والمستملي أن قد بفتح الهمزة أي أنه قد أي فهي المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن حذف وجوبًا (أروى بشرته أفاض عليه) أي على شعره (الماء ثلاث مرات) بالنصب على المصدرية لأنه عدد المصدر وعدد المصدر مصدر (ثم غسل سائر) أي بقية (جسده) لكن في الرواية السابقة في أوّل الغسل على جلده كله فيحتمل وإن يقال أن سائر هنا بمعنى الجميع.
٢٧٣ - وَقَالَتْ كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ نَغْرِفُ مِنْهُ جَمِيعًا.
(وقالت) عائشة رضي الله عنها بواو العطف على السابق فهو موصول الإسناد: (كنت أغتسل أنا والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنا تأكيد لاسم كان. مصحح للعطف على الضمير المرفوع المستكن، ويجوز فيه النصب على أنه مفعول معه أي مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والأكثرون على أن هذا العطف وما كان مثله من باب عطف المفردات. وزعم بعضهم أنه من باب عطف الجمل وتقديره في قوله تعالى: {لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ} [طه: ٥٨] ولا تخلفه أنت و: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّة} [البقرة: ٣٥] تقديره: وليسكن زوجك، وهكذا كنت أغتسل أنا ويغتسل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (من إناء واحد) حال كوننا (نغرف) بالنون والغين المعجمة الساكنة (منه جميعًا) وصاحب الحال فاعل أغتسل وما عطف عليه ونظيره قوله تعالى: {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ} [مريم: ٢٧] فقيل: هو حال من ضمير مريم ومن الضمير المجرور ضمير عيسى عليه الصلاة والسلام، لأن الجملة اشتملت على ضميرها وضميره،
وقيل من ضميرها، وقيل من ضميره، ويحتمل أن يكون في محل الصفة لأناء صفة مقدرة بعد الصفة الظاهرة المذكورة أو بدلاً من أغتسل، ويقال: جاؤوا جميعًا أي كلهم قاله العيني كالكرماني. وتعقبه البرماوي فقال: إنه وهم فى ذلك واختار أنها حال أي نغرف منه حال كوننا جميعًا. قال: والجمع ضد التفريق، ويحتمل منا أن يراد جميع المغروف أو جميع الغارفين. وقال ابن فرحون: وجميعًا يرادف كلاً في العموم لا يفيد الاجتماع في الزمان بخلاف معًا، وعدّها ابن مالك من ألفاظ التوكيد، قال: وأغفلها النحويون، وقد نبّه سيبويه على أنها بمنزلة كل معنى واستعمالاً، ولم يذكروا شاهدًا من كلام العرب، وقد ظفرت بشاهد له وهو قول امرأة من العرب ترقص ابنًا لها: فداك حيّ خولان. جميعهم وهمدان. وهكذا قحطان. والأكرمون عدنان.
١٦ - باب مَنْ تَوَضَّأَ فِي الْجَنَابَةِ ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ وَلَمْ يُعِدْ غَسْلَ مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مَرَّةً أُخْرَى
(باب من توضأ في) غسل (الجنابة ثم غسل سائر) أي باقي (جسده ولم يعد) بضم الياء من الإعادة (غسل مواضع الوضوء منه مرة أخرى) كذا في رواية أبي ذر منه ولغيره بإسقاطها.
٢٧٤ - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ: وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَضُوءًا لِجَنَابَةٍ فَأَكْفَأَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ يَدَهُ بِالأَرْضِ -أَوِ الْحَائِطِ- مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ، ثُمَّ غَسَلَ جَسَدَهُ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ. قَالَتْ: فَأَتَيْتُهُ بِخِرْقَةٍ فَلَمْ يُرِدْهَا، فَجَعَلَ يَنْفُضُ بِيَدِهِ.
وبه قال: (حدّثنا يوسف بن عيسى) بن يعقوب المروزي. (قال: أخبرنا) وللهروي وأبي الوقت حدّثنا (الفضل بن موسى) السيناني (قال: أخبرنا الأعمش) سليمان بن مهران (عن سالم) هو ابن أبي الجعد رافع الأشجعي مولاهم الكوفي (عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس) رضي الله عنهما (عن ميمونة) أم المؤمنين رضي الله عنها (قالت):
(وضع) بفتح الواو مبنيًّا للفاعل (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بالرفع فاعل (وضوءًا للجنابة) بفتح الواو
والتنوين والنصب على المفعولية وللجنابة في رواية الكشميهني بلامين، ولكريمة وأبوي ذر والوقت وضوءًا بالتنوين أيضًا لجنابة بلام واحدة، وللأكثر وضوء الجنابة بالإضافة، وإنما أضيف مع أن الوضوء بالفتح هو الماء المعدّ للوضوء لأنه صار اسمًا له، ولو استعمل في غير الوضوء فهو من إطلاق المقيد وإرادة المطلق قاله البرماوي كالكرماني، وقال ابن فرحون: قوله وضوء الجنابة يقع على الماء وعلى الإناء، فإن كان المراد الماء كان التقدير وضع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الماء المعدّ للجنابة ولا بدّ من تقدير في تور أو طست، وإن كان المراد الإناء كان هو الموضوع وأضيف إلى الجنابة بمعنى أنه معدّ
لغسل الجنابة إضافة تخصيص، وفي رواية الحموي والمستملي وضع بضم الواو مبنيًّا للمفعول لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بزيادة اللام أي لأجله وضوء بالرفع والتنوين (فأكفأ) ولأبي ذر فكفأ أي قلب (بيمينه على يساره) وللمستملي وكريمة على شماله (مرتين أو ثلاثًا ثم غسل فرجه ثم ضرب يده بالأرض أو الحائط مرتين أو ثلاثًا) جعل الأرض أو الحائط آلة الضرب