وفي حديث أن عند مسلم مرفوعًا: يبقى من الجنة ما شاء الله ثم ينشئ الله لها خلقًا مما يشاء، وفي رواية له ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقًا فيسكنهم فضل الجنة.
٢ - باب: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾
(باب ﴿وسبح﴾) ولغير أبي ذر: فسبح بالفاء والموافق للتنزيل الأول (﴿بحمد ربك﴾) أي نزهه واحمده حيث وفقك لتسبيحه فالمفعول محذوف للعلم به أي نزّه الله بحمد ربك أي متلبسًا أو مقترنًا بحمد ربك وأعاد الأمر بالتسبيح في قوله: (﴿ومن الليل فسبحه﴾) للتأكيد أو الأول بمعنى الصلاة والثاني بمعنى التنزيه والذكر (﴿قبل طلوع الشمس﴾) صلاة الصبح (﴿وقبل الغروب﴾) [ق: ٣٩] العصر، وقيل قبل الطلوع الصبح وقبل الغروب الظهر والعصر ومن الليل العشاءان والتهجد.
٤٨٥١ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ؛ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا لَيْلَةً مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَقَالَ: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ، كَمَا تَرَوْنَ هَذَا لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا». ثُمَّ قَرَأَ ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾ [ق: ٢٩].
وبه قال: (حدّثنا إسحاق بن إبراهيم) بن راهويه (عن جرير) هو ابن عبد الحميد (عن إسماعيل) بن أبي خالد البجلي الكوفي (عن قيس بن أبي حازم) بالحاء المهملة والزاي البجلي (عن جرير بن عبد الله) البجلي ﵁ أنه (قال: كنا جلوسًا ليلة مع النبي ﷺ فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة) بسكون الشين (فقال):
(إنكم سترون ربكم) ﷿ (كما ترون هذا) القمر رؤية محققة لا تشكّون فيها و (لا تضامون في رؤيته) بضم الفوقية وفتح الضاد المعجمة وتخفيف الميم لا ينالكم ضيم في رؤيته تعب أو ظلم فيراه بعضكم دون بعض بأن يدفعه عن الرؤية ويستأثر بها بل تشتركون في رؤيته فهو تشبيه للرؤية بالرؤية لا المرئي بالمرئي (فإن استطعتم أن لا تغلبوا) بضم أوله وفتح ثالثه بالاستعداد بقطع أسباب الغلبة المنافية للاستطاعة كالنوم المانع (عن) وللحموي والمستملي: على (صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا) عدم المغلوبية التي لازمها الصلاة كأنه قال: صلوا في هذين الوقتين (ثم قرأ) ﵊ (﴿وسبح﴾) بالواو كالتنزيل ولأبي ذر: فسبح (﴿بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب﴾) وفضيلة الوقتين معروفة إذ فيهما ارتفاع الأعمال مع ما يشعر به سياق الحديث من النظر إلى وجه الله تعالى للمحافظ عليهما.
والحديث قد مرّ في باب فضل صلاة العصر من كتاب الصلاة.
٤٨٥٢ - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَرَهُ أَنْ يُسَبِّحَ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا يَعْنِي قَوْلَهُ: ﴿وَأَدْبَارَ السُّجُودِ﴾ [ق: ٤٠].
وبه قال: (حدّثنا آدم) بن أبي إياس واسمه عبد الرحمن قال: (حدّثنا ورقاء) بفتح الواو وسكون الراء وبالقاف مهموز ممدود ابن عمر اليشكري (عن ابن أبي نجيح) عبد الله واسم أبي نجيح يسار بالسين المهملة المخففة بعد التحتية المكي (عن مجاهد) هو ابن جبر أنه قال: (قال ابن عباس: أمره) ﵊ ربه تعالى (أن يسبح) ينزّه ربه ﷿ (في أدبار الصلوات كلها يعني قوله ﴿وأدبار السجود﴾) وقيل: أدبار السجود النوافل بعد المكتوبات وقيل الوتر بعد العشاء.
