والسلام هو اسم الله فالمعنى اسم الله عليك أي أنت في حفظه وقيل السلامة أي السلامة مستعلية عليك ملازمة لك ولأبي ذر نفر (من الملائكة جلوس) قال في الفتح: ولم أقف على تعيينهم (فاستمع) بالفوقية وكسر الميم ولأبي ذر عن الكشميهني فاسمع بإسقاط الفوقية وفتح الميم (ما يحيونك) بالحاء المهملة بين التحتيتين ولأبي ذر كما في الفتح يجيبونك بالجيم المكسورة والتحتية الساكنة بعدها موحدة من الجواب (فإنها) أي الكلمات التي يحيون أو يجيبون بها (تحيتك وتحية ذريتك) المسلمين شرعًا لكن في حديث عائشة مرفوعًا: "ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدوكم على السلام والتأمين" أخرجه ابن ماجة وصححه ابن خزيمة وهو يدل على أنه شرع لهذه الأمة دونهم (فقال) لهم آدم (السلام عليكم) واستدلّ بهذا على أن هذه
الصيغة هي المشروعة لابتداء السلام لقوله فهي تحيتك وتحية ذريتك فلو حذف اللام جاز. قال تعالى:({سلام عليكم})[الرعد: ٢٤] لكن اللام أولى لأنها للتفخيم، وقال النووي ولو قال: وعليكم السلام بالواو لا يكون سلامًا ولا يستحق جوابًا لأنها لا تصلح للابتداء قاله المتولي، فلو أسقط الواو أجزأ ويجب الجواب لأنه سلام، وكرهه الغزالي في الإحياء، وعن بعض الشافعية فيما نقله ابن دقيق العيد أن المبتدئ لو قال: عليكم السلام لم يجز لأنها صيغة جواب قال: والأولى الجواز لحصول مسمى السلام (فقالوا) له الملائكة (السلام عليك) استدلّ به على جواز أن يقع الرد باللفظ الذي ابتدئ به كما مر ويأتي مزيد لذلك قريبًا إن شاء الله تعالى، ولأبي ذر عن الكشميهني عليك السلام (ورحمة الله فزادوه) الملائكة (ورحمة الله) وهو مستحب اتفاقًا، فلو زاد المبتدئ رحمة الله استحب أن يزاد وبركاته ولو زاد وبركاته فهل تشرع الزيادة في الردّ؟ وكذا لو زاد المبتدئ على بركاته هل يشرع له ذلك؟ عن ابن عباس مما في الموطأ قال: انتهى السلام إلى البركة، وعن ابن عمر الجواز ففي الموطأ عنه أنه زاد في الجواب والغاديات والرائحات، وفي الأدب المفرد عن سالم مولى ابن عمر أنه أتى ابن عمر مرة فقال: السلام عليكم، فقال السلام عليكم ورحمة الله، ثم أتيته فزدته وبركاته فردّ وزادني وطيب صلواته واتفقوا على وجوب الرد على الكفاية. قال الحليمي: وإنما كان الرد واجبًا لأن السلام معناه الأمان فإذا ابتدأ به المسلم أخاه فلم يجبه فإنه يتوهم منه الشر فيجب عليه دفع ذلك التوهم عنه (فكل من يدخل الجنة) هو مرتب على ما سبق من قوله خلق الله آدم على صورته فالفاء فصيحة ولأبي ذر والأصيلي يعني الجنة. قال في الفتح: كأن لفظ الجنة سقط فزيد فيه يعني (على صورة أم) خبر المبتدأ الذي هو فكل من (فلم يزل الخلق ينقص) من طوله وجماله (بعد) أي بعد آدم (حتى الآن) فإذا دخلوا الجنة عادوا إلى ما كان عليه أبوهم من الحسن والجمال وطول القامة. قيل: وقوله فلم يزل الخ هو معنى قوله تعالى: ({لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين})[التين: ٥] قيل إن في الحديث أن الملائكة يتكلمون بالعربية وعورض باحتمال أن يكون بغير اللسان العربي ثم لما خلق العرب ترجم بلسانهم.
(باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم})[النور: ٢٧] أي بيوتًا لستم تملكونها ولا تسكنونها، وهذا مما أدّب الله تعالى به عباده ({حتى تستأنسوا}) تستأذنوا. كذا روي عن ابن عباس أخرجه سعيد بن منصور وقرأ به، وأخرج البيهقي في الشعب بسند صحيح عن إبراهيم النخعي قال في مصحف ابن مسعود: حتى تستأذنوا، وعن سعيد بن منصور عن إبراهيم قال في مصحف عبد الله: حتى تسلموا على أهلها وتستأذنوا، وأخرجه إسماعيل بن إسحاق في أحكام القرآن عن ابن عباس واستشكله. وأجيب: بأن ابن عباس بناه على قراءته التي تلقاها عن أبيّ بن كعب، وأما اتفاق الناس على قراءتها بالسين فلموافقة خط المصحف الذي وقع على عدم الخروج عما يوافقه وكانت قراءة أبي