للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

به إلا قوت أولاده، وأبو طلحة زيد بن سهل كان أكثر أنصاري بالمدينة مالاً. ونقل ابن بشكوال عن أبي المتوكل الناجي أنه ثابت بن قيس، وقيل عبد الله بن رواحة (فقال) لها: (هيئي طعامك وأصبحي سراجك) بهمزة قطع وموحدة بعد الصاد المهملة في اليونينية وغيرها أي أوقديه وفي الفرع واصلحي باللام بدل الموحدة ولم أرها كذلك في غيره (ونوّمي صبيانك إذا أرادوا عشاء) قال في المصابيح: ففيه نفوذ فعل الأب على الابن وإن كان منطويًا على ضرر إذا كان ذلك من طريق النظر، وأن القول فيه قول الأب والفعل فعله لأنهم نوّموا الصبيان جياعًا إيثارًا لقضاء حق رسول الله في إجابة دعوته والقيام بحق ضيفه (فهيأت) زوجة الأنصاري (طعامها وأصبحت) بالموحدة أوقدت (سراجها ونوّمت صبيانها) بغير عشاء (ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته فجعلا) الأنصاري وزوجته (يريانه) بضم أوله (أنهما) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: كأنهما (يأكلان فباتا طاويين) أي بغير عشاء وأكل الضيف (فلما أصبح غدا إلى رسول الله ) جواب لما قوله غدا ضمن فيه معنى الإقبال أي لما دخل الصباح أقبل على رسول الله (فقال) له :

(ضحك الله الليلة أو) قال: (عجب من فعالكما) الحسنة وفاء فعالكما مفتوحة، ونسبة الضحك والتعجب إلى الباري جل وعلا مجازية والمراد بهما الرضا بصنيعهما (فأنزل الله) ﷿ (﴿ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة﴾) [الحشر: ٩] قال في النهاية: الخصاصة الجوع والضعف وأصلها الفقر والحاجة إلى الشيء والجملة في موضع الحال، ولو بمعنى الفرض أي: ويؤثرون على أنفسهم مفروضة خصاصتهم (﴿ومن يوق شح نفسه﴾) [الحشر: ٩] أضافه إلى النفس لأنه غريزة فيها، ولا شح اللؤم وهو غريزة. والبخل المنع نفسه فهو أعم لأنه قد يوجد البخل ولا شح ثمة ولا ينعكس، والمعنى ومن غلب ما أمرته به نفسه وخالف هواها بمعونة الله ﷿ وتوفيقه (﴿فأولئك هم المفلحون﴾) [الحشر: ٩] الظافرون بما أرادوا وسقط لأبي ذر قوله: ومن يوق الخ.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا والترمذي والنسائي في التفسير ومسلم في الأطعمة.

١١ - باب قَوْلُ النَّبِيِّ : «اقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ»

(باب قول النبي ) في الأنصار: (أقبلوا من محسنهم وتجاوزوا) بفتح الواو (عن مسيئهم) وسقط لأبي ذر لفظ باب فما بعده مرفوع.

٣٧٩٩ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَبُو عَلِيٍّ حَدَّثَنَا شَاذَانُ أَخُو عَبْدَانَ حَدَّثَنَا أَبِي أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: "مَرَّ أَبُو بَكْرٍ وَالْعَبَّاسُ بِمَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الأَنْصَارِ وَهُمْ يَبْكُونَ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكُمْ؟ قَالُوا: ذَكَرْنَا مَجْلِسَ النَّبِيِّ مِنَّا. فَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، قَالَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ وَقَدْ عَصَبَ

عَلَى رَأْسِهِ حَاشِيَةَ بُرْدٍ، قَالَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، وَلَمْ يَصْعَدْهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أُوصِيكُمْ بِالأَنْصَارِ، فَإِنَّهُمْ كَرِشِي وَعَيْبَتِي، وَقَدْ قَضَوُا الَّذِي عَلَيْهِمْ وَبَقِيَ الَّذِي لَهُمْ، فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ».

[الحديث ٣٧٩٩ - طرفه في: ٣٨٠١].

وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (محمد بن يحيى أبو علي) المروزي الصائغ بالغين المعجمة قال: (حدّثنا شاذان) بالمعجمتين عبد العزيز (أخو عبدان) عبد الله العابد وعبدان لقبه (قال): أي شاذان (حدّثنا أبي) عثمان بن جبلة قال: (أخبرنا شعبة بن الحجاج) بفتح الحاء المهملة وتشديد الجيم الأولى الحافظ أبو بسطام العتكي أمير المؤمنين في الحديث (عن هشام بن زيد) أنه (قال: سمعت) جدي (أنس بن مالك يقول: مرّ أبو بكر) الصديق (والعباس) بن عبد المطلب ( بمجلس) بالتنوين (من مجالس الأنصار) والنبي في مرض موته (وهم) أي والحال أنهم (يبكون فقال) العباس أو الصديق لهم: (ما يبكيكم؟ قالوا: ذكرنا مجلس النبي منا) أي الذي كنا نجلسه معه ونخاف أن يموت ونفقد مجلسه فبكينا لذلك (فدخل) العباس أو أبو بكر (على النبي فأخبره بذلك) الذي وقع من الأنصار (قال) أنس: (فخرج النبي و) الحال أنه (قد عصب) بتخفيف الصاد المهملة (على رأسه حاشية برد) بضم الموحدة وسكون الراء نوع من الثياب معروف ولأبي ذر عن المستملي بردة وحاشية نصب مفعول عصب (قال) أنس : (فصعد) (المنبر) بكسر العين (ولم يصعده بعد ذلك اليوم) بفتح العين من بصعده (فحمد الله وأثنى عليه ثم قال):

(أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي) بفتح الكاف وكسر الراء والشين المعجمة (وعيبتي) بعين مهملة مفتوحة وتحتية ساكنة وموحدة مفتوحة وتاء تأنيث. قال القزاز: ضرب المثل

<<  <  ج: ص:  >  >>