[٥١] سورة وَالذَّارِيَاتِ
بسم الله الرحمن الرحيم. قَالَ عَلِيٌّ ﵇ ﴿الذَّارِيَاتِ﴾: الرِّيَاحُ. وَقَالَ غَيْرُهُ ﴿تَذْرُوهُ﴾: تُفَرِّقُهُ. ﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾: تَأْكُلُ وَتَشْرَبُ فِي مَدْخَلٍ وَاحِدٍ وَيَخْرُجُ مِنْ مَوْضِعَيْنِ. ﴿فَرَاغَ﴾: فَرَجَعَ. ﴿فَصَكَّتْ﴾: فَجَمَعَتْ أَصَابِعَهَا، فَضَرَبَتْ جَبْهَتَهَا. وَ ﴿الرَّمِيمُ﴾: نَبَاتُ الأَرْضِ إِذَا يَبِسَ وَدِيسَ. ﴿لَمُوسِعُونَ﴾: أَيْ لَذُو سَعَةٍ. وَكَذَلِكَ عَلَى ﴿الْمُوسِعِ قَدَرُهُ﴾: يَعْنِي الْقَوِيَّ. ﴿زَوْجَيْنِ﴾: الذَّكَرَ وَالأُنْثَى. ﴿وَاخْتِلَافُ﴾ الأَلْوَانِ: حُلْوٌ وَحَامِضٌ، فَهُمَا زَوْجَانِ. ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ﴾: مِنَ اللَّهِ إِلَيْهِ. ﴿إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾: مَا خَلَقْتُ أَهْلَ السَّعَادَةِ مِنْ أَهْلِ الْفَرِيقَيْنِ إِلاَّ لِيُوَحِّدُونِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: خَلَقَهُمْ لِيَفْعَلُوا، فَفَعَلَ بَعْضٌ، وَتَرَكَ بَعْضٌ، وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ لأَهْلِ الْقَدَرِ. وَالذَّنُوبُ: الدَّلْوُ الْعَظِيمُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ ﴿ذَنُوبًا﴾: سَبِيلًا. ﴿صَرَّةٍ﴾: صَيْحَةٍ. ﴿الْعَقِيمُ﴾: الَّتِي لَا تَلِدُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﴿وَالْحُبُكُ﴾: اسْتِوَاؤُهَا، وَحُسْنُهَا. ﴿فِي غَمْرَةٍ﴾: فِي ضَلَالَتِهِمْ يَتَمَادَوْنَ. وَقَالَ غَيْرُهُ ﴿تَوَاصَوْا﴾: تَوَاطَؤُوا. وَقَالَ غَيْرُهُ: ﴿مُسَوَّمَةً﴾: مُعَلَّمَةً، مِنَ السِّيمَا. ﴿قُتِلَ الإِنسَانُ﴾: لُعِنَ.
([٥١] سورة وَالذَّارِيَاتِ)
مكية وآيها ستون، ولأبي ذر سورة والذاريات.
(بسم الله الرحمن الرحيم) وسقطت البسملة لغير أبي ذر.
(قال عليّ ﵇ كذا في الفرع كأصله ككثير من النسخ وهو وإن كان معناه صحيحًا لكن ينبغي أن يساوى بين الصحابة في ذلك إذ هو من باب التعظيم، والشيخان وعثمان أولى بذلك منه، فالأولى الترضي، فقد قال الجويني: السلام كالصلاة فلا يستعمل في الغائب ولا يفرد به غير الأنبياء وسواء في هذا الأحياء والأموات وأما الحاضر فيخاطب به. اهـ.
(﴿الذاريات﴾: الرياح) التي تذرو التراب ذروًا، وهذا وصله الفريابي، وسقط لغير أبي ذر لفظ: الذاريات، وقيل: الذاريات النساء الولود فإنهن يذرين الأولاد.
(وقال غيره): غير عليّ (﴿تذروه﴾) في قوله تعالى: ﴿تذروه الرياح﴾ [الكهف: ٤٥] بالكهف. معناه (تفرقه) ذكره شاهدًا لسابقه.
(﴿وفي أنفسكم﴾) نسق على في الأرض فهو خبر عن آيات أيضًا والتقدير وفي الأرض وفي أنفسكم آيات (﴿أفلا تبصرون﴾) [الذاريات: ٢١]. قال الفراء: (تأكل وتشرب في مدخل واحد) الفم (يخرج من موضعين) القُبُل والدُّبُر.
(﴿فراغ﴾) أي (فرجع) قاله الفراء أيضًا وقيل ذهب في خفية من ضيفه فإن من أدب
المضيف أن يخفي أمره وأن يبادره بالقرى من غير أن يشعر