للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعالى عن المسلمين القائمين بحق الله فيها؟ انتهى.

١٦ - باب مَا ذُكِرَ فِي ذَهَابِ مُوسَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْبَحْرِ إِلَى الْخَضِرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا)

(باب ما ذكر في ذهاب موسى) بن عمران زاد الأصيلي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) المتوفى وعمره مائة وستون سنة فيما قاله الفربري في التيه فى سابع آذار لمضي ألف سنة وستمائة وعشرين سنة من الطوفان (في البحر إلى الخضر) عليهما السلام بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين، وقد تسكن الضاد مع كسر الخاء وفتحهما، وكنيته أبو العباس. واختلف في اسمه كأبيه وهل هو نبي أو رسول أو ملك؟ وهل هو حيّ أو ميت؟ فقال ابن قتيبة: اسمه بليا بفتح الموحدة وسكون اللام وبمثناة تحتية ابن ملكان بفتح الميم وسكون اللام، وقيل: إنه ابن فرعون صاحب موسى وهو غريب جدًّا، وقيل: ابن مالك وهو أخو إلياس، وقيل ابن آدم لصلبه رواه ابن عساكر بإسناده إلى الدارقطني. والصحيح أنه نبي معمر محجوب عن الأبصار وأنه باقٍ إلى يوم القيامة لشربه من ماء الحياة وعليه الجماهير واتفاق الصوفية وإجماع كثير من الصالحين، وأنكر جماعة حياته منهم: المؤلف وابن المبارك والحربي وابن الجوزي، ويأتي ما في ذلك من المباحث إن شاء الله تعالى، وظاهر التبويب أن موسى عليه الصلاة والسلام ركب البحر لما توجه في طلب الخضر واستشكل فإن الثابت عند المصنف وغيره أنه إنما ذهب في البر وركب البحر في السفينة مع الخضر بعد اجتماعهما. وأجيب: بأن مقصود الذهاب إنما حصل بتمام القصة، ومن تمامها أنه ركب مع الخضر البحر فأطلق على جميعها ذهابًا مجازًا من إطلاق اسم الكل على البعض، أو من قبيل تسمية السبب باسم ما تسبب عنه. وعند عبد بن حميد عن أبي العالية أن موسى التقى بالخضر في جزيرة من جزائر البحر، ولا ريب أن التوصل إلى جزيرة البحر لا يقع إلا بسلوك البحر غالبًا، وعنده من طريق الربيع بن أنس قال: انجاب الماء عن مسلك الحوت فصار طاقة مفتوحة فدخلها موسى على إثر الحوت حتى انتهى إلى الخضر، فهذا يوضح أنه ركب البحر إليه، وهذان الأثران الموقوفان رجالهما ثقات.

(و) باب (قوله تعالى {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَن}) أي على شرط أن تعلمني وهو في موضع الحال من الكاف (الآية) بالنصب بتقدير، فذكر على المفعولية وزاد الأصيلي في روايته باقي الآية وهو

قوله: {مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: ٦٦] أي علمًا ذا رشد وهو إصابة الخير، وقرأ يعقوب وأبو عمرو والحسن واليزيدي بفتح الراء والشين والباقون بضم الراء وسكون الشين، وهما لغتان كالبخل والبخل وهو مفعول تعلمني ومفعول علمت العائد محذوف، وكلاهما منقول من علم الذي له مفعول واحد، ويجوز أن يكون علة لأتبعك أو مصدرًا بإضمار فعله، ولا ينافي نبوّته وكونه صاحب شريعة أن يتعلم من غيره ما لم يكن شرطًا في أبواب الدين، فإن الرسول ينبغي أن يكون أعلم ممن أرسل إليه فيما بعث به من أصول الدين وفروعه لا مطلقًا، وكأنه راعى في ذلك غاية الأدب والتواضع فاستجهل نفسه واستأذن أن يكون تابعًا له وسأل منه أن يرشده وينعم عليه بتعليم بعض ما أنعم الله عليه قاله البيضاوي.

٧٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غُرَيْرٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالْحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ الْفَزَارِيُّ فِي صَاحِبِ مُوسَى، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ خَضِرٌ. فَمَرَّ بِهِمَا أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنِّي تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِي هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى الَّذِي سَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَذْكُرُ شَأْنَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-يَذْكُرُ شَأْنَهُ يَقُولُ: «بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إذ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ قَالَ مُوسَى: لَا. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى: بَلَى عَبْدُنَا خَضِرٌ. فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الْحُوتَ آيَةً، وَقِيلَ لَهُ إِذَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَارْجِعْ فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ. وَكَانَ يَتَّبِعُ أَثَرَ الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ. فَقَالَ لِمُوسَى فَتَاهُ: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ، وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَاّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ. قَالَ: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي، فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا، فَوَجَدَا خَضِرًا، فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا الَّذِي قَصَّ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي كِتَابِهِ». [الحديث ٧٤ - أطرافه في: ٧٨، ١٢٢، ٢٢٦٧، ٢٧٢٨، ٣٢٧٨، ٣٤٠٠، ٣٤٠١، ٤٧٢٥، ٤٧٢٦، ٤٧٢٧، ٦٦٧٢، ٧٤٧٨].

وبالسند إلى المؤلف قال (حدّثني) بالإفراد وللأصيلي وابن عساكر حدّثنا (محمد بن غرير) بغين معجمة مضمومة وراء مكررة الأولى منهما مفتوحة بينهما مثناة تحتية ساكنة ابن الوليد القرشي (الزهري) المدني نزيل سمرقند (قال: حدّثنا يعقوب بن إبراهيم) بن سعد القرشي المدني الزهري سكن بغداد وتوفي بها في شوّال سنة ثمان ومائتين (قال: حدّثني) بالإفراد، وللأصيلي وابن عساكر حدّثنا (أبي) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (عن صالح) أي ابن كيسان بفتح الكاف المدني التابعي، المتوفى وهو ابن مائة سنة ونيف وستين سنة (عن ابن شهاب) الزهري أنه (حدث) وفي رواية الحموي والمستملي حدّثه (أن عبيد الله) بالتصغير (ابن عبد الله) بالتكبير ابن عتبة أحد الفقهاء السبعة (أخبره عن ابن عباس) عبد الله رضي الله عنهما.

(أنه تمارى) أي تجادل وتنازع (هو) أي ابن عباس (والحرّ) بضم الحاء المهملة وتشديد الراء (ابن قيس) بفتح القاف وسكون المثناة التحتية آخره مهملة (ابن حصن) بكسر الحاء وسكون الصاد المهملتين

<<  <  ج: ص:  >  >>