بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن عمرو) بفتح العين ابن دينار (عن ابن عباس ﵄) أنه قال: (لما نزلت: ﴿إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين﴾) زاد أبو ذر: وإن يكن منكم مائة (فكتب) بضم الكاف أي فرض (عليهم أن لا يفرّ واحد من عشرة) هو معنى الآية. (فقال سفيان) بن عيينة (غير مرة أن لا يفر عشرون من مائتين) وهذا يوافق لفظ القرآن، فالظاهر أن سفيان كان يرويه تارة بالمعنى وتارة باللفظ (ثم نزلت: ﴿الآن خفف الله عنكم﴾) [الأنفال: ٦٦] (الآية فكتب) بفتح الكاف أي فرض الله تعالى (أن لا يفر مائة من مائتين، زاد) ولأبي ذر: وزاد (سفيان مرة نزلت): (﴿حرّض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون﴾) يريد أنه حدث بالزيادة مرة ومرة بدونها (قال سفيان: وقال ابن شبرمة) بضم الشين المعجمة والراء بينهما موحدة ساكنة عبد الله قاضي الكوفة التابعي (وأرى) بضم الهمزة أي أظن (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل هذا) الحكم المذكور في الجهاد بجامع إعلاء كلمة الحق وإدحاض كلمة الباطل، وقول صاحب التلويح هذا التعليق رواه ابن أبي حاتم تعقبه في الفتح بأنه وهم لأن في رواية ابن أبي عمر عن سفيان
عند أبي نعيم في مستخرجه قال سفيان فذكرته لابن شبرمة فذكر مثله.
٧ - باب ﴿الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضُعْفًا﴾ [الأنفال: ٦٦] الآيَةَ
(﴿الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفًا﴾) في القوة والجلد (الآية) زاد غير أبي ذر إلى قَوْلِهِ: ﴿وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.
٤٦٥٣ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ خِرِّيتٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حِينَ فُرِضَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَفِرَّ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ، فَجَاءَ التَّخْفِيفُ فَقَالَ: ﴿الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضُعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾ قَالَ: فَلَمَّا خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنَ الْعِدَّةِ نَقَصَ مِنَ الصَّبْرِ بِقَدْرِ مَا خُفِّفَ عَنْهُمْ.
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن عبد الله السلمي) بضم السين وفتح اللام خاقان البلخي قال: (أخبرنا عبد الله بن المبارك) المروزي قال: (أخبرنا جرير بن حازم) بفتح جيم جرير وحازم بالحاء المهملة والزاي (قال: أخبرني) بالإفراد (الزبير) بضم الزاي (ابن خريت) بكسر الخاء المعجمة والراء المشددة وبعد التحتية الساكنة فوقية بصري من صغار التابعين (عن عكرمة عن ابن عباس ﵄) أنه (قال لما نزلت ﴿إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين﴾ شق ذلك على المسلمين حين فرض عليهم أن لا يفر واحد من عشرة فجاء التخفيف) عنهم وعند ابن إسحاق من طريق عطاء عن ابن عباس فخفف الله عنهم فنسخها بالآية الأخرى (فقال: ﴿الآن خفف الله عنكم﴾) وسقط قوله فقال لأبي ذر (﴿وعلم أن فيكم ضعفًا﴾) في البدن أو في البصيرة (﴿فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين﴾) أمر بلفظ الخبر إذ لو كان خبرًا لم يقع بخلاف المخبر عنه، والمعنى في وجوب المصابرة لمثلينا أن المسلم على إحدى الحسنيين إما أن يقتل فيدخل الجنة أو يسلم فيفوز بالأجر والغنيمة والكافر يقاتل على الفوز بالدنيا وقد زاد الإسماعيلي في الحديث ففرض عليهم أن لا يفر رجل من رجلين ولا قوم من مثليهم، والحاصل أنه يحرم على المقاتل الانصراف عن الصف إذا لم يزد عدد الكفار على مثلينا فلو لقي مسلم كافرين فله الانصراف وإن كان هو الذي طلبهما لأن فرض الجهاد والثبات إنما هو في الجماعة، لكن قال البلقيني الأظهر بمقتضى نص الشافعي في المختصر أنه ليس له الانصراف. (قال) ابن عباس (فلما خفف الله عنهم من العدة نقص) بالتخفيف (من الصبر بقدر ما خفف عنهم).
