مليكة) عبد الله (قال: استأذن ابن عباس قبل موتها) ولأبي ذر قبيل موتها بضم القاف مصغرًا (على عائشة وهي مغلوبة) من كرب الموت (قالت: أخشى أن يثني عليّ) لأن الثناء يورث العجب (فقيل) هو (ابن عم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومن وجوه المسلمين) والقائل لها ذلك هو ابن أخيها عبد الله بن عبد الرحمن والذين استأذن لابن عباس عليها ذكوان مولاها كما عند أحمد في روايته (قالت ائذنوا له فقال) ابن عباس لها بعد أن أذن له في الدخول
ودخل (كيف تجدينك) أي كيف تجدين نفسك فالفاعل والمفعول ضميران لواحد وهو من خصائص أفعال القلوب (قالت) عائشة: أجدني (بخير إن اتقيت الله) أي إن كنت من أهل التقوى وسقطت الجلالة من اليونينية وآل ملك وغيرهما وثبتت في الفرع ولأبي ذر عن الكشميهني إن أبقيت بضم الهمزة وسكون الموحدة وكسر القاف وسكون التحتية وفتح الفوقية من البقاء (قال) ابن عباس (فأنت بخير إن شاء الله زوجة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولم ينكح بكرًا غيرك ونزل عذرك) عن قصة الإفك (من السماء) وفي رواية ذكوان المذكورة: وأنزل الله براءتك من فوق سبع سماوات جاء به الروح الأمين فليس في الأرض مسجدًا إلا وهو يتلى فيه آناء الليل وأطراف النهار.
(ودخل) عليها (ابن الزبير) عبد الله (خلافه) بعد أن خرج ابن عباس فتخالفا في الدخول والخروج ذهابًا وإيابًا وافق رجوع ابن عباس مجيء ابن الزبير (فقالت) له عائشة: (دخل ابن عباس فأثنى عليّ ووددت أي كنت نسيًا منسيًّا) أي لم أكن شيئًا.
وهذا على طريق أهل الورع في شدة خوفهم على أنفسهم.
٤٧٥٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ الْقَاسِمِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنه- اسْتَأْذَنَ عَلَى عَائِشَةَ. نَحْوَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ نِسْيًا مَنْسِيًّا.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن المثنى) الزمن قال: (حدّثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد) بفتح الميم وكسر الجيم الثقفي قال: (حدّثنا ابن عون) بالنون عبد الله (عن القاسم) بن محمد بن أبي بكر الصديق (إن ابن عباس -رضي الله عنه- استأذن على عائشة نحوه) أي ذكر نحو الحديث المذكور (ولم يذكر) فيه (نسيًا منسيًّا).
ومطابقة الحديث للترجمة في قوله ونزل عذرك من السماء.
١٠ - باب قَوْلِهِ: {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا} الآيَةَ
(قولها {يعظكم الله}) ولأبي ذر باب بالتنوين في قوله: {يعظكم الله}. قال ابن عباس: يحرم الله عليكم، وقال مجاهد: ينهاكم الله ({أن تعودوا لمثله}) كراهة أن تعودوا مفعول من أجله أو في أن تعودوا على حذف في ({أبدًا}) ما دمم أحياء مكلفين (الآية}) [النور: ١٧] وسقط قوله الآية لغير أبي ذر.
٤٧٥٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: جَاءَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا، قُلْتُ: أَتَأْذَنِينَ لِهَذَا؟ قَالَتْ: أَوَلَيْسَ قَدْ أَصَابَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ؟ قَالَ سُفْيَانُ: تَعْنِي ذَهَابَ بَصَرِهِ، فَقَالَ:
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ
قَالَتْ: لَكِنْ أَنْتَ.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن يوسف) الفريابي قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح (عن مسروق) هو ابن الأجدع (عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها (قالت): ولأبي ذر عن الكشميهني قال: (جاء حسان بن ثابت) الأنصاري الخزرجي شاعر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (يستأذن عليها) فيه التفات من الخطاب إلى الغيبة قال مسروق: (قلت) لعائشة: (أتأذنين لهذا) وهو ممن تولى كبر الإفك؟ (قالت: أوليس قد أصابه عذاب عظيم. قال سفيان) الثوري: (تعني ذهاب بصره. فقال) حسان: (حصان رزان) بفتح الحاء المهملة والزاي من الثاني وقبلها راء مهملة مخففة أي عفيفة كاملة العقل (ما تزن) بضم الفوقية وفتح الزاي وتشديد النون أي ما تتهم (بريبة) براء مهملة فتحتية ساكنة فموحدة.
(وتصبح غرثى) بفتح الغين المعجمة وسكون الراء وفتح المثلثة جائعة (من لحوم الغوافل) العفيفات أي لا تغتابهن إذ لو كانت تغتاب لكانت آكلة وهو استعارة فيها تلميح بقوله تعالى في المغتاب {أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتًا} [الحجرات: ١٢].
وهذا البيت من جملة قصيدة لحسان.
(قالت) عائشة: (لكن) أي لست (أنت) كذلك إشارة إلى أنه اغتابها حين وقعت قصة الإفك.
١١ - باب {وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النور: ١٨]
هذا (باب) بالتنوين في قوله: ({ويبين الله لكم الآيات}) في الأمر والنهي ({والله عليم}) بأمر عائشة وصفوان ({حكيم}) [النور: ١٨] في شرعه وقدرته.
٤٧٥٦ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: دَخَلَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ عَلَى عَائِشَةَ فَشَبَّبَ وَقَالَ
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ
قَالَتْ: لَسْتَ كَذَاكَ. قُلْتُ: تَدَعِينَ مِثْلَ هَذَا يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ} فَقَالَتْ: وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَى. وَقَالَتْ: وَقَدْ كَانَ يَرُدُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا (محمد بن بشار) بندار العبدي البصري قال: (حدّثنا