قال: (بينا) بغير ميم (نحن في المسجد خرج رسول الله ﷺ) ولأبي ذر: النبي (ﷺ فقال):
(انطلقوا إلى يهود. فخرجنا معه) ﵊ (حتى جئنا بيت المدراس) بكسر الميم وسكون الدال المهملة وهو الذي يدرس فيه عالمهم التوراة (فقام النبي ﷺ فناداهم فقال: يا معشر يهود أسلموا) بكسر اللام (تسلموا) بفتحها الأول من الإسلام والثاني من السلامة (فقالوا: بلغت) الرسالة ولأبي ذر قد بلغت (يا أبا القاسم) ولم يذعنوا لطاعته (قال: فقال لهم رسول الله ﷺ: ذلك) أي إقراركم بالتبليغ (أريد) بضم الهمزة وكسر الراء أقصد وسقط لأبي ذر قوله لهم رسول الله إلى آخر التصلية: (أسلموا تسلموا. فقالوا: قد بلغت يا أبا القاسم. فقال لهم رسول الله ﷺ: ذلك أريد. ثم قالها) قال رسول الله ﷺ المقالة المذكورة المرة (الثالثة) وكرر للمبالغة في التبليغ ﴿وجادلهم بالتي هي أحسن﴾ [النحل: ١٢٥] (فقال) ﵊ لهم: (اعلموا أنما الأرض لله ورسوله) بفتح همزة أنما ولأبي ذر ولرسوله (وإني أريد أن أجليكم) بضم الهمزة وسكون الجيم وكسر اللام أطردكم (من هذه الأرض فمن وجد منكم بماله) الباء للبدلية أي بدل ماله (شيئًا فليبعه) جواب من أي من كان له شيء مما لا يمكن نقله فليبعه (وإلاّ) أي وإن لا تفعلوا ما قلت لكم (فاعلموا أنما الأرض لله ورسوله) يورثها للمسلمين.
ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة وسبق في الجزية من كتاب الجهاد.
١٩ - باب قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ [البقرة: ١٤٣]
وَمَا أَمَرَ النَّبِىُّ ﷺ بِلُزُومِ الْجَمَاعَةِ وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ
(باب قول الله تعالى: ﴿وكذلك جعلناكم أمة وسطًا﴾ [البقرة: ١٤٣]) خيارًا، وقيل للخيار وسط لأن الأطراف يتسارع إليها الخلل والأوساط محمية قال حبيب:
كانت هي الوسط المحميّ فاكتنفت … بها الحوادث حتى أصبحت طرفا
أو عدولاً لأن الوسط عدل بين الأطراف ليس إلى بعضها أقرب من بعض أي: ﴿جعلناكم أمة وسطًا﴾ بين الغلوّ والتقصير فإنكم لم تغلوا غلوّ النصارى حيث وصفوا المسيح بالألوهية ولم تقصروا تقصير اليهود حيث وصفوا مريم بالزنا وعيسى بأنه ولد الزنا، وسقط لفظ قوله تعالى لأبي ذر (وما أمر النبي ﷺ) أمته (بلزوم الجماعة وهم أهل العلم). المجتهدون.
٧٣٤٩ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يُجَاءُ بِنُوحٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ فَتُسْأَلُ أُمَّتُهُ هَلْ بَلَّغَكُمْ فَيَقُولُونَ مَا جَاءَنَا مِنْ نَذِيرٍ فَيَقُولُ مَنْ شُهُودُكَ فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ فَيُجَاءُ بِكُمْ فَتَشْهَدُونَ». ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ -قَالَ عَدْلاً- ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة: ١٤٣].
وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِهَذَا.
وبه قال: (حدّثنا إسحاق بن منصور) أبو يعقوب الكوسج المروزي قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة قال: (حدّثنا) ولأبي ذر قال أي قال أبو أسامة قال: (الأعمش) سليمان بن مهران قال: (حدّثنا أبو صالح) ذكوان الزيات (عن أبي سعيد الخدري) ﵁ أنه (قال: قال رسول الله ﷺ):
(يجاء بنوح) ﵇ بضم التحتية وفتح الجيم وفي تفسير سورة البقرة يدعى نوح (يوم القيامة فيقال له: هل بلغت)؟ رسالتي إلى قومك (فيقول: نعم يا رب) بلغتها (فتُسأل أمته) بضم الفوقية من فتسأل (هل بلغكم؟ فيقولون: ما جاءنا من نذير. فيقول) ﵎ له ولأبوي الوقت وذر فيقال (من شهودك)؟ الذين يشهدون لك أنك بلغتهم (فيقول) نوح يشهد لي (محمد وأمته فيجاء بكم) ولأبوي الوقت وذر فقال رسول الله ﷺ فيجاء بكم (فتشهدون) أنه بلغهم (ثم
قرأ رسول الله ﷺ: ﴿وكذلك جعلناكم أمة وسطًا﴾ -قال) في تفسير وسطًا أي (عدلاً) ﴿لتكونوا شهداء على الناس﴾ ولأبي ذر عدلاً إلى قوله: (﴿لتكونوا شهداء على الناس﴾) واللام في لتكونوا لام كي فتفيد العلية أو هي لام الصيرورة وأتى بشهداء الذي هو جمع شهيد ليدل على المبالغة دون شهيد وشهود جمعي شاهد وفي على قولان إنها على بابها وهو الظاهر أو بمعنى اللام بمعنى إنكم تنقلون إليهم ما علمتموه من الوحي والدين كما نقله الرسول ﷺ (﴿ويكون الرسول عليكم شهيدًا﴾ [البقرة: ١٤٣]) عطف على لتكونوا أي يزكيكم ويعلم بعدالتكم والشهادة قد تكون بلا مشاهدة كالشهادة بالتسامع في الأشياء المعروفة ولما كان الشهيد كالرقيب جيء بكلمة الاستعلاء، والاستدلال بالآية على أن الإجماع حجة لأن الله تعالى وصف الأمة بالعدالة والعدل هو المستحق للشهادة