ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم) ويقال ألملم بالهمزة وهو الأصل والياء بدل منها.
وهذا الحديث وإن أطلق فيه أن ميقات أهل اليمن يلملم لكن المراد أنه ميقات تهامة خاصة فإن نجد اليمن ميقات أهلها ميقات نجد الحجاز بدليل أن ميقات أهل نجد قرن فأطلق اليمن وأريد بعضه وهو تهامة منه خاصة (هن) أي المواقيت (لأهلهن) أي أهل البلاد المذكورة (ولكل آت أتى عليهن) أي المواقيت (من غيرهم) بضمير جماعة المذكرين ولأبي ذر من غيرهن جماعة المؤنثات (ممن أراد الحج والعمرة فمن كان دون ذلك) أي دون ما ذكر وإلا فحق الإِشارة هنا أن تكون جمعًا التطابق المشار إليه (فمن حيث أنشأ)، النسك أو نحوه (حتى أهل مكة) ينشؤون النسك (من مكة) برفع أهل على أن حتى ابتدائية وبجرّه على أنها جارة.
١٣ - باب ذَاتُ عِرْقٍ لأَهْلِ الْعِرَاقِ
هذا (باب) بالتنوين (ذات عرق) بكسر العين وسكون الراء آخره قاف ميقات (لأهل العراق).
١٥٣١ - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ "لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ الْمِصْرَانِ أَتَوْا عُمَرَ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدَّ لأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا، وَإِنَّا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا. قَالَ: فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ. فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ".
وبالسند قال (حدثني) بالإفراد (علي بن مسلم) بضم وسكون السين المهملة ابن سعيد الطوسي سكن بغداد (قال: حدّثنا عبد الله بن نمير) بضم النون وفتح الميم مصغرًا قال: (حدّثنا عبيد الله) بتصغير عبد بن عمر حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب (عن نافع) مولى ابن عمر (عن ابن عمر) بن الخطاب (-رضي الله عنهما- قال):
(لما فتح هذان المصران) بضم فاء فتح مبنيًّا للمفعول وهذان نائب عن الفاعل والمصران البصرة والكوفة صفة له، ولأبي ذر عن الكشميهني: فتح هذين المصرين بفتح الفاء مبنيًّا للفاعل وهذين المصرين بالنصب على حذف الفاعل أي لا فتح الله، وكذا ثبت في رواية أبي نعيم في مستخرجه وجزم به عياض (أتوا عمر) -رضي الله عنه- (فقالوا: يا أمير المؤمنين إن رسول إلله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حدّ لأهل نجد قرنًا وهو جورٌ) بفتح الجيم وسكون الواو ثم راء أي مائل (عن طريقنا، وإنا إن أردنا شق علينا) (قال) عمر: (فانظروا حذوها) بفتح الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة وفتح الواو أو ما يحاذيها (من طريقكم)، التي تسلكونها إلى مكة من غير ميل فاجعلوه ميقاتًا (فحدّ لهم) عمر -رضي الله عنه- (ذات عرق) وهو الجبل الصغير، وقيل العرق من الأرض السبخة تنبت الطرفاء،
وبينها وبين مكة اثنان وأربعون ميلاً باجتهاده. ويؤيده رواية الشافعي من طريق أبي الشعثاء قال: لم يوقت رسول الله لأهل المشرق شيئًا فاتخذ بحيال قرن ذات عرق انتهى.
نعم روى مسلم في صحيحه عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن المهل فقال: سمعت أحسبه رفع الحديث إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فذكر الحديث، وفيه: ومهل أهل العراق ذات عرق، لكن قال النووي في شرح مسلم إنه غير ثابت لعدم جزمه برفعه.
وأجيب: بأن قوله أحسبه معناه أظنه والظن في باب الرواية يتنزل منزلة اليقين وليس ذلك قادحًا في رفعه، وأيضًا فلو لم يصرّح برفعه لا يقينًا ولا ظنًّا فهو منزل منزلة المرفوع لأن هذا لا يقال من قبل الرأي وإنما يؤخذ توقيفًا من الشارع، لا سيما وقد ضمه جابر إلى المواقيت المنصوص عليها يقينًا باتفاق، وقد أخرجه أحمد من رواية ابن لهيعة وابن ماجة من رواية إبراهيم بن يزيد كلاهما عن أبي الزبير ولم يشكا في رفعه، ووقع في حديث عائشة عند أبي داود والنسائي بإسناد صحيح كما قاله النووي أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقت لأهل العراق ذات عرق لكن الإمام أحمد كان ينكر على أفلح بن حميد هذا الحديث، نعم قال ابن عدي قد حدّث عنه ثقات الناس وهو عندي صالح وأحاديثه مستقيمة كلها وصححه الذهبي وقال العراقي إن إسناده جيد.
وروى أحمد والدارقطني من حديث الحجاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه قال: وقت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فذكر الحديث وفيه وقال: لأهل العراق وذات عرق. فهذه الأحاديث وإن كان في كل منها ضعف فمجموعها لا يقصر عن درجة الاحتجاج به.
وأما ما أخرجه أبو داود والترمذي عن ابن عباس أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقت لأهل المشرق العقيق، فقد تفرد به يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف باتفاق المحدثين وإن كان