بَلَدٍ هَذَا»؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ: «أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ»؟ قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: «فَأَىُّ يَوْمٍ هَذَا»؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ: «أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ»؟ قُلْنَا بَلَى.
قَالَ: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ». قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: «وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِى بَلَدِكُمْ هَذَا فِى شَهْرِكُمْ هَذَا وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ أَلَا فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِى ضُلاَّلاً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ أَلَا لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يَبْلُغُهُ أَنْ يَكُونَ أَوْعَى مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ». فَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا ذَكَرَهُ قَالَ: صَدَقَ النَّبِىُّ ﷺ ثُمَّ قَالَ: «أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ»؟
وبه قال: (حدّثنا محمد بن المثنى) أبو موسى العنزي الحافظ قال: (حدّثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي قال: (حدّثنا أيوب) السختياني (عن محمد) هو ابن سيرين (عن ابن أبي بكرة)
عبد الرحمن (عن) أبيه (أبي بكرة) نفيع بضم النون وفتح الفاء ﵁ (عن النبي ﷺ) أنه (قال) يوم النحر بمنى:
(الزمان قد استدار) استدارة (كهيئته) مثل حالته (يوم خلق الله) ﷿ (السماوات والأرض) أي عاد الحج إلى ذي الحجة وبطل النسيء وذلك أنهم كانوا يحلون الشهر الحرام ويحرّمون مكانه شهرًا آخر حتى رفضوا تخصيص الأشهر الحرم، وكانوا يحرّمون من شهور العام أربعة أشهر مطلقًا، وربما زادوا في الشهور فيجعلونها ثلاثة عشر أو أربعة عشر أي رجعت الأشهر إلى ما كانت عليه وعاد الحج إلى ذي الحجة وبطل تغييراتهم وصار الحج مختصًّا بوقت معين واستقام حساب السنة ورجع إلى الأصل الموضوع يوم خلق الله السماوات والأرض (السنة) العربية الهلالية (اثنا عشر شهرًا منها أربعة حرم) لعظم حرمتها وحرمة الذنب فيها (ثلاث) ولأبي ذر والأصيلي ثلاثة (متواليات) أي ثلاث سرد (ذو القعدة وذو الحجة) بفتح القاف والحاء كما في اليونينية والمشهور فتح القاف وكسر الحاء وحكي كسر القاف (والمحرم ورجب مضر) القبيلة المشهورة وأضيف إليها لأنهم كانوا متمسكين بتعظيمه (الذي بين جمادى) بضم الجيم وفتح الدال (وشعبان أيّ شهر هذا)؟ استفهام تقريري (قلنا: الله ورسوله أعلم) فيه مراعاة الأدب والتحرز عن التقدم بين يدي الله ورسوله (فسكت) ﵇ (حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال) ﵊: (أليس ذا الحجة)؟ بنصب ذا خبر ليس أي ليس هو اليوم ذا الحجة (قلنا: بلى. قال: أي بلد هذا)؟ بالتذكير (قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال: أليس البلدة)؟ بالنصب خبر ليس زاد في الحج الحرام بتأنيث البلدة وتذكير الحرام الذي هو صفتها وسبق أنه استشكل وأنه أجيب بأنه اضمحل منه معنى الوصفية وصار اسمًا (قلنا: بلى. قال: فأيّ يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال: أليس يوم النحر؟ قلنا: بلى). وثبت قوله قال: فأي يوم الخ للكشميهني والمستملي وسقط لغيرهما (قال) ﷺ: (فإن دماءكم وأموالكم. قال محمد) أي ابن سيرين (وأحسبه) أي أبا بكرة نفيعًا (قال: وأعراضكم) جمع عرض بكسر العين موضع المدح والذم من الإنسان أي انتهاك دمائكم وأموالكم وأعراضكم (عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا) زاد في الحج إلى يوم تلقون ربكم (وستلقون ربكم) هذا موضع الترجمة (فيسألكم عن أعمالكم ألا) بالتخفيف (فلا ترجعوا) فلا تصيروا (بعدي) بعد فراقي من موقفي هذا أو بعد موتي (ضلالاً) بضم الضاد المعجمة وتشديد اللام (يضرب بعضكم رقاب بعض) برفع يضرب جملة مستأنفة مبينة لقوله لا ترجعوا وهو الذي في الفرع ويجوز الجزم على تقدير شرط أي أن ترجعوا بعدي (ألا) بالتخفيف (ليبلغ الشاهد) هذا المجلس (لغائب) عنه بتشديد لام ليبلغ والذي في اليونينية تخفيفها (فلعل بعض من يبلغه) بسكون الموحدة (أن يكون أوعى) أحفظ (له من بعض من سمعه) وسقط لغير أبي ذر لفظ له (فكان محمد) هو ابن سيرين (إذا ذكره) أي الحديث (قال: صدق النبي ﷺ) قال كثيرًا من السامعين أوعى من شيوخهم (ثم
قال) ﷺ: (ألا هل بلغت ألا هل بلغت)؟ مرتين واللام مخففة أي بلغت ما فرض عليّ تبليغه من الرسالة.
