للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مصيرهم في الآخرة إليها وهو من تمام التعليل ({جزاء بما كانوا يكسبون}) [التوبة: ٩٥]. من النفاق ونصب جزاء على المصدر بفعل من لفظه مقدر أي يجزون جزاء وسقط قوله فأعرضوا عنهم الخ لأبي ذر وقال ابن حجر: سقط لكلام أي قوله: {سيحلفون بالله لكم} من رواية الأصيلي والصواب إثباتها.

٤٦٧٣ - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ تَبُوكَ وَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ بَعْدَ إِذْ هَدَانِي أَعْظَمَ مِنْ صِدْقِي رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ لَا أَكُونَ كَذَبْتُهُ فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أُنْزِلَ الْوَحْيُ {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ} -إِلَى قَوْلِهِ- {الْفَاسِقِينَ} [التوبة: ٩٥ - ٩٦].

وبه قال: (حدّثنا يحيى) هو ابن عبد الله بن بكير المخزومي المصري قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين ابن خالد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري (عن عبد الرحمن بن عبد الله أن) أباه (عبد الله بن كعب) ولغير أبي ذر زيادة ابن مالك (قال: سمعت) أبي (كعب بن مالك حين تخلف عن) غزوة (تبوك) غير منصرف يقول: (والله ما أنعم الله علي من نعمة بعد إذ هداني) وزاد في المغازي للإسلام، ولأبي ذر عن المستملي على عبد قال الحافظ ابن حجر: والأول هو الصواب (أعظم من صدقي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن لا أكون كذبته) لا زائدة والمعنى أن أكون كذبته. واستشكل كون أكون مستقبلاً وكذبت ماضيًا وأجيب بأن المستقبل في معنى الاستمرار المتناول للماضي فلا منافاة بينهما (فأهلك) بكسر اللام وتفتح والنصب أي فإن أهلك (كما هلك) أي كهلاك (الذين كذبوا حين أنزل الوحي) بقوله تعالى: ({سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم} -إلى قوله- {الفاسقين}) [التوبة: ٩٥ - ٩٦] الخارجين عن طاعته وطاعة رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وهذا الحديث قد ذكره المؤلّف في غزوة تبوك مطولاً.

٠٠ - باب قوله: {يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ} -إِلَى قَوْلِهِ- {الْفَاسِقِينَ} [التوبة: ٩٦]

(باب قوله) جل وعلا: ({يحلفون لكم لترضوا عنهم}) بحلفهم ({فإن ترضوا عنهم} -الى قوله- {الفاسقين}) [التوبة: ٩٦]. والمراد النهي عن الرضا عنهم. قال في المفاتح: لا تكرار في هذه المعاني لأن الأول يعني قوله: سيحلفون خطاب منافقي المدينة وهذه مع المنافقين من الأعراب.

وهذا الباب وتاليه ثابت لأبي ذر وحده من غير ذكر حديث ساقط لغيره.

١٥ - باب {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ١٠٢]

({وآخرون}) نسق على قوله منافقون أي وممن حولكم قوم آخرون غير المذكورين ولأبي ذر قوله: {وآخرون} ({اعترفوا}) أقروا ({بذنوبهم}) ولم يعتذروا من تخلفهم بالمعاذير الكاذبة ({خلطوا عملاً صالحًا وآخر سيئًا}) الجهاد والتخلف عنه أو إظهار الندم والاعتراف بآخر سيء وهو التخلف وموافقة أهل النفاق ومجرد الاعتراف ليس بتوبة لكن روي أنهم تابوا وكان الاعتراف مقدمة التوبة وكل منهما مخلوط بالآخر كقولك: خلطت الماء واللبن فكل مخلوط ومخلوط به الآخر، ولو قلت خلطت الماء باللبن كان الماء مخلوطًا واللبن مخلوطًا به وهو استعارة عن الجمع بينهما ({عسى الله أن يتوب عليهم}) جملة مستأنفة وعسى من الله واجب وإنما عبّر بها للإشعار

بأن ما يفعله تعالى ليس إلا على سبيل التفضل منه سبحانه حتى لا يتكل المرء بل يكون على خوف وحذر والمعنى: عسى الله أن يقبل توبتهم.

فإن قلت: كيف قال أن يتوب عليهم ولم يسبق للتوبة ذكر؟ أجيب: بأنه مدلول عليها بقوله اعترفوا بذنوبهم قاله في الأنوار كالكشاف.

({إن الله غفور رحيم}) [التوبة: ١٠٢] وسقط قوله خلطوا الخ لأبي ذر وقال بعد قوله بذنوبهم الآية. قال ابن كثير: وهذه الآية وإن كانت في أناس معينين إلا أنها عامة في كل المذنبين الخطّائين، وقد قال مجاهد نزلت في أبي لبابة لما قال لبني قريظة أنه الذبح وأشار بيده إلى حلقه.

قال ابن عباس في أبي لبابة وجماعة من أصحابه تخلفوا عن غزوة تبوك وقال بعضهم: أبو لبابة وخمسة معه، وقيل وسبعة، وقيل وتسعة، فلما رجع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من غزوته ربطوا أنفسهم بسواري المسجد وحلفوا لا يحلهم إلا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فلما أنزل الله الآية أطلقهم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعفا عنهم.

٤٦٧٤ - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَحَدَّثَنَا عَوْفٌ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَنَا: -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ فَابْتَعَثَانِي فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ، فَتَلَقَّانَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، قَالَا لَهُمُ: اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهْرِ فَوَقَعُوا فِيهِ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ، فَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ قَالَا لِي: هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ قَالَا: أَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنٌ وَشَطْرٌ مِنْهُمْ قَبِيحٌ فَإِنَّهُمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ».

وبه قال: (حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر: حدّثني (مؤمل) بضم الميم الأولى وفتح الثانية مشددة وقد تكسر بينهما همزة مفتوحة آخره لام زاد في غير رواية أبي ذر هو ابن هشام وهو اليشكري بتحتية ومعجمة أبو هشام البصري قال: (حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم) المعروف بابن علية اسم أمه الأسدي مولاهم البصري قال: (حدّثنا عوف) بفتح العين المهملة وسكون الواو آخره فاء

<<  <  ج: ص:  >  >>