للميت إذا صلّى عليه جميعًا بين الأدلة (ثم انصرف إلى المنبر فقال):
(إني فرط لكم) بفتح الفاء والراء أي سابقكم إلى الحوض أهيئه لكم وهذا كناية عن اقتراب أجله صلوات الله عليه (وأنا شهيد عليكم) بأعمالكم (وإني لأنظر إلى حوضي الآن) نظرًا حقيقيًا بطريق الكشف (وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض أو مفاتيح الأرض) بالشك من الراوي (وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا) بالله (بعدي) أي لست أخشى على جميعكم الإشراك بل على مجموعكم إذ قد وقع ذلك من بعضهم (ولكني) بالياء التحتية بعد النون المشددة، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي ولكن (أخاف عليكم أن تنافسوا) بإسقاط إحدى التاءين أي ترغبوا (فيها) أي في الدنيا.
وهذا الحديث قد سبق في أول غزوة أُحُد.
٢٨ - باب غَزْوَةُ الرَّجِيعِ، وَرِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَبِئْرِ مَعُونَةَ، وَحَدِيثِ عَضَلٍ، وَالْقَارَةِ، وَعَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ وَخُبَيْبٍ وَأَصْحَابِهِ
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ أَنَّهَا بَعْدَ أُحُدٍ.
(باب غزوة الرجيع) بفتح الراء وكسر الجيم وبعد التحتية عين مهملة اسم موضع من بلاد هذيل كانت الوقعة بالقرب منه في صفر من سنة أربع، وسقط باب لأبي ذر وابن عساكر (و) غزوة (رعل) بكسر الراء وسكون العين المهملة بعدها لام بطن من بني سليم ينسبون إلى رعل بن عوف بن مالك بن امرئ القيس بن ثعلبة بن بهثة بن سليم. (وذكوان) بالذال المعجمة من بني سليم أيضًا ينسبون إلى ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سليم فنسبت الغزوة إليهما. (وبئر معونة) موضع من بلاد هذيل مكة وعسفان وتعرف الوقعة بسرية القراء السبعين وكانت مع بني رعل وذكوان المذكورين كما سيأتي في حديث أنس إن شاء الله تعالى.
(وحديث عضل) بفتح العين المهملة والضاد المعجمة بعدها لام بطن من بني الهون ابن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر ينسبون إلى عضل بن الديش (و) حديث (القارة) بالقاف وتخفيف الراء بطن من الهون ينسبون إلى الديش المذكور أو القارة أكمة سوداء كأنهم نزلوا عندها فسموا بها (و) حديث (عاصم بن ثابت) أي ابن أبي الأقلح بالقاف والحاء المهملة بينهما لام مفتوحة الأنصاري وهي غزوة الرجيع (و) حديث (خبيب) بضم الخاء المعجمة وفتح الباء الأولى مصغرًا (وأصحابه) وكانوا عشرة أنفس وهي مع عضل والقارة، وقول الدمياطي: إن الوجه تقديم عضل وما بعدها على الرجيع وتأخير رعل وذكوان مع بئر معونة تعقبه في المصابيح بأنه ليس في البخاري ما يقتضي الترتيب بين الغزوات حتى يكون ذكره لها على هذا النمط ليس الوجه.
(قال ابن إسحاق): محمد صاحب المغازي (حدّثنا عاصم بن عمر) بن قتادة الظفري الأنصاري العلامة في المغازي (أنها) أي غزوة الرجيع كانت (بعد) غزوة (أُحُد).
