للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفرقة وهو ما كان فيهم من الفتن والاختلاف. وقال بعضهم: هو ما فيه الناس الآن من الاختلاف والأهواء وسفك الدماء (قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هذا أهون) لأن الفتن بين المخلوقين وعذابهم أهون من عذاب الله فابتليت هذه الأمة بالفتن ليكفر بها عنهم (أو) قال: (هذا أيسر) شك الراوي.

وعند ابن مردويه من حديث ابن عباس قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "دعوت الله أن يرفع عن أمتي أربعًا فرفع عنهم اثنتين وأبى أن يرفع عنهم اثنتين دعوت الله أن يرفع عنهم الرجم من السماء والخسف من الأرض وأن لا يلبسهم شيعًا ولا يذيق بعضهم بأس بعض، فرفع الله عنهم الخسف والرجم، وأبى أن يرفع عنهم الأخريين" فيستفاد منه أن الخسف والرجم لا يقعان في هذه الأمة، لكن روى أحمد من حديث أبيّ بن كعب في هذه الآية قال: هن أربع وكلهن واقع لا محالة فمضت اثنتان بعد وفاة نبيهم بخمس وعشرين سنة ألبسوا شيعًا وذاق بعضهم بأس بعض، وبقيت

اثنتان واقعتان. لا محالة الخسف والرجم، لكنه أعلّ بأنه مخالف لحديث جابر وغيره، وبأن أبيّ بن كعب لم يدرك سنة خمس وعشرين من الوفاة النبوية فكأن حديثه انتهى عند قوله: لا محالة، والباقي كلام بعض الرواة، وجمع بينهما بأن حديث جابر مقيد بزمان وجود الصحابة وبعد ذلك يجوز وقوعهما، وعند أحمد بإسناد صحيح من حديث صحار بضم الصاد وبالحاء المخففة المهملتين العبدي رفعه: "لا تقوم الساعة حتى يخسف بقبائل" الحديث ... ذكره في فتح الباري، وفي حديث ربيعة الجرشي عند ابن أبي خيثمة رفعه: "يكون في أمتي الخسف والقذف والمسخ".

وحديث الباب أخرجه المؤلّف أيضًا في التوحيد والنسائي في التفسير.

٣ - باب {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: ٨٢]

هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: ٨٢] أي بشرك، وسقط لفظ باب لغير أبي ذر.

٤٦٢٩ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} قَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ فَنَزَلَتْ: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}.

وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشددة بندار العبدي قال: (حدّثنا ابن أبي عدي) هو محمد واسم أبي عدي إبراهيم البصري (عن شعبة) بن الحجاج (عن سليمان) بن مهران الأعمش (عن إبراهيم) النخعي (عن علقمة) بن قيس (عن عبد الله) بن مسعود (-رضي الله عنه-) أنه (قال: لما نزلت {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم}) أي عظيم أي لم يخلطوه بشرك كما سيأتي، واستشكل تصوير خلط الإيمان بالشرك وحمله بعضهم على خلطهما ظاهرًا وباطنًا أي لم ينافقوا؛ أو المراد بالإيمان مجرد التصديق بالصانع وحده فيكون لغويًّا وحينئذ فلا إشكال. (قال أصحابه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ورضي الله عنهم: (وأينا لم يظلم) وفي نسخة لأبي ذر عن الحموي: لا يظلم (فنزلت) عقب ذلك ({إِن الشرك لظلم عظيم}) [لقمان: ١٣] فبيّن أن عموم الظلم المفهوم من الإتيان به نكرة في سياق النفي غير مراد بل هو من العام الذي أريد به الخاص وهو الشرك الذي هو أعلى أنواع الظلم.

وهذا الحديث قد سبق في باب الإيمان.

٤ - باب قَوْلِهِ: {وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ} [الأنعام: ٨٦]

(باب قوله) جل وعلا: ({ويونس ولوطًا}) هو ابن هاران ابن أخي إبراهيم الخليل عليه السلام ({وكلاًّ فضلنا على العالمين}) [الأنعام: ٨٦] أي عالمي زمانهم، وتمسك به من قال: إن الأنبياء أفضل من الملائكة لدخولهم في عموم الجمع المحلى.

٤٦٣٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَا يَنْبَغِى لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى».

وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (محمد بن بشار) بندار العبدي قال: (حدّثنا ابن مهدي) عبد الرحمن قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن قتادة) بن دعامة (عن أبي العالية) رفيع بضم الراء وفتح الفاء وبعد التحتية الساكنة عين مهملة ابن مهران الرياحي أنه (قال: حدّثني) بالإفراد (ابن عم نبيكم يعني ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):

(ما ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى) بفتح الميم والفوقية المشددة وضمير المتكلم يحتمل أن يعود إلى كل قائل، أي: لا يقول بعض الجاهلين من المجتهدين في العبادة أو العلم أو غير ذلك من الفضائل فإنه ولو بلغ لم يبلغ درجة النبوة، ويؤيده ما في بعض الروايات ما ينبغي لعبد أن يقول: وقيل يعود إلى الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أي لا ينبغي لأحد أن يفضلني عليه قاله

<<  <  ج: ص:  >  >>