وهذا الحديث أخرجه أبو داود في الجهاد.
[٩]- سورة بَرَاءَةَ
﴿وَلِيجَةً﴾ كُلُّ شَيْءٍ أَدْخَلْتَهُ فِي شَيْءٍ، ﴿الشُّقَّةُ﴾: السَّفَرُ، الْخَبَالُ: الْفَسَادُ، وَالْخَبَالُ: الْمَوْتُ، وَلَا تَفْتِنِّي: لَا تُوَبِّخْنِي، كَرْهًا وَكُرْهًا وَاحِدٌ، مُدَّخَلًا: يُدْخَلُونَ فِيهِ يَجْمَحُونَ: يُسْرِعُونَ، وَالْمُؤْتَفِكَاتِ ائْتَفَكَتْ: انْقَلَبَتْ بِهَا الأَرْضُ، أَهْوَى: أَلْقَاهُ فِي هُوَّةٍ، عَدْنٍ خُلْدٍ عَدَنْتُ بِأَرْضٍ أَيْ أَقَمْتُ، وَمِنْهُ مَعْدِنٌ وَيُقَالُ فِي مَعْدِنِ صِدْقٍ فِي مَنْبِتِ صِدْقٍ، ﴿الْخَوَالِفُ﴾: الْخَالِفُ الَّذِي خَلَفَنِي فَقَعَدَ بَعْدِي، وَمِنْهُ يَخْلُفُهُ فِي الْغَابِرِينَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النِّسَاءُ مِنَ الْخَالِفَةِ، وَإِنْ كَانَ جَمْعَ الذُّكُورِ فَإِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ عَلَى تَقْدِيرِ جَمْعِهِ إِلاَّ حَرْفَانِ، فَارِسٌ، وَفَوَارِسُ وَهَالِكٌ: وَهَوَالِكُ: الْخَيْرَاتُ وَاحِدُهَا خَيْرَةٌ، وَهْيَ الْفَوَاضِلُ. مُرْجَئُونَ: مُؤَخَّرُونَ، الشَّفَاشَفِيرٌ وَهْوَ حَدُّهُ، وَالْجُرُفُ: مَا تَجَرَّفَ مِنَ السُّيُولِ وَالأَوْدِيَةِ. هَارٍ: هَائِرٍ، لأَوَّاهٌ شَفَقًا وَفَرَقًا وَقَالَ الشَّاعِرُ:
إِذَا مَا قُمْتُ أَرْحَلُهَا بِلَيْلٍ … تَأَوَّهُ آهَةَ الرَّجُلِ الْحَزِينِ
يقال: تهورت البئر: إذا وانهدمت وانهار مثله.
([٩] سورة براءة)
مدنية ولها أسماء أخر تزيد على العشرة منها: التوبة والفاضحة والمقشقشة لأنها تدعو إلى التوبة وتفضح المنافقين وتقشقشهم أي تبرئ منهم وهي من آخر ما نزل ولم يكتبوا بسملة أو لها أمان وبراءة نزلت لرفعه أو توفي رسول الله ﷺ ولم يبين موضعها، وكانت قصتها تشابه قصة الأنفال لأن فيها ذكر العهود وفي براءة نبذها فضمت إليها.
(﴿وليجة﴾) يريد قوله تعالى: ﴿ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة﴾ [التوبة: ١٦] (كل شيء أدخلته في شيء) وهي فعيلة من الولوج