الحفاظ فصرحوا بأنه لم يصلِّ عليه، لكن ظهر لي أن البخاري قويت عنده رواية محمود بالشواهد، فقد أخرج عبد الرزاق أيضًا وهو في السنن لأبي قرة من وجه آخر عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف في قصة ماعز قال: فقيل يا رسول الله أتصلي عليه؟ قال: لا. فلما كان من الغد قال: "صلوا على صاحبكم" فصلّى عليه رسول الله ﷺ والناس. قال الحافظ ابن حجر: فهذا الخبر يجمع الاختلاف فتحمل رواية النفي على أنه لم يصل عليه حين رجم ورواية الإثبات على أنه صلّى في اليوم الثاني، وقد اختلف في هذه المسألة فالمعروف عن مالك أنه يكره للإمام وأهل الفضل الصلاة على المرجوم ردعًا لأهل المعاصي وهو قول أحمد، وعند الشافعي لا يكره وهو قول الجمهور.
وحديث الباب أخرجه مسلم في الحدود وأخرجه أبو داود والترمذي والنسائي.
٢٦ - باب مَنْ أَصَابَ ذَنْبًا دُونَ الْحَدِّ فَأَخْبَرَ الإِمَامَ
فَلَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ إِذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا قَالَ عَطَاءٌ: لَمْ يُعَاقِبْهُ النَّبِىُّ ﷺ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَلَمْ يُعَاقِبِ الَّذِى جَامَعَ فِى رَمَضَانَ، وَلَمْ يُعَاقِبْ عُمَرُ صَاحِبَ الظَّبْىِ. وَفِيهِ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
(باب من أصاب ذنبًا دون الحد) أي ارتكب ذنبًا لا حد له شرعًا كالقبلة والغمرّة (فأخبر الإمام) به (فلا عقوبة عليه بعد التوبة إذا جاء) إلى الإمام حال كونه (مستفتيًا) بسكون الفاء طالبًا جواب ذلك، ولأبي ذر عن الكشميهني مستعتبًا بالعين المهملة الساكنة بدل الفاء وبعد الفوقية موحدة بدل التحتية من الاستعتاب وهو طلب الرضا وإزالة العتب. وقال في العمدة وللكشميهني: مستغيثًا بالغين المعجمة المكسورة والمثلثة بعد التحتية من الاستغاثة وهي طلب الغوث، وزاد في الفتح عن الكشميهني مستعينًا بالسين المهملة والنون قبل الألف، وفي نسخة مما في الفرع كأصله مستقيلاً بالقاف بدل الفوقية وبعدها تحتية فلام ألف أي طالبًا للإقالة، وغرض البخاري أن الصغيرة بالتوبة يسقط عنها التعزير.
(قال عطاء): هو ابن أبي رباح (لم يعاقبه النبي ﷺ) أي لم يعاقب الذي أخبره أنه وقع في معصية بل أمهله حتى صلّى معه ثم أخبره أن صلاته كفرت ذنبه (وقال ابن جريج) عبد الملك: (ولم يعاقب) النبي ﷺ (الذي جامع) أهله (في) نهار (رمضان) بل أعطاه ما يكفر به (ولم يعاقب عمر) بن الخطاب ﵁ (صاحب الظبي) قبيصة بن جابر إذ اصطاد ظبيًا وهو محرم وإنما أمره بالجزاء ولم يعاقبه عليه وهذا وصله سعيد بن منصور بسند صحيح عن قبيصة (وفيه) أي وفي معنى الحكم المذكور في الترجمة (عن أبي عثمان) عبد الرَّحمن بن مل النهدي (عن ابن مسعود) ﵁ (عن النبي ﷺ) ولأبي ذر عن أبي مسعود قال الحافظ ابن حجر: وهو غلط والصواب ابن مسعود وزاد أبو ذر عن الكشميهني بعد قوله وسلم مثله وهي زيادة لا حاجة إليها لأنه يصير ظاهره أن النبي ﷺ لم يعاقب صاحب الظبي، وهذا وصله المؤلّف في باب الصلاة كفارة في أوائل كتاب المواقيت من رواية سليمان التيمي عن أبي عثمان عن ابن مسعود بلفظ: إن رجلاً أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي ﷺ فأخبره فأنزل الله تعالى ﴿أقم الصلاة طرفي النهار وزلفًا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات﴾ [هود: ١١٤] فقال: يا رسول الله ألي هذا؟ قال: "لجميع أمتي كلهم".
٦٨٢١ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَجُلاً وَقَعَ بِامْرَأَتِهِ فِى رَمَضَانَ فَاسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ «هَلْ
تَجِدُ رَقَبَةً»؟ قَالَ: لَا. قَالَ: «هَلْ تَسْتَطِيعُ صِيَامَ شَهْرَيْنِ»؟ قَالَ: لَا. قَالَ: «فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا».
وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن حميد بن عبد الرَّحمن) بن عوف الزهري (عن أبي هريرة ﵁ أن رجلاً) اسم سلمة بن صخر فيما رواه ابن أبي شيبة وابن الجارود وبه جزم عبد الغني، وتعقب بأن سلمة هو المظاهر في رمضان، وإنما أتى أهله في الليل رأى خلخالها في القمر. قال الحافظ ابن حجر: والسبب في ظنهم أنه المحترق أن ظهاره من امرأته كان شهر رمضان وجامع ليلاً كما هو صريح في حديثه، وأما المحترق ففيه رواية أبي هريرة أنه أعرابي وأنه جامع نهارًا فتغايرا نعم اشتركا في قدر الكفارة وفي الإتيان بالتمر وفي الإعطاء وفي قول كل منهما على أفقر منا (وقع بامرأته في) نهار (رمضان فاستفتى رسول الله ﷺ) عن ذلك (فقال) له:
(هل تجد رقبة) تعتقها (قال: لا) أجدها (قال: هل تستطيع صيام شهرين قال: لا) أستطيع (قال: فأطعم ستين