للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(اركبها ويلك) نصب أبدًا على المفعول المطلق بفعل من معناه محذوف وجوبًا أي ألزمه الله ويلاً وهي كلمة تقال لمن وقع في الهلاك أو لمن يستحقه أو هي بمعنى الهلاك أو مشقة العذاب أو الحزن أو واد في جهنم أو بئر أو باب لها أقوال، فيحتمل إجراؤها على هذا المعنى هنا لتأخر المخاطب عن امتثال أمره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لقول الراوي (في) المرة (الثالثة أو في) المرة (الثانية) ولأبي ذر ويلك في الثانية أو الثالثة والشك من الراوي قال القرطبي وغيره أي ويلك تأديبًا لأجل مراجعته له مع عدم خفاء الحال عليه. ويحتمل أن لا يراد بها موضوعها الأصلي ويكون مما جرى على لسان العرب في المخاطبة من غير قصد لموضوعه كما في: تربت يداك ونحوه، وقيل كان أشرف على هلكة من الجهد وويل كلمة تقال لمن وقع في هلكة كما مر فالمعنى أشرفت على الهلاك فاركب فعلى هذا هي إخبار.

١٦٩٠ - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ وَشُعْبَةُ قَالَا حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَالَ: ارْكَبْهَا. قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ: ارْكَبْهَا.

قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ: ارْكَبْهَا. ثَلَاثًا". [الحديث ١٦٩٠ - طرفاه في: ٢٧٥٤، ٦١٥٩].

وبه قال (حدّثنا مسلم بن إبراهيم) الفراهيدي الأزدي قال: (حدّثنا هشام) هو ابن أبي عبد الله سنبر بمهملة ثم نون ثم موحدة بوزن جعفر الدستوائي بفتح الدال وسكون السين المهملتين وفتح المثناة ثم مد ثقة ثبت قدمه أحمد على الأوزاعي وعلى أصحاب يحيى بن أبي كثير وعلى أصحاب قتادة وكان شعبة يقول: هو أحفظ مني، وكان القطان يقول: إذا سمعت الحديث من هشام الدستوائي لا تبالي أن لا تسمعه من غيره ومع هذا فقال محمد بن سعد: كان ثقة حجة إلا أنه يرى القدر، وقال العجلي: ثقة ثبت في الحديث إلا أنه كان يرى القدر ولا يدعو إليه لكن احتج به الأئمة. (وشعبة بن الحجاج) بن الورد العتكي الواسطي ثم البصري (قالا: حدّثنا قتادة) بن دعامة السدوسي البصري (عن أنس) وعند الإسماعيلي: سمعت أنس بن مالك (-رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى رجلاً يسوق بدنة فقال:) ولأبي ذر: قال:

(اركبها) (قال) الرجل (إنها بدنة قال:) عليه الصلاة والسلام: (اركبها ثلاثًا) أي قالها ثلاث مرات، وفي رواية أبي ذر فقال: اركبها ثلاثًا فسقط عنده ما ثبت عند الباقين قال إنها بدنة قال اركبها قال إنها بدنة قال اركبها وقد وافق الباقين على إثبات ذلك أبو مسلم الكجي في السنن عن مسلم بن إبراهيم شيخ المؤلّف فيه، وأخرجه الإسماعيلي عن مسلم كذلك لكن قال في آخره ويلك بدل ثلاثًا، وللترمذي فقال له في الثالثة أو الرابعة: اركبها ويحك أو ويلك وهو في البخاري في باب: هل ينتفع الواقف بوقفه كذلك.

١٠٤ - باب مَنْ سَاقَ الْبُدْنَ مَعَهُ

(باب من ساق البدن) التي للهدي (معه) من الحل إلى الحرم.

١٦٩١ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ "تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، وَأَهْدَى فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَكَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى فَسَاقَ الْهَدْيَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ. فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ قَالَ لِلنَّاسِ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِشَىْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلْيُقَصِّرْ وَلْيَحْلِلْ ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَطَافَ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ، وَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ أَوَّلَ شَىْءٍ. ثُمَّ خَبَّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ وَمَشَى أَرْبَعًا، فَرَكَعَ حِينَ قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ فَانْصَرَفَ فَأَتَى الصَّفَا فَطَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَطْوَافٍ ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ

مِنْ شَىْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ وَأَفَاضَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، وَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ أَهْدَى وَسَاقَ الْهَدْيَ مِنَ النَّاسِ".

وبالسند قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير ونسبه لجده لشهرته به المخزومي مولاهم المصري بالميم قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين بن خالد بن عقيل بفتح العين الأيلي بفتح الهمزة وسكون التحتية (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن سالم بن عبد الله) بن عمر بن الخطاب (أن) أبان (ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: تمتع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج) التمتع بلغة القرآن الكريم وعرف الصحابة أعم من القِران كما ذكره غير واحد وإذا كان أعم منه احتمل أن يراد به الفرد المسمى بالقران في الاصطلاح الحادث وأن يراد به المخصوص باسم التمتع في ذلك الاصطلاح، لكن يبقى النظر في أنه أعم في عرف الصحابة أم لا ففي الصحيحين عن سعيد بن المسيب. قال اجتمع علي وعثمان بعسفان فكان عثمان ينهى عن المتعة فقال عليّ: ما تريد إلى أمر فعله رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تنهى عنه؟ فقال عثمان: دعنا منك. فقال إني لا أستطيع أن أدعك فلما رأى عليّ ذلك أهل بهما جميعًا، فهذا يبين أنه عليه الصلاة والسلام كان قارنًا ويفيد أيضًا أن الجمع بينهما تمتع فإن عثمان كان ينهى عن المتعة وقصد عليّ إظهار مخالفته تقديرًا لما فعله عليه الصلاة والسلام وأنه لم ينسخ فقرن، وإنما تكون مخالفة إذا كانت المتعة التي نهى عنها عثمان فدلّ على الأمرين اللذين عيناهما وتضمن اتفاق عليّ وعثمان على أن القران من مسمى التمتع وحينئذٍ يجب حمل قول ابن عمر: تمتع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

<<  <  ج: ص:  >  >>