في رواية أبي ذر بفتح الراء وكسر الضاد المعجمة جمع أرض وهو جمع شاذ لأنه جمع جمع سلامة ولم يبق مفرده سالمًا لأن الراء في المفرد ساكنة وفي الجمع محركة، وفي نسخة أرضهم بسكون الراء على الإفراد (و) بيع (دمنهم) وهذه اللفظة ساقطة في بعض الأصول (حين أجلاهم) بالجيم الساكنة بعد الهمزة المفتوحة أي أخرجهم من المدينة (فيه المقبري) أي حديثه (عن أبي هريرة) المروي في باب إخراج اليهود من جزيرة العرب من كتاب الجهاد ولفظه: بينما نحن في المسجد خرج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال انطلقوا إلى يهود فخرجنا حتى جئنا بيت المدراس فقال أسلموا تسلموا واعلموا أن الأرض لله ورسوله وإني أريد أن أجليكم من هذه الأرض فمن يجد منكم بماله شيئًا فليبعه وإلاّ فاعلموا أن الأرض لله ورسوله.
قال الزركشي وغيره: إن اليهود هم بنو النضير والظاهر أنهم بقايا من اليهود تخلفوا بالمدينة بعد إجلاء بني قينقاع وقريظة والنضير والفراغ من أمرهم، لأن هذا كان قبل إسلام أبي هريرة لأنه إنما جاء بعد فتح خيبر كما هو معروف، وقد أقر -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يهود خيبر على أن يعملوا في الأرض واستمروا إلى أن أجلاهم عمر -رضي الله عنه-.
قال ابن المنير: والعجب أن ترجمة البخاري هنا على بيع اليهود أرضهم ولم يذكر فيه إلا حديث أبي هريرة وليس فيه للأرض ذكر إلا أن يكون أخذ ذلك بطريق العموم من قوله: فمن يجد منكم
بماله شيئًا فليبعه والمال أعم من الأرض فتدخل فيه الأرضون وهذا باب ساقط من بعض النسخ وهو ثابت في فرع من الفروع المقابلة باليونينية لكنه رقم عليه علامة السقوط.
١٠٨ - باب بَيْعِ الْعَبِيدِ وَالْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً
وَاشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ رَاحِلَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ يُوفِيهَا صَاحِبَهَا بِالرَّبَذَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ يَكُونُ الْبَعِيرُ خَيْرًا مِنَ الْبَعِيرَيْنِ. وَاشْتَرَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ فَأَعْطَاهُ أَحَدَهُمَا وَقَالَ: آتِيكَ بِالآخَرِ غَدًا رَهْوًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ لَا رِبَا فِي الْحَيَوَانِ: الْبَعِيرُ بِالْبَعِيرَيْنِ وَالشَّاةُ بِالشَّاتَيْنِ إِلَى أَجَلٍ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: لَا بَأْسَ بَعِيرٌ بِبَعِيرَيْنِ نَسِيئَةً.
(باب) حكم (بيع العبيد) أي بالعبيد نسيئة وفي نسحة بيع العبد بالإفراد (و) بيع (الحيوان بالحيوان نسيئة) من عطف العام على الخاص.
(واشترى ابن عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- فيما رواه مالك في الموطأ والشافعي عنه عن نافع وابن أبي شيبة من طريق أبي بشر عن نافع عن ابن عمر (راحلة) هي ما أمكن ركوبه من الإبل ذكرًا أو أُنثى (بأربعة أبعرة مضمونة) تلك الراحلة (عليه) أي على البائع (يوفيها صاحبها) أي يسلمها البائع إلى صاحبها الذي اشتراها منه (بالربذة) بفتح الراء والموحدة والذال المعجمة موضع بين مكة والمدينة. (وقال ابن عباس) -رضي الله عنهما- فيما وصله إمامنا الشافعي -رحمه الله- من طريق طاوس عنه (قد يكون البعبر خيرًا من البعيرين).
(واشترى رافع بن خديج) بفتح الخاء المعجمة وكسر الدال المهملة آخره جيم الأنصاري الحارثي مما وصله عبد الرزاق (بعيرًا ببعيرين فأعطاه) أي فأعطى رافع الذي باعه (أحدهما) أحد البعيرين (وقال) أنا (آتيك بـ) البعير (الآخر غدًا) إتيانًا (رهوًا وإن شاء الله) براء مفتوحة وهاء ساكنة فواو سهلاً بلا شدّة ولا مماطلة أو المراد أن المأتي به يكون سهل السير غير خشن وحينئذٍ فيكون نصب رهوًا على الحال.
(وقال ابن المسيب) سعيد التابعي الجليل (لا ربًا في الحيوان) هذا وصله مالك عن ابن شهاب عنه في الموطأ وزاد أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنما نهى في بيع الحيوان عن ثلاثة المضامين والملاقيح وحبل الحبلة، ووصل ابن أبي شيبة من طريق أخرى عن الزهري عنه قوله: (البعير بالبعيرين) وسقط بالبعيرين لغير أبي ذر (والشاة بالشاتين إلى أجل) ولفظ ابن أبي شيبة نسيئة والمعنى واحد.
(وقال ابن سيرين) محمد التابعي الكبير فيما وصله عبد الرزاق (لا بأس بعير) ولأبي ذر: لا بأس ببعير (ببعيرين نسيئة) زاد في غير الفرع وأصله بعد قوله ببعيرين ودرهم بدرهم والأول رفع
على رواية غير أبي ذر عليها جر، وفي بعض الروايات ودرهم بدرهمين بالتثنية وهو خطأ والصواب الإفراد كما هو في رواية أبي ذر وكذا هو بالإفراد عند عبد الرزاق وزاد فإن كان أحد البعيرين نسيئة فهو مكروه، وروى سعيد بن منصور من طريق يونس عنه أنه كان لا يرى بأسًا بالحيوان يدًا بيد والدراهم نسيئة، ويكره أن تكون الدراهم نقدًا والحيوان نسيئة ومذهب الشافعية أنه لا ربًا في الحيوان مطلقًا كما قال ابن المسيب لأنه لا يعدّ للأكل على هيئته فيجوز بيع العبد بالعبد نسيئة وبيع العبد بعبدين أو أكثر نسيئة. وقال