين. قال الدارقطني: إنها وهم والصواب زوّجتكها كما في الرواية الأخرى، وجمع النووي باحتمال صحة اللفظين ويكون جرى