المتوفى سنة خمسين ومائة (أخبرهم قال):
(أخبرني) بالإفراد (هشام) ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر وأبي الوقت هشام بن عروة (عن) أبيه (عروة) بن الزبير بن العوام (أنه) أي عروة (سئل) بضم أوله وكسر ثانيه (أتخدمني الحائض أو
تدنو) أي تقرب (مني المرأة وهي جنب) يستوي فيه المذكر والمؤنث والواحد والجمع لأنه كما قال: جار الله اسم جرى مجرى المصدر، الذي هو الإجناب، والجملة اسمية حالية (فقال عروة كل ذلك) أي الخدمة والدنو (عليّ هين) بتشديد المثناة وقد تخفف أي سهل ولابن عساكر كل ذلك هين (وكل ذلك) أي الحائض والجنب وكل رفع بالابتداء أو منصوب على الظرفية وجازت الإشارة بذلك إلى اثنين كقوله: ﴿عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٦٨] (تخدمني وليس على أحد) أنا وغيري (في ذلك بأس) أي حرج.
(أخبرتني عائشة) ﵂ (أنها كانت ترجل رسول الله) أي شعر رأسه، وفي رواية أبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر يعني رأس رسول الله (ﷺ وهي حائض) بالهمز والجملة حالية ولم يقل حائضة بالتاء لعدم الإلباس لاختصاص الحيض بالنساء: (ورسول الله ﷺ حينئذ) أي حين الترجيل (مجاور) أي معتكف (في المسجد) المدني (يدني) بضم أوله أي يقرب (لها) أي لعائشة (رأسه) الشريف (وهي في حجرتها) بضم الحاء المهملة جملة حالية (فترجله وهي حائض) أي فترجل شعر رأسه والحال أنها حائض، واستنبط منه أن إخراج المعتكف جزءًا منه كيده ورأسه غير مبطل لاعتكافه كعدم الحنث في إدخال بعضه دارًا حلف لا يدخلها وجواز مباشرة الحائض، وأما النهي في آية ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ﴾ [البقرة: ١٨٧] فعن الوطء أو ما دونه من دواعي اللذة لا المسّ، وألحق عروة الجنابة بالحيض قياسًا بجامع الحدث الأكبر، بل هو قياس جليّ لأن الاستقذار بالحائض أكثر من الجنب. ورواة هذا الحديث ما بين مروزي وصنعاني ومكي ومدني، وفيه التحديث والإخبار بالإفراد والعنعنة والقول.
٣ - باب قِرَاءَةِ الرَّجُلِ فِي حَجْرِ امْرَأَتِهِ وَهْيَ حَائِضٌ
وَكَانَ أَبُو وَائِلٍ يُرْسِلُ خَادِمَهُ وَهْيَ حَائِضٌ إِلَى أَبِي رَزِينٍ فَتَأْتِيهِ بِالْمُصْحَفِ فَتُمْسِكُهُ بِعِلَاقَتِهِ.
(باب قراءة الرجل) حال كونه متكئًا (في) أي على (حجر امرأته) بفتح الحاء المهملة وكسرها وسكون الجيم (وهي) أي والحال أنها (حائض) وفي رواية عطية باب قراءة القرآن في حجر المرأة (وكان أبو وائل) بالهمزة شقيق بن سلمة التابعي المشهور، المتوفى في خلافة عمر بن عبد العزيز فيما قاله الواقدي مما وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح (يرسل خادمه) اسم لمن يخدم غيره أي جاريته بدليل تأنيثه في قوله: (وهي حائض إلى أبي رزين) بفتح الراء وكسر الزاي مسعود بن مالك الأسدي مولى أبي وائل الكوفي التابعي، (فتأتيه) وفي رواية أبوي الوقت وذر لتأتيه (بالمصحف فتمسكه بعلاقته) بكسر العين أي الخيط الذي يربط به كيسه، وغرض المؤلف ﵀ الاستدلال على جواز حمل الحائض والجنب المصحف، لكن من غير مسّه لحديث: "إن المؤمن لا ينجس" ولكتابه ﷺ إلى هرقل وفيه من القرآن مع علمه أنهم يمسونه وهم أنجاس، ومنعه الجمهور لقوله تعالى: ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: ٧٩]. من الآدميين، ويمسه مجزوم بلا الناهية وضم السين لأجل الضمير
كما صرح به جماعة وقالوا: إنه مذهب البصريين بل قال في الدر: إن سيبويه لم يحفظ في نحوه إلا الضم، والحمل أبلغ من المس ولو حمله مع أمتعة وتفسير حل تبعًا لها لأنها المقصودة، فلو قصده ولو معها أو كان أكثر من التفسير حرم.
٢٩٧ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ سَمِعَ زُهَيْرًا عَنْ مَنْصُورٍ ابْنِ صَفِيَّةَ أَنَّ أُمَّهُ حَدَّثَتْهُ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَتَّكِئُ فِي حَجْرِي وَأَنَا حَائِضٌ ثُمَّ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ.
[الحديث ٢٩٧ - طرفه في: ٧٥٤٩].
وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم الفضل بن دكين) بالدال المهملة أنه (سمع زهيرًا) أي ابن معاوية بن خديج الجعفي (عن منصور ابن صفية) هي أمه اشتهر بها وأبوه عبد الرحمن الحجبي العبدري (أن أمه) صفية بنت شيبة (حدّثته أنّ عائشة) ﵂ (حدّثتها):
(أن النبي ﷺ كان يتكئ) بالهمز (في) أي على (حجري وأنا حائض) جملة حالية من ياء المتكلم في حجري (ثم يقرأ القرآن) في كتاب التوحيد كان يقرأ القرآن ورأسه في حجري وأنا حائض، وحينئذ فالمراد بالاتكاء وضع رأسه في حجرها، وقيل: مناسبة أثر أبي وائل للحديث من جهة أن ثيابها بمنزلة العلاقة