للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خصه مالك بالسفر الذي تقصر فيه الصلاة، وحجته أن هذه الأحاديث إنما وردت في أسفاره عليه الصلاة

والسلام، ولم ينقل أنه سافر سفرًا قصيرًا فصنع ذلك، وحجة الجمهور مطلق الأخبار في ذلك.

وقال الحنفية: لا يجوز إلاّ على الأرض.

٨ - باب الإِيمَاءِ عَلَى الدَّابَّةِ

(باب الإيماء) في صلاة النفل (على الدابة) للركوع والسجود لمن لم يتمكن منهما.

١٠٩٦ - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: "كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ أَيْنَمَا تَوَجَّهَتْ يُومِئُ. وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَفْعَلُهُ".

وبه قال: (حدّثنا موسى) التبوذكي، ولأبي موسى بن إسماعيل (قال: حدّثنا عبد العزيز بن مسلم) القسملي (قال: حدّثنا عبد الله بن دينار) العدوي المدني (قال):

(كان عبد الله بن عمر) بن الخطاب (رضي الله عنهما، يصلّي) النفل (في السفر) حال كونه (على راحلته أينما توجهت) حال كونه (يومئ) بالهمزة، أي: يشير برأسه إلى الركوع والسجود من غير أن يضع جبهته على ظهر الراحلة. وكان يومئ للسجود أخفض من الركوع تمييزًا بينهما، وليكون البدل على وفق الأصل.

لكن ليس في هذا الحديث أنه، عليه السلام، فعل ذلك، ولا أنه لم يفعله.

نعم، في حديث جابر المروي في أبي داود والترمذي: بعثني رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، في حاجة، فجئت وهو يصلّي على راحلته نحو المشرق، والسجود أخفض من الركوع. قال الترمذي: حسن صحيح.

وإنما جاز ذلك في النافلة تيسيرًا لتكثيرها، فإن ما اتسع طريقه سهل فعله.

وللكشميهني وأبي الوقت: توجهت به يومئ.

(وذكر عبد الله) بن عمر (أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يفعله) أي: الإيماء الذي يدل عليه قوله: يومئ، وهذا الحديث تقدم في أبواب الوتر في باب: الوتر في السفر.

٩ - باب يَنْزِلُ لِلْمَكْتُوبَةِ

هذا (باب) بالتنوين (ينزل) الراكب (للمكتوبة) أي: لأجل صلاتها.

١٠٩٧ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّ عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ أَخْبَرَهُ قَالَ: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهْوَ عَلَى الرَّاحِلَةِ يُسَبِّحُ، يُومِئُ بِرَأْسِهِ قِبَلَ أَىِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ".

وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) بضم الموحدة وفتح الكاف (قال: حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين، ابن خالد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري (عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أن) أباه (عامر بن ربيعة أخبره، قال):

(رأيت رسول الله) ولأبي ذر: النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهو) أي: حال كونه (على الراحلة) حال كونه (يسبح) يصلّي النفل، حال كونه (يومئ برأسه) إلى الركوع والسجود، والسجود أخفض (قبل) بكسر القاف وفتح الموحدة، أي: مقابل (أي وجه توجه، ولم يكن رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يصنع ذلك في الصلاة) وللأصيلي: في صلاة (المكتوبة) أي: المفروضة.

قال الشيخ في الدين: قد يتمسك به على أن صلاة الفرض لا تصلّى على الراحلة، وليس بقوي في الاستدلال لأنه ليس فيه إلا ترك الفعل المخصوص، وليس الترك بدليل على الامتنّاع.

وقد يقال: إن دخول وقت الفريضة مما يكثر على المسافر، فترك الصلاة على الراحلة دائمًا مع فعل النوافل على الراحلة يشعر بالفرق بينهما في الجواز وعدمه. اهـ.

وقد حكى ابن بطال إجماع العلماء على: أنه لا يجوز لأحد أن يصلّي الفريضة على الدابة من غير عذر إلا ما ذكر من صلاة شدة الخوف.

١٠٩٨ - وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ سَالِمٌ: "كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ مِنَ اللَّيْلِ وَهْوَ مُسَافِرٌ، مَا يُبَالِي حَيْثُ مَا كَانَ وَجْهُهُ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُسَبِّحُ عَلَى الرَّاحِلَةِ قِبَلَ أَىِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَ، وَيُوتِرُ عَلَيْهَا، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ".

(وقال الليث) بن سعد، مما وصله الإسماعيلي (حدّثني يونس) بن يزيد (عن ابن شهاب) الزهري (قال: قال سالم) (كان عبد الله يصلّي) ولأبي ذر، والأصيلي: كان عبد الله بن عمر يصلّي (على دابته من الليل وهو مسافر) جملة حالية (ما يبالي حيث كان) كذا في رواية أبي ذر، والأصيلي والكشميهني ولغيرهم: حيثما كان (وجهه).

(قال ابن عمر) بن الخطاب:

(وكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يسبح) يصلّي النافلة (على الراحلة قبل) بفتح الموحدة بعد القاف المكسورة (أي وجه توجه؛ ويوتر عليها، غير أنه لا يصلّي عليها المكتوبة) أي: وهي سائرة.

فلو صليت على هودج عليها وهي واقفة صحت، وكذا لو كان في سرير يحمله رجال، وإن مشوا به بخلاف الدابة السائرة، لأن سيرها منسوب إليه، بدليل جواز الطواف عليها.

وفرق المتولي بينها وبين الرجال السائرين بالسرير بأن الدابة لا تكاد تثبت على حالة واحدة فلا تراعى الجهة، بخلاف الرجال. قال: حتى لو كان للدابة من يلزم لجامها ويسيرها بحيث لا تختلف الجهة جاز ذلك. اهـ.

١٠٩٩ - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ قَالَ: "حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَةَ نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ".

وبالسند إلى المؤلّف قال: (حدّثنا معاذ بن فضالة) بفتح الفاء والضاد المعجمة، الزهراني (قال: حدّثنا هشام) الدستواني (عن يحيى) بن

<<  <  ج: ص:  >  >>