(ثم علا به) جبريل (فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله)﷿(حتى جاء سدرة المنتهى) إليها ينتهي علم الملائكة ولم يجاوزها أحد إلا نبيّنا ﷺ(ودنا الجبار ربّ العزة) دنوّ قرب ومكانة لا دنو مكان ولا قرب زمان إظهارًا لعظيم منزلته وحظوته عند ربه تعالى ولأبي ذر ودنا للجبار (فتدلى) طلب زيادة القرب، وحكى مكي والماوردي عن ابن عباس هو الرب دنا من محمد فتدلى إليه أي أمره وحكمه (حتى كان منه قاب قوسين) قدر قوسين ما بين مقبض القوس والسية بكسر السين المهملة والتحتية الخفيفة وهي ما عطف من طرفيها ولكل قوس قابان وقاب قوسين بالنسبة له ﷺ عبارة عن نهاية القرب ولطف المحل وإيضاح المعرفة وبالنسبة إلى الله إجابة ورفع درجة (أو أدنى) أي أقرب (فأوحى الله) زاد أبو الوقت وأبو ذر عن الكشميهني إليه (فيما أوحى) ولغير أبي ذر إليه ولأبي ذر والأصيلي وأبي الوقت فيما يوحي بكسر الحاء (خمسين صلاة على أمتك كل يوم وليلة، ثم هبط) صلوات الله وسلامه عليه (حتى بلغ موسى)﵇(فاحتبسه موسى فقال) له (يا محمد ماذا عهد إليك ربك) أي ماذا أمرك أو أوصاك (قال: عهد إليّ) أن أصلي (خمسين صلاة كل يوم وليلة) وآمر بها أمتي (قال) له موسى: (إن أمتك لا تستطيع ذلك فارجع) إلى ربك (فليخفف عنك ربك وعنهم) وعن أمتك (فالتفت النبي ﷺ إلى جبريل كأنه يستشيره في ذلك) الذي قاله موسى من الرجوع للتخفيف (فأشار إليه جبريل أن نعم) بفتح الهمزة وتخفيف النون مفسرة ولأبي ذر عن الحموي والمستملي أي نعم بالتحتية بدل النون وهما بمعنى (إن شئت فعلاً به) جبريل (إلى الجبار) تعالى (فقال)﵊(وهو مكانه) أي في مقامه الأوّل الذي قام فيه قبل هبوطه (يا رب خفّف عنّا فإن أمتي لا تستطيع هذا) المأمور به من الخمسين صلاة (فوضع) تعالى (عنه عشر صلوات) من الخمسين (ثم رجع إلى موسى فاحتبسه فلم يزل يردّده موسى إلى ربه) تعالى (حتى صارت إلى خمس صلوات ثم احتبسه موسى عند الخمس فقال: يا محمد والله لقد راودت) أي راجعت (بني إسرائيل قومي على أدنى) أي أقل (من هذا) القدر (فضعفوا فتركوه) ولأبي ذر عن الكشميهني من هذه الصلوات
الخمس فضعفوا، وفي تفسير ابن مردويه من رواية يزيد بن أبي مالك عن أنس فرض على بني إسرائيل صلاتان فما قاموا بهما (فأمتك أضعف أجسادًا وقلوبًا وأبدانًا وأبصارًا وأسماعًا) والأجسام بالميم والأجساد بالدال سواء والجسم والجسد جميع الشخص والأجسام أعم من الأبدان لأن البدن من الجسد ما سوى الرأس والأطراف وقيل البدن أعالي الجسد دون أسافله (فارجع) إلى ربك (فليخفف عنك ربك. كل ذلك) أي في كل ذلك (يلتفت) بتحتية فلام ساكنة، وللأصيلي وأبي ذر عن الحموي والمستملي يتلفت بفوقية بعد التحتية وتشديد الفاء (النبي ﷺ إلى جبريل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبريل فرفعه عند) المرة (الخامسة فقال: يا رب إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وأسماعهم وأبدانهم) وللأصيلي وأبي ذر عن الكشميهني وأسماعهم وأبصارهم وأبدانهم (فخفف عنا. فقال الجبار: يا محمد. قال: لبيك) رب (وسعديك. قال: إنه لا يبدل القول لديّ كما فرضت) ولأبي ذر فرضته (عليك) أي وعلى أمتك (في أم الكتاب) وهو اللوح المحفوظ (قال: فكل حسنة بعشر أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك) أي وعلى أمتك (فرجع)ﷺ(إلى موسى فقال) له (كيف فعلت؟ فقال: خفف) ربنا (عنا أعطانا بكل حسنة عشر أمثالها. قال موسى: قد والله راودت) راجعت (بني إسرائيل على أدنى) أقل (من ذلك فتركوه) وقوله راودت متعلق بقد القسم بينهما مقحم لإرادة التأكيد (ارجع إلى ربك فليخفف عنك أيضًا. قال رسول الله ﷺ: يا موسى قد والله استحييت