والحديث سبق مطوّلاً ومختصرًا في غير ما موضع كالعلم والحج والمغازي والفتن.
٢٥ - باب مَا جَاءَ فِى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الأعراف: ٥٦]
(باب ما جاء في قول الله تعالى: ﴿إن رحمة الله قريب من المحسنين﴾ [الأعراف: ٥٦]) ذكر قريب على تأويل الرحمة بالرحم أو الترحم أو لأنه صفة موصوف محذوف أي شيء قريب أو على تشبيهه بفعيل الذي بمعنى مفعول أو للإضافة إلى المذكر والرحمة في اللغة رقة قلب وانعطاف تقتضي التفضيل والإنعام على من رق له وأسماء الله تعالى وصفاته إنما تؤخذ باعتبار الغايات التي هي أفعال دون المبادئ التي تكون انفعالات فرحمة الله على العباد إما إرادة الإنعام عليهم ودفع الضرر عنهم فتكون صفة ذات أو نفس الإنعام والدفع فتعود إلى صفة الأفعال.
٧٤٤٨ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ قَالَ: كَانَ ابْنٌ لِبَعْضِ بَنَاتِ النَّبِيِّ ﷺ يَقْضِى فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهَا فَأَرْسَلَ إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ فَأَقْسَمَتْ عَلَيْهِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقُمْتُ مَعَهُ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ فَلَمَّا دَخَلْنَا نَاوَلُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ الصَّبِىَّ وَنَفْسُهُ تَقَلْقَلُ فِى صَدْرِهِ حَسِبْتُهُ قَالَ: كَأَنَّهَا شَنَّةٌ فَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: أَتَبْكِى فَقَالَ: «إِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ».
وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) أبو سلمة التبوذكي قال: (حدّثنا عبد الواحد) بن زياد العبدي قال: (حدّثنا عاصم) الأحول بن سليمان أبو عبد الرحمن البصري (عن أبي عثمان) عبد الرحمن بن ملّ النهدي (عن أسامة) بن زيد بن حارثة أنه (قال: كان ابن) وفي النذور بنت (لبعض بنات النبي ﷺ) هي زينب كما عند ابن أبي شيبة وابن بشكوال (يقتضي) بفتح أوّله وسكون القاف بعدها ضاد معجمة أي يموت والمراد أنه كان في النزع وللكشميهنى يفضي بضم أوّله بعده فاء (فأرسلت إليه) ﷺ (أن يأتيها فأرسل) ﵊ إليها (إن لله ما أخذ ولله ما أعطى) أي الذي أخذه هو الذي كان أعطاه فإن أخذه أخذ ما هو له (وكل إلى أجل مسمى) مقدر مؤجل (فلتصبر ولتحتسب) أي تنوي بصبرها طلب الثواب ليحسب لها ذلك من عملها الصالح فرجع إليها الرسول فأخبرها بذلك (فأرسلت إليه فأقسمت عليه) ليأتيها قال أسامة (فقام رسول الله ﷺ وقمت معه ومعاذ بن جبل) ولأبي ذر عن الكشميهني وقمت ومعه معاذ بن جبل (وأبيّ بن كعب وعبادة بن الصامت) زاد في الجنائز ورجال (فلما دخلنا ناولوا رسول الله ﷺ
الصبي) أو الصبية (ونفسه) أو نفسها (تقلقل) بضم أوله وفتح القافين تضطرب (في صدره) أو صدرها (حسبته قال كأنها) أي نفسه (شنة) بفتح الشين المعجمة