مرضت فجاءني رسول الله ﷺ يعودني وأبو بكر) في بني سلمة (وهما ماشيان فأتاني وقد أغمي) أي غشي (علي) والواو للحال (فتوضأ رسول الله ﷺ ثم صب وضوءه) بفتح الواو أي ماء وضوئه (علىّ فأفقت) من الإغماء (فقلت: يا رسول الله وربما قال سفيان) بن عيينة (فقلت: أي رسول الله كيف أقضي في مالي كيف أصنع في مالي؟ قال) جابر (فما أجابني)ﷺ(بشيء حتى نزلت آية الميراث) وفي النساء فنزلت: ﴿يوصيكم الله في أولادكم﴾ [النساء: ١١] وسبق هناك أن الدمياطي قال: إنه وهم وأن الذي في جابر: ﴿يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة﴾ [النساء: ٧٦] كما رواه مسلم وفيه زيادة بحث فأطلبه، ثم وليس في الحديث المعلق ولا الموصول دليل لقول المصنف في الترجمة لا أدري. وقال في الكواكب: في قوله لا أدري حزازة إذ ليس في الحديث ما يدل عليه ولم يثبت عنه ﷺ ذلك.
قال في فتح الباري: وهو تساهل شديد في الإقدام على نفي الثبوت، والظاهر أنه أشار في الترجمة إلى ما ورد في ذلك مما لم يثبت عنده منه شيء على شرطه وإن كان يصلح للحجة على عادته في أمثال ذلك. وفي حديث ابن عمر عند ابن حبان جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: أي البقاع خير؟ قال:"لا أدري" فأتاه جبريل فسأله فقال: لا أدري. فقال: سل ربك فانتفض جبريل
انتفاضة الحديث … وفي حديث أبي هريرة ﵁ عند الدارقطني والحاكم أن رسول الله ﷺ قال:"ما أدري الحدود كفارة لأهلها أم لا". وعن المهلب إنما سكت النبي ﷺ في أشياء معضلة ليس لها أصل في الشريعة فلا بدّ فيها من الاطّلاع على الوحي، وإلاّ فقد شرع ﷺ لأمته القياس وأعلمهم كيفية الاستنباط في مسائل لها أصول ومعان ليريهم كيف يصنعون فيما لا نص فيه، والقياس هو تشبيه ما لا حكم فيه بما فيه حكم في المعنى، وقد شبه ﷺ الحمر بالخيل فقال:"ما أنزل الله عليّ فيها شيئًا غير هذه الآية الفاذة الجامعة ﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًّا يره﴾ [الزلزلة: ٧، ٨] " وقال للمرأة التي أخبرته أن أباها لم يحج: "أرأيت لو كان على أبيك دين كنت قاضيته فالله أحق بالقضاء". فهذا هو عين القياس، وتعقبه السفاقسي بأن البخاري لم يرد النفي المطلق وإنما أراد أنه ﷺ ترك الكلام في أشياء، وأجاب بالرأي في أشياء، وقد بوّب لكل ذلك بما ورد فيه وأشار إلى قوله بعد بابين باب من شبه أصلاً معلومًا بأصل مبين.
(باب تعليم النبي ﷺ أمته من الرجال والنساء مما علمه الله ليس برأي ولا تمثيل) أي ولا قياس وهو إثبات مثل حكم معلوم في معلوم آخر لاشتراكهما فى علة الحكم والرأي أعم.