للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يقعد على الجفنة الواحدة ألف رجل يأكلون منها.

(الخمط) هو (الأراك) أي الشجر الذي يستاك بقضبانه (والأثل) هو (الطرفاء) قاله ابن عباس فيما وصله ابن أبي حاتم (العرم) أي (الشديد) من العرامة وهي الشراسة والصعوبة وقد مرّ.

١ - باب قَوْلُهُ: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}

هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: ({حتى إذا فزع عن قلوبهم}) [سبأ: ٢٣] قال في الأنوار هذا غاية لمفهوم الكلام من أن ثمّ توقفًا وانتظارًا للإذن أي يتربصون فزعين حتى إذا كشف الفزع عن قلوب الشافعين والمشفوع لهم بالإذن، وقيل الضمير للملائكة وقد تقدم، ذكرهم ضمنًا واختلف في الموصوفين بهذه الصفة فقيل هم الملائكة عند سماع الوحي. ({قالوا ماذا قال ربكم}) جواب إذا فزع ({قالوا}) أي المقرّبون من الملائكة كجبريل قال ربنا القول ({الحق وهو العلي الكبير} [سبأ: ٢٣]) إشارة إلى أنه الكامل في ذاته وصفاته.

٤٨٠٠ - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ، ضَرَبَتِ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: لِلَّذِي قَالَ: الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ، فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ، وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ». وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِكَفِّهِ فَحَرَّفَهَا وَبَدَّدَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ «فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، ثُمَّ يُلْقِيهَا الآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوِ الْكَاهِنِ، فَرُبَّمَا أَدْرَكَ

الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا، وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ، فَيُقَالُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، كَذَا وَكَذَا، فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ السَّمَاءِ».

وبه قال: (حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير المكي قال: (حدّثنا سفيان) هو ابن عيينة قال: (حدّثنا عمرو) هو ابن دينار (قال: سمعت عكرمة يقول: سمعت أبا هريرة) -رضي الله عنه- (يقول: إن نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(إذا قضى الله الأمر في السماء) وفي حديث النواس بن سمعان عند الطبراني مرفوعًا إذا تكلم الله بالوحي (ضربت الملائكة بأجنحتها) حال كونها (خضعانًا) بضم الخاء المعجمة أي خاضعين طائعين وهذا مقام رفيع في العظمة (لقوله) تعالى: (كأنه) أي القول المسموع (سلسلة على صفوان) حجر أملس فيفزعون ويرون أنه من أمر الساعة (فإذا فزع عن قلوبهم قالوا) أي الملائكة بعضهم لبعض ({ماذا قال ربكم قالوا}) للذي قال يسأل قال الله القول ({الحق وهو العلي الكبير} فيسمعها) أي المقالة (مسترق السمع ومسترق السمع) بالإفراد فيهما. واستشكله الزركشي وصوب الجمع في الموضعين، وأجاب في المصابيح بأنه يمكن جعله لمفرد لفظًا دالّ على الجماعة معنى أي فيسمعها فريق مسترق السمع وفريق سترق السمع مبتدأ خبره قوله (هكذا بعضه فوق بعض ووصف) ولابن عساكر وصف بإسقاط الواو ولأبي ذر صفة بهاء الضمير (سفيان) بن عيينة (بكفه فحرفها) بحاء مهملة وراء مشددة ثم فاء (وبدد) أي فرق (بين أصابعه فيسمع) المسترق (الكلمة) من الوحي (فيلقيها إلى من تحته ثم يلقيها الآخر إلى من تحته حتى يلقيها) في الفرع يلقيها بجزمة فوق الياء وفي غيره بنصبة (على لسان الساحر أو الكاهن).

وعند سعد بن منصور عن سفيان على الساحر والكاهن (فربما أدرك الشهاب) أي المسترق (قبل أن يلقيها) أي المقالة إلى صاحبه (وربما ألقاها قبل أن يدركها) أي الشهاب (فيكذب) الذي تلقاها (معها) مع تلك المقالة (مائة كذبة) بفتح الكاف وسكون الذال المعجمة (فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا كذا وكذا فيصدق) بفتح الصاد والدال (بتلك الكلمة التي سمعت من السماء) وسقطت التاء من سمعت لغير أبي ذر والأصيلي وابن عساكر والأولى إثباتها.

وسبق الحديث في سورة الحجر، ويأتي إن شاء الله تعالى بقية مباحثه في محله بعون الله وقوّته.

٢ - باب {إِنْ هُوَ إِلَاّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ}

هذا (باب) بالتنوين أي في قوله تعالى: ({إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد} [سبأ: ٤٦]) يوم القيامة.

٤٨٠١ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَمْرِو بْنِ

مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصَّفَا ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: «يَا صَبَاحَاهْ»، فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ قَالُوا: مَا لَكَ؟ قَالَ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوَّ يُصَبِّحُكُمْ أَوْ يُمَسِّيكُمْ أَمَا كُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي»؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: «فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ». فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ تَبًّا لَكَ أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: ١].

وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا محمد بن خازم) بالخاء والزاي المكسورة المعجمتين أبو معاوية الضرير قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان (عن عروة بن مرّة) بضم الميم وتشديد الراء (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه (قال: صعد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصفا ذات يوم فقال):

(يا صباحاه) بسكون الهاء في الفرع مصححًا عليه وفي غيره بضمها. قال أبو السعادات: هذه كلمة يقولها المستغيث وأصلها إذا صاحوا للغارة لأنهم أكثر ما كانوا يُغيرون عند الصباح ويسمون يوم الغارة يوم الصباح فكان القائل يا صباحاه يقول قد غشينا العدوّ، وقيل إن المتقاتلين كانوا إذا جاء الليل يرجعون عن القتال فإذا عاد النهار عاودوه فكأنه يريد بقوله يا صباحاه قد جاء وقت الصباح فتأهبوا للقتال

<<  <  ج: ص:  >  >>