أقول لما جاءني فخره ... سبحان من علقمة الفاخر
وجاء منونًا كقوله:
سبحانه ثم سبحانا يعود له ... وقبلنا سبح الجودي والجمد
فقيل صرف ضرورة وقيل هو بمنزله قبل وبعد أن نوى تعريفه بقي على حاله وإن نكر أعرب منصرفًا.
وهذا البيت يساعد على كونه مصدرًا لا اسم مصدر لوروده منصرفًا، ولقائل القول الأول أن يجيب عنه بأن هذا نكرة لا معرفة وهو من الأسماء اللازمة النصب على المصدرية فلا يتصرف والناصب له فعل مقدّر لا يجوز إظهاره، وعن الكسائي أنه منادى تقديره يا سبحانك ومنعه جمهور النحويين وهو مضاف إلى المفعول أي سبحت الله ويجوز أن يكون مضافًا إلى الفاعل أي نزه الله نفسه والأول هو المشهور ومعناه تنزيه الله عما لا يليق به من كل نقص.
٦٤٠٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَىٍّ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِى يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ».
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي (عن مالك) الإمام (عن سميّ) مولى أبي بكر بن عبد الرَّحمن المخزومي (عن أبي صالح) ذكوان (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(من قال: سبحان الله وبحمده) الواو للحال أي سبحان الله متلبسًا بحمدي له من أجل توفيقه لي للتسبيح (في يوم مائة مرة) متفرقة بعضها أول النهار وبعضها آخره أو متوالية وهو أفضل خصوصًا في أوله (حطت عنه خطاياه) التي بينه وبين الله (وإن كانت مثل زبد البحر). وهذا وأمثاله نحو ما طلعت عليه الشمس كنايات عبّر بها عن الكثرة، وقد يشعر هذا بأن التسبيح أفضل من التهليل من حيث إن عدد زبد البحر أضعاف أضعاف المائة المذكورة في مقابلة التهليل.
وأجيب: بأن ما جعل في مقابلة التهليل من عتق الرقاب يزيد على فضل التسبيح وتكفير الخطايا إذ ورد أن من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوًا منه من النار فحصل بهذا العتق تكفير جميع الخطايا عمومًا بعدما ذكره خصوصًا مع زيادة مائة درجة، ويؤيده حديث: أفضل الذكر التهليل وأنه أفضل ما قاله هو والنبيون من قبله، ولأن التهليل صريح في التوحيد والتسبيح متضمن له ومنطوق سبحان الله تنزيه ومفهومه توحيد ومنطوق لا إله إلا الله توحيد ومفهومه تنزيه، فيكون أفضل من التسبيح لأن التوحيد أصل والتنزيه ينشأ عنه.
والحديث أخرجه الترمذي في الدعوات والنسائي في اليوم والليلة، وابن ماجة في ثواب التسبيح.
٦٤٠٦ - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِى زُرْعَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِى الْمِيزَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ،
سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ». [الحديث ٦٤٠٦ - طرفاه في: ٦٦٨٢، ٧٥٦٣].
وبه قال: (حدّثنا زهير بن حرب) أبو خيثمة النسائي بالنون والمهملة الحافظ نزيل بغداد قال: (حدّثنا ابن فضيل) تصغير فضل محمد الضبي (عن عمارة) بضم المهملة وتخفيف الميم ابن القعقاع (عن أبي زرعة) هرم بن عمرو بن جرير البجلي الكوفي (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(كلمتان خفيفتان) أي كلامان من إطلاق الكلمة على الكلام والخفة مستعارة من السهولة (على اللسان ثقيلتان) حقيقة (في الميزان) لأن الأعمال تجسم أو الموزون صحائفها لحديث البطاقة المشهور (حبيبتان) أي محبوبتان (إلى الرحمن) أي يحب قائلهما فيجزل له من مكارمه ما يليق بفضله وخص لفظ الرحمن إشارة إلى بيان سعة رحمته حيث يجازي على العمل القليل بالثواب الجزيل (يسبحان الله العظيم سبحان الله وبحمده) كذا هنا بتقديم سبحان الله العظيم على سبحان الله وبحمده وكرر التسبيح طلبًا للتأكيد واعتناء بشأنه.
ومباحث هذا الحديث من الإِعراب والبديع والمعاني وغير ذلك من اللطائف والأسرار الشريفة تأتي إن شاء الله تعالى بعون الله وتوفيقه في آخر الكتاب.
والحديث أخرجه أيضًا في الأيمان والنذور وآخر الكتاب ومسلم في الدعوات والترمذي فيه
أيضًا والنسائي في اليوم والليلة وابن ماجة في ثواب التسبيح.
٦٦ - باب فَضْلِ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
(باب فضل ذكر الله عز وجل) باللسان بالأذكار المرغب فيها شرعًا والإكثار منها كالباقيات الصالحات والحوقلة والحسبلة والبسملة والاستغفار وقراءة القرآن، بل هي أفضل والحديث ومدارسة