والتين، على الحكاية، وإنما قرأ عليه الصلاة والسلام في العشاء بقصار المفصل لكونه كان مسافرًا، والسفر يطلب فيه التخفيف لأنه مظنة المشقة، وحينئذٍ فيحمل حديث أبي هريرة السابق على الحضر، فلذا قرأ فيها بأوساط المفصل.
وفي هذا الحديث: التحديث والعنعنة والقول والسماع، وأخرجه المؤلّف أيضًا في التفسير، والتوحيد، والخمسة في الصلاة.
١٠١ - باب الْقِرَاءَةِ فِي الْعِشَاءِ بِالسَّجْدَةِ
هذا (باب القراءة في) صلاة (العشاء بالسجدة) أي بالسورة التي فيها سجدة التلاوة.
٧٦٨ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: حَدَّثَنِي التَّيْمِيُّ عَنْ بَكْرٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: "صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْعَتَمَةَ، فَقَرَأَ: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} فَسَجَدَ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ؟ قَالَ: سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ".
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر في نسخة: حدّثني، بالإفراد (مسدد) أي ابن مسرهد (قال: حدّثنا يزيد بن زريع) تصغير زرع (قال: حدّثني) بالإفراد، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر: حدّثنا (التيمي) سليمان بن طرخان (عن بكر) بسكون الكاف، ابن عبد الله المزني (عن أبي رافع) نفيع الصائغ (قال: صليت مع أبي هريرة) رضي الله عنه (العتمة فقرأ) فيها بسورة ({إذا السماء انشقت} فسجد، فقلت) له: (ما هذه) السجدة؟ (قال: سجدت بها) ولأبوي ذر والوقت: فيها (خلف أبي القاسم، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي في الصلاة (فلا أزال أسجد بها) وفي رواية لأبوى ذر والوقت وابن عساكر: فيها (حتى ألقاه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهو كناية عن الموت.
١٠٢ - باب الْقِرَاءَةِ فِي الْعِشَاءِ
هذا (باب القراءة في) صلاة (العشاء).
٧٦٩ - حَدَّثَنَا خَلَاّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ سَمِعَ الْبَرَاءَ رضي الله عنه قَالَ: "سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} فِي الْعِشَاءِ، وَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ صَوْتًا مِنْهُ أَوْ قِرَاءَةً".
وبه قال: (حدّثنا خلاد بن يحيى) بن صفوان السلمي الكوفي، المتوفى بمكة قريبًا من سنة ثلاث عشرة ومائتين، (قال: حدّثنا مسعر) بكسر الميم وسكون المهملة، ابن كدام الكوفي (قال: حدّثنا عدي بن ثابت) بالمثلثة، ونسبه هنا لأبيه بخلاف الرواية السابقة (سمع) ولأبي الوقت: أنه سمع (البراء رضي الله عنه، قال: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقرأ) ({والتين}) بالواو على الحكاية، وفي رواية لأبي ذر: بالتين ({والزيتون} في) صلاة (العشاء) ولأبي ذر في نسخة: يقرأ في العشاء (بالتين والزيتون) (وما سمعت أحدًا أحسن صوتًا منه أو) أحسن (قراءة) منه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شك الراوي.
وإنما كرر هذا الحديث لتضمنه ما ترجم له، ولاختلاف بعض الرواة فيه، ولما فيه من زيادة قوله: وما سمعت أحدًا، إلخ ...
شيخ البخاري فيه من أفراده، وتأتي بقية مباحثه في آخر التوحيد، إن شاء الله تعالى بعون الله وقوّته.
١٠٣ - باب يُطَوِّلُ فِي الأُولَيَيْنِ، وَيَحْذِفُ فِي الأُخْرَيَيْنِ
هذا (باب) بالتنوين (يطوّل) المصلي (في) الركعتين (الأوليين) من العشاء، (ويحذف) يترك القراءة (في) الركعتين (الأخريين) منها.
٧٧٠ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ قَالَ: "قَالَ عُمَرُ لِسَعْدٍ: لَقَدْ شَكَوْكَ فِي كُلِّ شَىْءٍ حَتَّى الصَّلَاةِ. قَالَ: أَمَّا أَنَا فَأَمُدُّ فِي الأُولَيَيْنِ وَأَحْذِفُ فِي الأُخْرَيَيْنِ، وَلَا آلُو مَا اقْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قَالَ صَدَقْتَ، ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ، أَوْ ظَنِّي بِكَ".
وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب، قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي عون)، وللأصيلي زيادة: محمد بن عبد الله الثقفي (قال: سمعت جابر بن سمرة، قال: قال عمر) بن الخطاب (لسعد) أي، ابن أبي وقاص: (لقد) باللام، ولأبي الوقت والأصيلي: قد (شكوك في كل شيء حتى الصلاة) بالجرّ في الفرع وأصله.
قال الزركشي: لأن حتى جارّة، وتعقبه البدر الدماميني بأن الجارّة تكون بمعنى إلى وليست هنا كذلك، وإنما هي عاطفة. وللأصيلي: حتى في الصلاة بإعادة حرف الجر، وضبطها العيني بالرفع
على أن حتى هنا غاية لا قبلها بزيادة، كما في قولهم: مات الناس حتى الأنبياء والمعنى: حتى الصلاة شكوك فيها، فيكون ارتفاعه على الابتداء وخبره محذوف.
(قال) سعد: (أما أنا فأمد) بضم الميم أي أطوّل القراءة (في) الركعتين (الأوليين، وأحذف) القراءة (في) الركعتين (الأخريين ولا آلو) بمدّ الهمزة وضم اللام، أي لا أقصر (ما اقتديت به من صلاة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قال) عمر: (صدقت، ذاك الظن بك، أو) قال: (ظني بك) شك الراوي.
وهذا الحديث قد سبق في باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم مطوّلاً، وأخرجه هنا لغرض الترجمة مع ما بينهما من الزيادة والنقص، واختلاف رواة الإسناد.
١٠٤ - باب الْقِرَاءَةِ فِي الْفَجْرِ
وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: قَرَأَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالطُّورِ.
(باب القراءة في) صلاة (الفجر).
(وقالت أم سلمة) مما وصله المؤلّف في الحج: طفت وراء الناس، (قرأ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالطور) لكن ليس فيه تعيين صلاة الصبح.