قال:(حدّثنا بشر بن المفضل) بالضاد المعجمة المشددة المفتوحة من التفضيل قال: (حدّثنا خالد بن ذكوان) أبو الحسن (عن الربيع) بضم الراء وفتح الموحدة وتشديد التحتية آخره عين مهملة (بنت معوذ) بضم الميم وفتح المهملة وتشديد الواو المكسورة آخره ذال معجمة الأنصارية من المبايعات تحت الشجرة ابن عفراء أنها (قالت: أرسل النبي ﷺ غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار) زاد مسلم التي حول المدينة (من أصبح مفطرًا فليتم بقية يومه ومن أصبح صائمًا فليصم) أي فليستمر على صومه (قالت): أي الربيع (فكنا) ولأبي الوقت: كنا (نصومه) أي عاشوراء (بعد ونصوّم صبياننا) زاد مسلم الصغار ونذهب بهم إلى المسجد وهذا تمرين للصبيان على الطاعات وتعويدهم العبادات، وفي حديث رزينة بفتح الراء وكسر الزاي عند ابن خزيمة بإسناد لا بأس به أن النبي ﷺ كان يأمر برضعائه في عاشوراء ورضعاء فاطمة فيتفل في أفواههم ويأمر أمهاتهم أن لا يرضعن إلى الليل وهو يردّ على القرطبي حيث قال في حديث الربيع: هذا أمر فعله النساء بأولادهن ولم يثبت علمه ﵊ بذلك وبعيد أن يأمر بتعذيب صغير بعبادة شاقة اهـ.
ومما يقوى الرد عليه أيضًا أن الصحابي إذا قال فعلنا كذا في عهده ﷺ كان حكمه الرفع لأن الظاهر اطلاعه ﷺ على ذلك وتقريرهم عليه مع توفر دواعيهم على سؤالهم إياه عن الأحكام مع أن هذا مما لا مجال للاجتهاد فيه فما فعلوه إلا بتوقيف.
(ونجعل لهم اللعبة) بضم اللام ما يلعب به (من العهن). الصوف المصبوغ كما سيأتي إن شاء الله قريبًا (فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك) الذي جعلناه من العهن ليلتهي به (حتى يكون عند الإفطار) زاد في رواية ابن عساكر والمستملي قال أي المصنف: العهن الصوف وقد أخرج هذا الحديث مسلم أيضًا في الصوم.
(باب) حكم (الوصال) وهو أن يصوم فرضًا أو نفلاً يومين فأكثر ولا يتناول بالليل مطعومًا عمدًا بلا عذر قاله في شرح المهذّب، وقضيته أن الجماع والاستقاءة وغيرهما من المفطرات لا يخرجه عن الوصال. قال الأسنوي في المهمات: وهو ظاهر من جهة المعنى لأن النهي عن الوصال إنما هو لأجل الضعف والجماع ونحوه يزيده أو لا يمنع حصوله، لكن قال الروياني في البحر: هو أن يستديم جميع أوصاف الصائمين. وقال الجرجاني في الشافي: أن يترك ما أبيح له من غير إفطار. قال الأسنوي أيضًا: وتعبيرهم بصوم يومين يقتضي أن المأمور بالإمساك كتارك النية لا يكون امتناعه بالليل من تعاطي المفطرات وصالاً لأنه ليس بين صومين إلا أن الظاهر أن ذلك جرى على الغالب.
(و) باب (من قال ليس في الليل صيام) أي ليس محلاً له (لقوله تعالى) ﴿ثم أتموا الصيام إلى الليل﴾ [البقرة: ١٨٧] فإنه آخر وقته.
وفي حديث أبي سعيد الخير عند الترمذي في جامعه وابن السكن وغيره في الصحابة والدولابي في الكنى مرفوعًا: أن الله لم يكتب الصيام بالليل فمن صام فقد تعنى ولا أجر له. قال ابن منده: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقال الترمذي: سألت البخاري عن فقال: ما أرى عبادة سمع من أبي سعيد الخير، وعند الإمام أحمد والطبراني وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم في تفسيرهما بإسناد صحيح إلى ليلى امرأة بشير بن الخصاصية قالت: أردت أن أصوم يومين مواصلة فمنعني بشير وقال: إن رسول الله ﷺ نهى عنه وقال يفعل ذلك النصارى ولكن صوموا كما أمركم الله تعالى: ﴿وأتموا الصيام إلى الليل﴾ فإذا كان الليل فأفطروا. (ونهى النبي ﷺ) فيما وصله المؤلّف قريبًا من حديث عائشة (عنه) أي عن الوصال (رحمة لهم) أي الأمة (وإبقاء عليهم) أي حفظًا لهم في بقاء أبدانهم على قوّتهم، وعند أبي داود بإسناد صحيح عن رجل من الصحابة قال: نهى النبي ﷺ عن الحجامة والمواصلة ولم يحرمهما إبقاء على أصحابه.