للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

المجاورون في الجؤار بالاستغفار، وعزموا على الإقلاع عن الإصرار والتوبة عما اجترحوا من الأوزار، وفزعوا إلى الصدقة بالأموال، فصرفت عنهم النار ذات اليمين وذات الشمال وظهر حسن بركة نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أمته وُيمن طلعته في رفقته بعد فرقته، فقد ظهر أن النار

المذكورة في حديث الباب هي النار التي ظهرت بنواحي المدينة كما فهمه القرطبي وغيره ويبقى النظر هل هي من داخل التنفس أو من خارج كصاعقة نزلت والظاهر الأول، ولعل التنفس حصل من الأرض لما تزلزلت، وتزايلت عن مركزها الأول وتخلخلت.

وقد تضمن الحديث في ذكر النار ثلاثة أمور: خروجها من الحجاز، وسيلان وادٍ منه بالنار وقد وجدا، وأما الثالث وهو إضاءة أعناق الإبل ببصرى فقد جاء من أخبر به فإذا ثبت هذا فقد صحّت الإمارات وتمت العلامات وإن لم يثبت فيحمل إضاءة أعناق الإبل ببصرى على وجه المبالغة، وذلك في لغة العرب سائغ. وفي باب التشبيه في البلاغة بالغ وللعرب في التصرف في المجاز ما يقتضي للغتها بالسبق في الإعجاز، وعلى هذا يكون القصد بذلك التعظيم لشأنها والتفخيم لمكانها والتحذير من فورانها وغليانها، وقد وجد ذلك على وفق ما أخبر وقد جاء من أخبر أنه أبصرها من تيماء وبصرى على مثل ما هي من المدينة في البعد فتعين أنها المراد وارتفع الشك والعناد، وأما النار التي تحشر الناس فنار أخرى.

وحديث الباب من أفراده.

٧١١٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِىُّ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَدِّهِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يُوشِكُ الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ فَمَنْ حَضَرَهُ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا».

قَالَ عُقْبَةُ: وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَهُ إِلَاّ أَنَّهُ قَالَ: «يَحْسِرُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ».

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن سعيد الكندي) بكسر الكاف وسكون النون أبو سعيد الأشج معروف بكنيته وصفته قال: (حدّثنا عقبة بن خالد) الكوفي الحافظ قال: (حدّثنا عبيد الله) بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري (عن خبيب بن عبد الرحمن) بضم الخاء المعجمة وفتح الموحدة وبعد التحتية الساكنة موحدة أخرى ابن خبيب بن يساف الأنصاري (عن جده حفص بن عاصم) أي ابن عمر بن الخطاب والضمير لعبيد الله بن عمر لا لشيخه (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(يوشك) بكسر المعجمة يقرب (الفرات) النهر المشهور وتاؤه مجرورة على المشهور (أن يحسر) بفتح التحتية وسكون الحاء وكسر السين المهملتين آخره راء يكشف (عن كنز من ذهب فمن حضره فلا يأخذ منه شيئًا) بجزم فلا يأخذ على النهي، وإنما نهى عن الأخذ منه لما ينشأ عن الأخذ من الفتنة والقتال عليه. وفي مسلم يحسر الفرات عن جبل من ذهب فيقبل عليه الناس فيقتل من المائة تسعة وتسعون ويقول كل رجل منهم: لعليّ أكون أنا الذي أنجو والأصل أن يقول: أنا الذي أفوز به فعدل إلى قوله أنجو لأنه إذا نجا من القتل تفرّد بالمال وملكه.

والحديث أخرجه مسلم في الفتن وأبو داود في الملاحم والترمذي في صفة الجنة.

(قال عقبة) بن خالد اليشكري بالسند المذكور: (وحدّثنا عبيد الله) بضم العين العمري المذكور قال: (حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مثله). مثل الحديث السابق (إلا أنه قال: يحسر) أي الفرات (عن جبل من ذهب) بدل قوله: عن كنز وأشار به أيضًا إلى أن لعبيد الله العمري فيه إسنادين.

[٢٥ - باب]

(باب) بالتنوين بلا ترجمة فهو كالفصل من سابقه.

٧١٢٠ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنَا مَعْبَدٌ قَالَ: سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «تَصَدَّقُوا فَسَيَأْتِى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَمْشِى الرَّجُلُ بِصَدَقَتِهِ فَلَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا». قَالَ مُسَدَّدٌ: حَارِثَةُ أَخُو عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لأُمِّهِ قَالَهُ أَبُو عَبْدِ الله.

وبهِ قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن شعبة) بن الحجاج أنه قال: (حدّثنا معبد) بفتح الميم والموحدة بينهما عين مهملة ساكنة ابن خالد القاص (قال: سمعت حارثة بن وهب) بالحاء المهملة والمثلثة الخزاعي -رضي الله عنه- (قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):

(تصدّقوا فسيأتي على الناس زمان يمشي بصدقته) وللكشميهني يمشي الرجل بصدقته (فلا يجد من يقبلها) زاد في باب الصدقة قبل الرد من الزكاة يقول الرجل لو جئت بها بالأمس لقبلتها فأما اليوم فلا حاجة لي بها، وهذا إنما يكون في الوقت الذي يستغني الناس فيه عن

<<  <  ج: ص:  >  >>