(بالليل في السفر على ظهر راحلته حيث توجهت به) سقط قوله: به، عند الأصيلي.
١١٠٥ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُسَبِّحُ عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ، يُومِئُ بِرَأْسِهِ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ".
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع (قال: أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن) ابن شهاب (الزهري قال: أخبرني) بالإفراد، ولأبي ذر، والأصيلي: أخبرنا (سالم بن عبد الله عن ابن عمر) بضم العين (رضي الله عنهما).
(أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يسبح) أي: يتنفل (على ظهر راحلته حيث كان وجهه) حال كونه (يومئ برأسه) إلى الركوع والسجود، وهو أخفض.
وهذا لا ينافي ما مر من قوله: لم يسبح إذ معناه: لم أره يصلّي النافلة على الأرض في السفر، لأنه روي أنه عليه الصلاة والسلام كان يقوم جوف الليل في السفر، ويتهجد فيه، فغير ابن عمر رآه، فيقدم المثبت على النافي، ويحتمل أنه تركه، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لبيان التخفيف في نفل السفر.
(وكان ابن عمر يفعله) عقب المرفوع بالموقوف إشارة إلى أن العمل به مستمر لم يلحقه معارض ولا ناسخ.
١٣ - باب الْجَمْعِ فِي السَّفَرِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ
(باب الجمع في السفر) الطويل لا القصير (بين المغرب والعشاء) والظهر والعصر، لا الصبح مع غيرها، والعصر مع المغرب، لعدم وروده، ولا في القصير لأن ذلك إخراج عبادة عن وقتها، فاختص بالطويل. ولو لمكي، لأن الجمع للسفر لا للنسك، ويكون تقديمًا وتأخيرًا، فيجوز في الجمعة والعصر تقديمًا، كما نقله الزركشي واعتمده، لا تأخيرًا، لأن الجمعة لا يتأتى تأخيرها عن وقتها، ولا تجمع المتحيرة تقديمًا.
والأفضل تأخير الأولى إلى الثانية للسائر وقت الأولى، ولمن بات بمزدلفة، وتقديم الثانية إلى الأولى للنازل في وقتها، والواقف بعرفة، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وإلى جواز الجمع ذهب كثير من الصحابة والتابعين، ومن الفقهاء: الثوري، والشافعي وأحمد، إسحاق وأشهب.
ومنعه قوم مطلقًا إلا بعرفة: فيجمع بين الظهر والعصر، ومزدلفة: فيجمع بين المغرب والعشاء، وهو قول الحسن، والنخعي وأبي حنيفة وصاحبيه.
وقال المالكية: يختص بمن يجد في السير، وبه قال الليث.
وقيل: يختص بالسائر دون النازل، وهو قول ابن حبيب.
وقيل: يختص بمن له عذر وحكي عن الأوزاعي.
وقيل: يجوز جمع التأخير دون التقديم، وهو مروي عن مالك وأحمد، واختاره ابن حزم.
١١٠٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ".
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني (قال: حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال: سمعت) محمد بن مسلم بن شهاب (الزهري، عن سالم، عن أبيه) عبد الله بن عمر بن الخطاب (قال):
(كان النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يجمع بين المغرب والعشاء) جمع تأخير (إذا جد به السير) أي: اشتد أو عزم وترك الهوينا.
ونسبة السير إلى الفعل مجاز، وإنما اقتصر ابن عمر على ذكر المغرب والعشاء، دون جمع الظهر والعصر، لأن الواقع له جمع المغرب والعشاء، وهو ما سئل عنه، فأجاب به حين استصرخ
على امرأته صفية بنت عبيد، فاستعجل، فجمع بينهما جمع تأخير كما سبق في باب: يصلّي المغرب ثلاثًا.
والحديث أخرجه مسلم في الصلاة وكذا النسائي.
١١٠٧ - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنِ الْحُسَيْنِ الْمُعَلِّمِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَجْمَعُ بَيْنَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إِذَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ سَيْرٍ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ".
(وقال إبراهيم بن طهمان) مما وصله البيهقي (عن الحسين) بالتعريف، ابن ذكوان العوذي ولأبوي ذر، والوقت والأصيلي: عن حسين (المعلم) بكسر اللام المشددة من التعليم (عن يحيى بن أبي كثير) بالمثلثة (عن عكرمة) مولى ابن عباس (عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال):
(كان رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يجمع بين صلاة الظهر والعصر) جمع تأخير (إذا كان على ظهر سير) بإضافة ظهر إلى سير، وللأصيلي: وابن عساكر، وأبي الوقت، وأبي ذر عن الكشميهني: ظهر، بالتنوين يسير، بلفظ المضارع، أي: حال كونه يسير.
وعزا في الفتح الأولى للأصيلي، والثانية للكشميهني، ولفظ: ظهر، مقحم كقوله: "الصدقة عن ظهر غنى".
وقد يزاد في مثل هذا الكلام اتساعًا كأن السير مستند إلى ظهر قوي من المطي مثلاً؛ وفيه جناس التحريف، بين الظهر والظهر.
(ويجمع بين المغرب والعشاء).
١١٠٨ - وَعَنْ حُسَيْنٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَجْمَعُ بَيْنَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي السَّفَرِ".
وَتَابَعَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ وَحَرْبٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ حَفْصٍ عَنْ أَنَسٍ "جَمَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-". [الحديث ١١٠٨ - طرفه في: ١١١٠].
(و) قال، إبراهيم بن طهمان (عن حسين) المعلم كما جزم به أبو نعيم، أو هو تعليق عن الحسين، لا بقيد كونه من رواية ابن طهمان (عن يحيى بن أبي كثير، عن حفص بن عبيد الله بن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال):
(كان النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يجمع بين صلاة المغرب والعشاء في السفر) لم يقيده بجد في السير ولا بعدمه، لكن من يشترط الجد فيه يقول هو: