للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(انزل فاجدح لنا) وفي رواية شعبة عن الشيباني عن أحمد فدعا صاحب شرابه بشراب، وهو يؤيد كونه بلالاً فإنه هو المعروف بخدمته عليه الصلاة والسلام لا سيما وفي رواية أبي داود بلفظ: يا بلال انزل فاجدح لنا (قال يا رسول الله وأمسيت؟ قال): (أنزل فاجدح لنا) (قال يا رسول الله أن عليك نهارًا قال): (انزل فاجدح لنا) (فنزل) ولأبي الوقت قال فنزل (فجدح) زاد في الباب السابق فشرب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (ثم قال): (إذا رأيتم الليل يقبل من هاهنا فقد أفطر الصائم) (وأشار) عليه الصلاة والسلام (بإصبعه قبل المشرق) بكسر القاف وفتح الموحدة أي جهة المشرق.

ومطابقته للترجمة من جهة أن الجدح تحريك السويق بالماء وهو مشتمل على الماء وغيره، وفي الترمذي وغيره وصححوه: إذا كان أحدكم صائمًا فليفطر على التمر فإن لم يجد التمر فعلى الماء فإنه طهور.

وروى الترمذي وحسنه أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يفطر قبل أن يصلّي على رطبات فإن لم يكن على تمرات فإن لم يكن حسا حسوات من ماء وقضيته تقديم الرطب على التمر وهو على الماء والقصد بذلك كما قاله المحب الطبري أن يدخل جوفه أولاً ما مسته النار، ويحتمل أن يراد هذا مع قصد الحلاوة تفاؤلاً قال: ومن كان بمكة سنّ له أن يفطر على ماء زمزم لبركته ولو جمع بينه وبين التمر فحسن اهـ.

وردّ هذا بأنه مخالف للأخبار وللمعنى الذي شرع الفطر على التمر لأجله وهو حفظ البصر أو أن التمر إذا نزل إلى المعدة فإن وجدها خالية حصل الغذاء وإلا أخرج ما هناك من بقايا الطعام وهذا لا يوجد في ماء زمزم وعن بعضهم الأولى في زماننا أن يفطر على ماء يأخذه بكفّه من النهر ليكون أبعد عن الشبهة. قال في المجموع: وهذا شاذ والمذهب وهو الصواب فطره على تمر ثم ماء.

٤٥ - باب تَعْجِيلِ الإِفْطَارِ

(باب) استحباب (تعجيل الإفطار) للصائم بتحقيق الغروب.

١٩٥٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ».

وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن أبي حازم) بالحاء الجملة والزاي سلمة بن دينار (عن سهل بن سعد) -رضي الله عنه- (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر) أي إذا تحققوا الغروب بالرؤية أو بإخبار عدلين أو عدل على الأرجح، وما ظرفية أي مدة فعلهم ذلك امتثالاً للسنة واقفين عند حدودها غير متنطعين بعقولهم ما يغير قواعدها، وزاد أبو هريرة في حديثه لأن اليهود والنصارى يؤخرون أخرجه أبو داود وابن خزيمة وغيرهما وتأخير أهل الكتاب له أمد وهو ظهور النجم، وقد روى ابن حبان والحاكم من حديث سهل أيضًا: لا تزال أمتي على سنتي ما لم تنتظر بفطرها النجوم، ويكره له أن يؤخره إن قصد ذلك ورأى أن فيه فضيلة وإلا فلا بأس به نقله في المجموع عن نص الأم وعبارته تعجيل الفطر مستحب ولا يكره تأخيره إلا لمن تعمده ورأى أن الفضل فيه، ومقتضاه أن التأخير لا يكره مطلقًا وهو كذلك إذ لا يلزم من كون الشيء مستحبًا أن يكون نقيضه مكروهًا مطلقًا، وخرج بقيد تحقق الغروب ما إذا ظنه فلا يسن له تعجيل الفطر به وما إذا شكه فيحرم به وأما ما يفعله الفلكيون أو بعضهم من التمكين بعد الغروب بدرجة فمخالف للسنة فلذا قل الخير والله يوفقنا إلى سواء السبيل.

وهذا الحديث أخرجه مسلم والترمذي وابن ماجة.

١٩٥٨ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى -رضي الله عنه- قَالَ: "كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، فَصَامَ حَتَّى أَمْسَى، قَالَ لِرَجُلٍ: انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي، قَالَ: لَوِ انْتَظَرْتَ حَتَّى تُمْسِيَ. قَالَ: انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي، إِذَا رَأَيْتَ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ".

وبه قال: (حدّثنا أحمد بن يونس) نسبه لجده واسم أبيه عبد الله وهو كوفي قال: (حدّثنا أبو

بكر) هو ابن عياش القارئ (عن سليمان) الشيباني (عن ابن أبي أوفى) عبد الله (-رضي الله عنه- قال: كنت مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سفر فصام حتى أمسى) دخل في المساء (قال لرجل):

(أنزل فاجدح لي) (قال: لو انتظرت حتى تمسي قال): (انزل فاجدح لي إذا رأيت الليل) أي ظلامه (قد أقبل من هاهنا) أي من جهة المشرق (فقد أفطر الصائم) خبر بمعنى الأمر أو أفطر حكمًا وإن لم يفطر حسا، فيدل على أنه يستحيل الصوم بالليل شرعًا. قال ابن بزيزة: وقع ببغداد أن رجلاً حلف لا يفطر على حار ولا بارد فأفتى الفقهاء بحنثه إذ لا شيء مما يؤكل أو يشرب إلا وهو حار أو بارد، وأفتى الشيرازي

<<  <  ج: ص:  >  >>