للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خرج على سبب.

فإن قيل: بقصره عليه لم تقم به حجة وإن لم يقل بقصره عليه حمل على من حاله مثل حال الرجل وبلغ به ذلك المبلغ، وحديث صومه حتى بلغ الكديد، وحديث فمنا الصائم ومنا المفطر يرد عليهم، وقول الزركشي وتبعه صاحب جمع العدّة لفهم العمدة من في قوله ليس من البر زائدة لتأكيد النفي، وقيل للتبعيض وليس بشيء تعقبه البدر الدماميني فقال: هذا عجيب لأنه أجاز ما المانع منه قائم ومنع ما لا مانع منه، وذلك أن من شروط زيادة من أن يكون مجرورها نكرة وهو في الحديث معرفة، وهذا هو المذهب المعوّل عليه وهو مذهب البصريين خلافًا للأخفش والكوفيين، وأما كونها للتبعيض فلا يظهر لمنعه وجه إذ المعنى أن الصوم في السفر ليس معدودًا من أنواع البر، وأما رواية ليس من امبرامصيام في امسفر بإبدال اللام ميمًا في لغة أهل اليمن فهي في مسند الإمام أحمد لا في البخاري، وحديث الباب رواه مسلم في الصوم وكذا أبو داود والنسائي.

٣٧ - باب لَمْ يَعِبْ أَصْحَابُ النَّبِيِّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الصَّوْمِ وَالإِفْطَارِ

هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (لم يعب أصحاب النبي بعضهم بعضًا في الصوم والأفطار) في السفر.

١٩٤٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: "كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ، وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ".

وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي (عن مالك) الإمام (عن حميد الطويل عن أنس بن مالك) (قال): (كنا نسافر مع النبي ، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم) أصل لم يعب يعيب فلما سكن للجزم التقى ساكنان فحذفت الياء، وفيه رد على من أبطل صوم المسافر لأن تركهم لإنكار الصوم والفطر يدل على أن ذلك عندهم من التعارف الذي تجب الحجة به. وفي حديث أبي سعيد عند مسلم: كنا نغزو مع رسول الله فلا يجد الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم يرون أن من وجد قوّة فصام فإن ذلك حسن، ومن وجد ضعفًا فأفطر فإن ذلك حسن، وهذا التفصيل هو المعتمد وهو نص رافع للنزاع قاله في الفتح. وحديث الباب أخرجه مسلم أيضًا.

٣٨ - باب مَنْ أَفْطَرَ فِي السَّفَرِ لِيَرَاهُ النَّاسُ

(باب من أفطر في السفر ليراه الناس) فيقتدوا به ويفطروا بفطره.

١٩٤٨ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَرَفَعَهُ إِلَى يَدَيْهِ لِيُرِيَهُ النَّاسَ فَأَفْطَرَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ، فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قَدْ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَفْطَرَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ".

وبالسند قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: (حدّثنا أبو عوانة) بفتح العين والواو الوضاح اليشكري (عن منصور عن مجاهد) هو ابن جبر الإمام في التفسير (عن طاوس) هو ابن كيسان اليماني (عن ابن عباس ) أنه (قال) (خرج رسول الله من المدينة إلى مكة) في غزوة الفتح (فصام حتى بلغ عسفان، ثم دعا بماء فرفعه) أي الماء منتهيًا (إلى) أقصى حدّ (يديه) بالتثنية، ولأبي ذر وابن عساكر في نسخة يده بالإفراد، ولابن عساكر كما في الفرع وأصله: إلى فيه، وعزاها في فتح الباري لأبي داود عن مسدد عن أبي عوانة بالإسناد المذكور في البخاري قال: وهذا أوضح فلعلها تصحفت. وعزاها الزركشي والبرماوي لرواية ابن السكن قال: وهو الأظهر إلا أن تؤول لفظة "إلى" في رواية الأكثرين بمعنى "على" ليستقيم الكلام. وتعقبه في المصابيح بأنه لا يعرف أحدًا ذكر أن "إلى" بمعنى "على" قال: والكلام مستقيم بدون هذا التأويل وذلك أن إلى لانتهاء الغاية على بابها، والمعنى فرفع الماء ممن أتى به رفعًا قصد به رؤية الناس له فلا بدّ أن يقع ذلك على وجه يتمكن فيه الناس من رؤيته ولا حاجة مع ذلك إلى إخراج إلى عن بابها. وقال الكرماني كالطيبي: أو فيه تضمين أي انتهى الرفع إلى أقصى غايتها "ليراه الناس" بفتح التحتية والراء والناس فاعله والضمير المنصوب فيه مفعوله واللام للتعليل. قال ابن حجر: كذا للأكثر، وللمستملي: ليريه بضم التحتية الناس نصب على أنه مفعول ثان ليريه لأنه من الإراءة وهي تستدعي مفعولين، ونسب في اليونينية الأولى لابن عساكر، ولأبي ذر عن الكشميهني ورقم على الأخرى علامة ابن عساكر في نسخة.

وقضية هذا الحديث أنه خرج إلى مكة للفتح في رمضان فصام الناس فقيل له إن الصوم شق عليهم وهم ينظرون إلى فعلك فدعا بماء فرفعه حتى ينظر الناس فيقتدوا به في الإفطار وكان لا يأمن الضعف عن القتال

<<  <  ج: ص:  >  >>