للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في المسجد على عهد رسول الله) ولأبي ذر: النبي (، فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني، فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية) أي: مبنية الجوانب (كطي البئر، وإذا لها قرنان) بفتح القاف، أي: جانبان (وإذا فيها أناس) بضم الهمزة (قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار. قال فلقينا ملك آخر، فقال لي: لم ترع) بضم المثناة الفوقية وفتح الراء وجزم المهملة، أي: لِم تخف، والمعنى: لا خوف عليك بعد هذا، وللكشميهني في التعبير: لن تراع، بإثبات الألف، وللقابسي: لن ترع، بحذف الألف.

واستشكل من جهة أن لن، حرف نصب، ولم تنصب هنا.

وأجيب: بأنه مجزوم بلن، على اللغة القليلة المحكية عن الكسائي، أو سكنت العين للوقف، ثم شبه بسكون المجزوم، فحذف الألف قبله، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف، قاله ابن مالك.

وتعقبه في المصابيح، فقال: لا نسلم أن فيه إجراء الوصل مجرى الوقف، إذ لم يصله الملك بشيء بعده.

ثم قال: فإن قلت: إنما وجه ابن مالك بهذا في الرواية التي فيها: لم ترع، وهذا يتحقق فيه ما قاله من إجراء الوصل مجرى الوقف.

وأجاب عنه، فقال: لا نسلم، إذ يحتمل أن الملك نطق بكل جملة منها منفردة عن الأخرى، ووقف على آخرها فحكاه كما وقع. اهـ.

١١٢٢ - "فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ: نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ. فَكَانَ بَعْدُ لَا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلاَّ قَلِيلاً".

[الحديث ١١٢٢ - أطرافه في: ١١٥٧، ٣٧٣٩، ٣٧٤١، ٧٠١٦، ٧٠٢٩، ٧٠٣١].

(فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على رسول الله، ، فقال):

(نعم الرجل عبد الله) وفي التعبير من رواية نافع عن ابن عمر: إن عبد الله رجل صالح (لو كان يصلّي من الليل) لو للتمني لا للشرط، ولذا لم يذكر الجواب.

قال سالم: (فكان) بالفاء، أي: عبد الله، ولأبوي ذر، والوقت، والأصيلي: وكان (بعد لا ينام من الليل إلا قليلاً).

فإن قلت: من أين أخذ التفسير بقيام الليل من هذه الرؤيا؟.

أجاب المهلب: بأنه إنما فسر هذه الرؤيا بقيام الليل، لأنه لم ير شيئًا يغفل عنه من الفرائض، فيذكر بالنار. وعلم مبيته بالمسجد، فعبر عن ذلك بأنه منبه على قيام الليل فيه.

وفي الحديث: (إن قيام الليل ينجي من النار). وفيه، كراهة كثرة النوم بالليل.

وقد روى سنيد، عن يوسف بن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جابر مرفوعًا: قالت أم سليمان لسليمان: يا بني لا تكثر النوم بالليل، فإن كثرة النوم بالليل تدع الرجل فقيرًا يوم القيامة.

وكان بعض الكبراء يقف على المائدة كل ليلة ويقول: معاشر المريدين لا تأكلوا كثيرًا فتشربوا كثيرًا فترقدوا كثيرًا فتتحسروا عند الموت كثيرًا. وهذا هو الأصل الكبير، وهو تخفيف المعدة عن ثقل الطعام.

وفي هذا الحديث: التحديث، والعنعنة، والقول، وأخرجه أيضًا في: باب نوم الرجل في المسجد، كما سبق وفي: باب فضل من تعارّ من الليل، ومناقب ابن عمر، ومسلم في: فضائل ابن عمر.

٣ - باب طُولِ السُّجُودِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ

(باب طول السجود في قيام الليل) للدعاء والتضرع إلى الله تعالى، إذ هو أبلغ أحوال التواضع والتذلل، ومن ثم كان: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد.

١١٢٣ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يُصَلِّي إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، كَانَتْ تِلْكَ صَلَاتَهُ، يَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ. ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُنَادِي لِلصَّلَاةِ".

وبالسند قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع (قال: أخبرنا) وللأصيلي: حدّثنا (شعيب) هو: ابن أبي حمزة (عن) ابن شهاب (الزهري، قال: أخبرني) ولأبي ذر، والأصيلي؛ حدّثني، بالإفراد فيهما (عروة) بن الزبير (أن عائشة، ، أخبرته):

(أن رسول الله، ، كان يصلّي) من الليل (إحدى عشرة ركعة، كانت تلك) أي: الإحدى عشرة ركعة (صلاته) بالليل.

قال البيضاوي: بنى الشافعي عليه مذهبه في الوتر، وقال: إن أكثر الوتر إحدى عشرة ركعة، ومباحث ذلك تأتي إن شاء الله تعالى.

(يسجد السجدة من ذلك) الألف واللام لتعريف الجنس، فيشمل سجود الإحدى عشرة، والتاء فيه لا تنافي ذلك، والتقدير: يسجد سجدات تلك الركعات طويلة (قدر) أي: بقدر، ويصح جعله وصفًا لمصدر محذوف، أي: سجودًا قدر، أو يمكث مكثًا قدر (ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه) من السجدة.

وكان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي. رواه المؤلّف فيما سبق في صفة الصلاة من حديث عائشة.

وعنها: كان يقول في صلاة الليل في سجوده: "سبحانك لا إله إلا أنت".

<<  <  ج: ص:  >  >>