من طريق سعيد بن أبي بردة عن أبيه فقال: أما إني لو علمت بمكانتك لحبّرته لك تحبيرًا وللروياني من طريق مالك بن مغول عن عبد الله بن مغول عن عبد الله بن بريدة عن أبيه لو علمت أن رسول الله ﷺ يستمع قراءتي لحبّرتها تحبيرًا أي حسنتها وزينتها بصوتي تزيينًا، وهذا يدل على أن أبا موسى كان يستطيع أن يتلو أشجى من المزامير عند المبالغة في التحبير لأنه قد تلا مثلها وما بلغ حدّ استطاعته وأخرج ابن أبي داود بسند صحيح من طريق أبي عثمان النهدي قال: دخلت دار أبي موسى الأشعري فما سمعت صوت صنج ولا بربط ولا ناي أحسن من صوته والصنج بفتح الصاد المهملة وبعد النون الساكنة جيم آلة تتخذ من نحاس كالطبقين يضرب بأحدهما على الآخر، والبربط بموحدتين بينهما راء ساكنة آخره طاء مهملة بوزن جعفر فارسي معرب آلة كالعود والناي بنون بغير همز المزمار.
وحديث الباب أخرجه الترمذي أيضًا.
٣٢ - باب مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْمَعَ الْقُرْآنَ مِنْ غَيْرِهِ
(باب من أحب أن يستمع القرآن من غيره) وللكشميهني كما في الفتح القراءة بدل القرآن.
٥٠٤٩ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ الأَعْمَشِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ﵁ قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: «اقْرَأْ عَلَيَّ الْقُرْآنَ». قُلْتُ: آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ قَالَ: «إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي».
وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص بن غياث) قال: (حدّثنا أبي عن الأعمش) سليمان بن مهران أنه (قال: حدّثني) بالإفراد (إبراهيم) النخعي (عن عببدة) بفتح العين وكسر الموحدة السلماني (عن عبد الله) يعني ابن مسعود (﵁) أنه (قال: قال لي النبي ﷺ):
(اقرأ عليّ القرآن) أي بعضه (قلت: آقرأ عليك) بمدّ الهمزة للاستفهام القرآن (وعليك أُنزل) بضم الهمزة (قال) ﵊: (إني أحب أن أسمعه من غيري) لأن المستمع أقوى على التدبر ونفسه أخلى وأنشط لذلك من القارئ لاشتغاله بالقراءة وأحكامها.
وهذا الحديث ساقه هنا مختصرًا وفي الباب التالي مطوّلًا وهو.
٣٣ - باب قَوْلِ الْمُقْرِئِ لِلْقَارِئِ: حَسْبُكَ
(باب قول المقرئ) الذي يقرئ غيره (للقارئ) الذي يقرأ عليه (حسبك) أي يكفيك.
٥٠٥٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: «اقْرَأْ عَلَيَّ القُرْآنَ». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: «نَعَمْ». فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ الآيَةِ ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ قَالَ: «حَسْبُكَ الآنَ». فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن يوسف) البيكندي قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن إبراهيم) النخعي (عن عبيدة) السلماني (عن عبد الله بن مسعود) ﵁ أنه (قال: قال لي النبي ﷺ):
(اقرأ عليّ) بحذف المفعول في معظم الطرق ليس فيه لفظ القرآن فيصدق بالبعض (قلت: يا رسول الله آقرأ عليك) بمد الهمزة (وعليك أُنزل)؟ بضم الهمزة (قال: نعم) أي اقرأ عليّ (فقرأت) عليه (سورة النساء حتى أتيت إلى) ولأبي ذر عن الكشميهني على (هذه الآية ﴿فكيف﴾) يصنع هؤلاء الكفرة من اليهود وغيرهم (﴿إذا جئنا من كل أمة بشهيد﴾) يشهد عليهم بما فعلوا وهو نبيهم (﴿وجئنا بك﴾) يا محمد (﴿على هؤلاء﴾) أي أمتك (﴿شهيدًا﴾) [النساء: ٤١] حال أي شاهدًا على من آمن بالإيمان وعلى من كفر بالكفر وعلى من نافق بالنفاق (قال) ﵊: (حسبك) يكفيك (الآن) تنبيهًا له على الموعظة والاعتبار في هذه الآية (فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان) بسكون الذال المعجمة وكسر الراء أي سال دمعهما لفرط رأفته ومزيد شفقته.
وفي الحديث كما قال النووي استحباب استماع القراءة والإصغاء إليها والبكاء عندها والتدبر فيها واستحباب طلب القراءة من الغير ليستمع عليه وهو أبلغ في التدبر كما مرّ.
وهذا الحديث سبق في سورة النساء.
٣٤ - باب فِي كَمْ يُقْرَأُ الْقُرْآنُ؟
وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾
هذا (باب) بالتنوين (في كم) مدة (يقرأ) القارئ (القرآن) كله فيها وفي اليونينية يقرأ بضم أوّله مبنيًّا للمفعول القرآن رفع نائب عن الفاعل (وقول الله تعالى: ﴿فاقرؤوا ما تيسر﴾) عليكم (﴿منه﴾) [المزمل: ٢٠] من القرآن استدلّ به على عدم التحديد في القراءة خلافًا لما نقل عن إسحاق بن راهويه وغيره إن أقل ما يجزي من القراءة كل يوم وليلة جزء من أربعين جزءًا من
القرآن. وفيه حديث أخرجه أبو داود عن عبد الله بن عمرو بلفظ: في كم تقرأ القرآن؟ قال: في أربعين يومًا. ثم قال: في شهر ولا دلالة فيه لذلك على ما لا يخفى.
٥٠٥١ - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: لِي ابْنُ شُبْرُمَةَ: نَظَرْتُ كَمْ يَكْفِي الرَّجُلَ مِنَ الْقُرْآنِ، فَلَمْ أَجِدْ سُورَةً أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ آيَاتٍ، فَقُلْتُ لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَقْرَأَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ آيَاتٍ، قَالَ عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ أَخْبَرَهُ عَلْقَمَةُ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ وَلَقِيتُهُ وَهْوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَذَكَرَ قَوْلَ النَّبِيِّ ﷺ «أَنَّ مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ».
وبه قال: (حدّثنا علي) هو ابن عبد الله المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال لي ابن شبرمة) بضم الشين المعجمة والراء بينهما موحدة ساكنة عبد الله قاضي الكوفة