٤٠٨٦ - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَرِيَّةً عَيْنًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ وَهْوَ جَدُّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانَ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لَحِيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لَحْيَانَ فَتَبِعُوهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ رَامٍ فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ، حَتَّى أَتَوْا مَنْزِلاً نَزَلُوهُ فَوَجَدُوا فِيهِ نَوَى تَمْرٍ تَزَوَّدُوهُ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَقَالُوا: هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ فَتَبِعُوا آثَارَهُمْ حَتَّى لَحِقُوهُمْ فَلَمَّا انْتَهَى عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدٍ، وَجَاءَ الْقَوْمُ فَأَحَاطُوا بِهِمْ، فَقَالُوا: لَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ، إِنْ نَزَلْتُمْ إِلَيْنَا أَنْ لَا نَقْتُلَ مِنْكُمْ رَجُلاً، فَقَالَ عَاصِمٌ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَنْزِلُ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ، فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى قَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةِ نَفَرٍ بِالنَّبْلِ، وَبَقِيَ
خُبَيْبٌ وَزَيْدٌ وَرَجُلٌ آخَرُ، فَأَعْطَوْهُمُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ، فَلَمَّا أَعْطَوْهُمُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ، نَزَلُوا إِلَيْهِمْ فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ حَلُّوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَرَبَطُوهُمْ بِهَا، فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ الَّذِي مَعَهُمَا: هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ فَأَبَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ عَلَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَلَمْ يَفْعَلْ فَقَتَلُوهُ وَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ وَزَيْدٍ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ فَاشْتَرَى خُبَيْبًا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ يَوْمَ بَدْرٍ فَمَكَثَ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا حَتَّى إِذَا أَجْمَعُوا قَتْلَهُ اسْتَعَارَ مُوسَى مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الْحَارِثِ أَسْتَحِدَّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ قَالَتْ: فَغَفَلْتُ عَنْ صَبِيٍّ لِي فَدَرَجَ إِلَيْهِ حَتَّى أَتَاهُ فَوَضَعَهُ عَلَى فَخِذِهِ فَلَمَّا رَأَيْتُهُ فَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَ ذَاكَ مِنِّي وَفِي يَدِهِ الْمُوسَى، فَقَالَ: أَتَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ ذَاكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعالَى، وَكَانَتْ تَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ مِنْ قِطْفِ عِنَبٍ وَمَا بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ ثَمَرَةٌ، وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ فِي الْحَدِيدِ وَمَا كَانَ إِلَاّ رِزْقٌ رَزَقَهُ اللَّهُ، فَخَرَجُوا بِهِ مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فَقَالَ: دَعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: لَوْلَا أَنْ تَرَوْا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ مِنَ الْمَوْتِ لَزِدْتُ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْقَتْلِ هُوَ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا ثُمَّ قَالَ:
مَا أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلَى أَيِّ شِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي
وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ
ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ فَقَتَلَهُ، وَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ إِلَى عَاصِمٍ لِيُؤْتَوْا بِشَىْءٍ مِنْ جَسَدِهِ يَعْرِفُونَهُ وَكَانَ عَاصِمٌ قَتَلَ عَظِيمًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ، فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ فَلَمْ يَقْدِرُوا مِنْهُ عَلَى شَىْءٍ.
وبه قال: (حدثني) بالإفراد (إبراهيم بن موسى) الفراء الرازي الصغير قال: (أخبرنا هشام بن يوسف) الصنعاني (عن معمر) هو ابن راشد (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن عمرو بن أبي سفيان) بفتح العين وسكون الميم (الثقفي) بالمثلثة (عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه (قال):
(بعث النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سرية) ولأبي ذر عن الكشميهني بسرية بزيادة موحدة أوله (عينًا) وسبق في بدر بعث عشرة عينًا يتجسسون له ولأبي الأسود عن عروة بعثهم عيونًا إلى مكة ليأتوه بخبر قريش وسمى منهم ابن سعد عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، ومرثد بن أبي مرثد، وعبد الله بن طارق، وخبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة، وخالد بن أبي البكير، ومعتب بن عبيد وهو أخو عبد الله بن طارق لأمه وهما من بني بليّ حليفان لبني ظفر (وأمّر عليهم عاصم بن ثابت) الأنصاري وقيل مرثد بن أبي مرثد (وهو جدّ عاصم بن عمر بن الخطاب) قال الحافظ عبد العظيم: غلط عبد الرزاق وابن عبد البر فقالا في عاصم هذا: هو جد عاصم بن عمر بن
الخطاب وذلك وهم، وإنما هو خال عاصم لأن أم عاصم بن عمر جميلة بنت ثابت وعاصم هو أخو جميلة ذكر ذلك الزبير القاضي وعمه مصعب الإمامان في علم النسب.
(فانطلقوا حتى إذا كان) عاصم ومن معه ولأبي ذر عن الكشميهني كانوا (بين عسفان ومكة) وبينهما مرحلتان (ذكروا) بضم المعجمة مبنيًا للمفعول (لحي من هذيل)