حماد وكان
يشك في وصله، وذهب الشافعي إلى أنه لا يعتق على المرء إلا أصوله ذكورًا وإناثًا وإن علوا وفروعه كذلك وإن سفلوا لا لهذا الدليل بل لأدلة أخرى منها قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لن يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكًا فيشتريه فيعتقه" رواه مسلم وقال تعالى: {وقالوا اتخذ الرحمن ولدًا سبحانه بل عباد مكرمون} [الأنبياء: ٢٦] دل على نفي اجتماع الولدية والعبدية وهذا مذهب مالك أيضًا لكنه زاد الأخوة حتى من الأم وإنما خالف الشافعية في الأخوة لقصة عقيل وعليّ كما مرّ على ما لا يخفى.
وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في الجهاد والمغازي.
١٢ - باب عِتْقِ الْمُشْرِكِ
(باب) حكم (عتق المشترك) المصدر مضاف إلى الفاعل.
٢٥٣٨ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ أَخْبَرَنِي أَبِي "أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ -رضي الله عنه- أَعْتَقَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِائَةَ رَقَبَةٍ، وَحَمَلَ عَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ. فَلَمَّا أَسْلَمَ حَمَلَ عَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ وَأَعْتَقَ مِائَةَ رَقَبَةٍ. قَالَ: فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَصْنَعُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا -يَعْنِي أَتَبَرَّرُ بِهَا- قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ".
وبه قال: (حدّثنا عبيد بن إسماعيل) بضم العين مصغرًا غير مضاف واسمه في الأصل عبد الله أبو محمد القرشي الكوفي قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن هشام) قال: (أخبرني) بالإفراد (أبي) عروة بن الزبير بن العوّام (أن حكيم بن حزام) بكسر الحاء المهملة وبالزاي وحكيم بفتح المهملة وكسر الكاف ابن خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشي الأسدي ابن أخي خديجة أم المؤمنين أسلم يوم الفتح وصحب وله أربع وسبعون سنة (-رضي الله عنه- أعتق في الجاهلية) وهو مشرك (مائة رقبة وحمل على مائة بعير فلما أسلم حمل على مائة بعير وأعتق مائة رقبة) في الحج لما روي أنه حج في الإسلام ومعه مائة بدنة قد جللها بالحبرة ووقف بمائة عبد وفي أعناقهم أطواق الفضة فنحر وأعتق الجميع وظاهر قوله: أن حكيم بن حزام الإرسال لأن عروة لم يدرك زمن ذلك، لكن بقية الحديث أوضحت الوصل وهي قوله (قال) أي حكيم (فسألت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقلت يا رسول الله أرأيت)؟ أي أخبرني (أشياء كنت أصنعها في الجاهلية كنت أتحنث بها) بالحاء المهملة المفتوحة والنون المشددة والمثلثة قال هشام بن عروة (يعني أتبرر) بالموحدة والراءين المهملتين أولاهما مشددة أي أطلب (بها) البرّ والإحسان إلى الناس والتقرّب إلى الله تعالى (قال) حكيم (فقال) لي (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(أسلمت على ما سلف لك من خير) ليس المراد به صحة التقرب في حال الكفر بل إذا أسلم ينتفع بذلك الخير الذي فعله أو أنك بفعل ذلك اكتسبت طباعًا جميلة فانتفعت بتلك الطباع في
الإسلام وتكون تلك العادة قد مهدت لك معونة على فعل الخير أو أنك ببركة فعل الخير هديت إلى الإسلام لأن المبادي عنوان الغايات.
وهذا الحديث قد سبق في باب من تصدق في الشرك ثم أسلم من كتاب الزكاة.
١٣ - باب مَنْ مَلَكَ مِنَ الْعَرَب رَقِيقًا فَوَهَبَ وَبَاعَ وَجَامَعَ وَفَدَى وَسَبَى الذُّرِّيَّة
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَىْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [النحل: ٧٥].
(باب من ملك من العرب رقيقًا فوهب وباع وجامع وفدى) حذف مفعولات الأربعة للعلم بها ثم عطف على قوله ملك قوله (وسبى الذرية) قال في الصحاح الذرية نسل الثقلين يقال: ذرأ الله الخلق أي خلقهم إلا أن العرب تركت همزها، والمراد الصبيان والعرب هم الجيل المعروف من الناس وهم سكان الأمصار أو عام والأعرابي منهم سكان البادية خاصة ولا واحد له من لفظه ويجمع على أعاريب. قال في القاموس: والعربة محركة ناحية قرب المدينة وأقامت قريش بعربة فنسب العرب إليها هي باحة العرب وباحة دار أبي الفصاحة إسماعيل عليه الصلاة والسلام.
وقد ساق المؤلّف هنا أربعة أحاديث دالّة على ما ترجم به إلا البيع لكن في بعض حديث أبي هريرة ذكره كما سيأتي إن شاء الله تعالى (وقوله تعالى) بالجرّ عطفًا على قوله. من ملك ({ضرب الله مثلاً عبدًا}) ولأبي ذر وقول الله تعالى عبدًا ({مملوكًا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منّا رزقًا حسنًا فهو ينفق منه سرًّا وجهرًا هل يستوون}) قال العوفيّ عن ابن عباس هذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن واختاره ابن جرير، فالعبد المملوك الذي لا يقدر على شيء مثل الكافر والمرزوق الرزق الحسن مثل المؤمن. وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: هل مثل مضروب للوثن وللحق تعالى أي مثلكم في إشراككم بالله الأوثان مثل من سوّى بين عبد مملوك عاجز عن التصرف وبين حرّ مالك قد رزقه الله مالاً فهو