بقوله: أتدرون ما الإيمان؟ ولذلك خصص ذكر أن تعطوا من المغانم الخمس حيث أتى بالفعل المضارع على الخطاب لأن القوم كانوا أصحاب حروب بدليل قولهم وبيننا وبينك كفار مضر لأنه هو الغرض من إيراد الكلام فصار أمرًا من الأوامر اهـ.
(ونهاهم) ﷺ (عن) الانتباذ في (الدباء) بضم الدال المهملة وتشديد الموحدة والمد القرع (و) الانتباذ في (الحنتم) بالحاء المهملة المفتوحة الجرة الخضراء (و) الانتباذ في (المزفت) ما طلي بالزفت (و) الانتباذ في (النقير) بالنون المفتوحة والقاف المكسورة أصل خشبة تنقر فينتبذ فيه (وربما قال) ابن عباس (المقير) بضم الميم وفتح القاف والتحتية المشددة ما يطلى بالقار نبت يحرق إذا يبس تطلى به السفن كما تطلى بالزفت وهذا منسوخ بحديث مسلم كنت نهيتكم عن الانتباذ إلا في
الأسقية فانتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكرًا، وقدره الشيخ عز الدين بن عبد السلام في مجاز القرآن. وأنهاكم عن شرب نبيذ الدباء والحنتم والمزفت والنقير فليتأمل.
(قال: احفظوهن) بهمزة وصل (وأبلغوهنّ) بهمزة مفتوحة وكسر اللام (من وراءكم) من قومكم وفيه دليل على أن إبلاغ الخبر وتعليم العلم واجب إذ الأمر للوجوب وهو يتناول كل فرد فرد فلولا أن الحجة تقوم بتبليغ الواحد ما حضهم عليه.
والحديث سبق أوائل الكتاب في الإيمان.
٦ - باب خَبَرِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ
(باب خبر المرأة الواحدة) هل يعمل به أم لا.
٧٢٦٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ تَوْبَةَ الْعَنْبَرِىِّ، قَالَ: قَالَ لِى الشَّعْبِىُّ: أَرَأَيْتَ حَدِيثَ الْحَسَنِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَقَاعَدْتُ ابْنَ عُمَرَ قَرِيبًا مِنْ سَنَتَيْنِ أَوْ سَنَةٍ وَنِصْفٍ، فَلَمْ أَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ غَيْرَ هَذَا قَالَ: كَانَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ فِيهِمْ سَعْدٌ فَذَهَبُوا يَأْكُلُونَ مِنْ لَحْمٍ فَنَادَتْهُمُ امْرَأَةٌ مِنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ إِنَّهُ لَحْمُ ضَبٍّ فَأَمْسَكُوا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «كُلُوا أَوِ اطْعَمُوا فَإِنَّهُ حَلَالٌ» أَوْ قَالَ: «لَا بَأْسَ بِهِ» شَكَّ فِيهِ «وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامِى».
وبه قال: (حدّثنا محمد بن الوليد) بن عبد الحميد البسري القرشي البصري من ولد بسر بن أرطأة قال: (حدّثنا محمد بن جعفر) غندر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن توبة) بفتح الفوقية والموحدة بينهما واو ساكنة ابن كيسان (العنبري) بالنون والموحدة والراء نسبة إلى بني العنبر بطن مشهور من بني تميم أنه (قال: قال لي الشعبي) عامر بن شراحيل: (أرأيت) أي أأبصرت (حديث الحسن) البصري (عن النبي ﷺ، وقاعدت ابن عمر) ﵄ أي جالسته (قريبًا من سنتين أو سنة ونصف فلم أسمعه يحدّث) ولأبوي الوقت وذر روى (عن النبي ﷺ غير هذا). قال في الفتح: والاستفهام في قوله أرأيت للإنكار، وكان الشعبي ينكر على من يرسل الأحاديث عن النبي ﷺ إشارة إلى أن الحامل لفاعل ذلك طلب الإكثار من التحديث عنه وإلاّ لكان يكتفي بما سمعه موصولاً. وقال في الكواكب: غرضه أن الحسن مع أنه تابعي يكثر الحديث عن النبي ﷺ يعني جريء على الإقدام عليه، وابن عمر مع أنه صحابي مقلّل فيه محتاط محترز مهما أمكن له، وكان عمر ﵁ يحض على قلة التحديث عن النبي ﷺ خشية أن يحدّث عنه بما لم يقل لأنهم لم يكونوا يكتبون، فإذا طال العهد لم يؤمن النسيان: وقول الحافظ ابن حجر وقوله وقاعدت ابن عمر الجملة حالية تعقبه العيني بأنه ليس كذلك بل هو ابتداء كلام لبيان تقليل ابن عمر في الحديث، والإشارة في قوله غير هذا إلى قوله (قال كان ناس من أصحاب النبي ﷺ فيهم سعد)
بسكون العين ابن أبي وقاص ﵁ (فذهبوا يأكلون من لحم) وعند الإسماعيلي من طريق معاذ عن شعبة فأتوا بلحم ضب، وسبق في الأطعمة عن ابن عباس عن خالد بن الوليد أنه دخل مع رسول الله ﷺ بيت ميمونة فأتي بضب محنوذ فأهوى إليه رسول الله ﷺ بيده (فنادتهم امرأة من بعض أزواج النبي ﷺ) وهي ميمونة كما عند الطبراني (أنه لحم ضب فأمسكوا) أي الصحابة عن الأكل (فقال رسول الله ﷺ):
(كلوا) منه (أو اطعموا) بهمزة وصل (فإنه حلال، أو قال) ﵊ (لا بأس به) قال شعبة (شك فيه) توبة العنبري (ولكنه) قال ﷺ لكن الضب (ليس من طعامي) المألوف فلذا أترك أكله لا لكونه حرامًا وفيه إظهار الكراهة