للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غيره ويلك يا ابن آدم ما أغدرك فيقول: يا رب لا تجعلني أشقى خلقك) ممن دخل الجنة فهو لفظ عام أريد به الخاص ومراده أنه يصير إذا استمر خارجًا عن الجنة أشقاهم وكونه أشقاهم ظاهر لو استمرّ خارج الجنة وهم من داخلها (فلا يزال يدعو حتى يضحك) الله عز وجل منه وهو مجاز عن لازمه وهو الرضا (فإذا ضحك) رضي (منه أذن) بفتح الهمزة (له بالدخول فيها فإذا دخل فيها قيل تمنّ) ولأبي ذر قيل له تمنّ (من كذا) أي من الجنس الفلاني وقال المظهري من فيه للبيان يعني تمن من كل جنس ما تشتهي منه. قال الطيبي ونحوه يغفر لكم من ذنوبكم، ويحتمل أن تكون من زائدة في الإثبات على مذهب الأخفش (فيتمنى ثم يقال له: تمن من كذا فيتمنى حتى تنقطع به الأماني) وفي رواية أبي سعيد عند أحمد فيسأل ويتمنى مقدار ثلاثة أيام من أيام الدنيا وفي رواية التوحيد حتى إن الله ليذكره كذا من كذا (فيقول) أي الله (هذا) وللشكميهني فيقول له هذا (لك ومثله معه).

٦٥٧٤ - قَالَ عَطَاءٌ: وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ جَالِسٌ مَعَ أَبِى هُرَيْرَةَ لَا يُغَيِّرُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ: هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ قَالَ: أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ»، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: حَفِظْتُ مِثْلُهُ مَعَهُ.

(قال أبو هريرة) بالسند السابق (وذلك الرجل) المذكور (آخر أهل الجنة دخولاً) الجنة (قال عطاء) بن يزيد الراوي (وأبو سعيد الخدري) سقط لأبي ذر الخدري (جالس مع أبي هريرة) وهو

يحدث بهذا الحديث (لا يغير عليه شيئًا من حديثه) ولا يردّه عليه (حتى انتهى إلى قوله هذا لك ومثله معه. قال أبو سعيد: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويقول هذا لك وعشرة أمثاله. قال أبو هريرة: حفظت مثله معه) أي هذا لك ومثله معه وجمع القاضي عياض بينهما باحتمال أن يكون أبو هريرة سمع أولاً قوله ومثله معه فحدث به ثم إن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حدث بالزيادة فسمعه أبو سعيد والله أعلم.

والحديث أخرجه أيضًا في التوحيد ومسلم في الإيمان والنسائي في الصلاة والتفسير.

٥٣ - باب فِى الْحَوْضِ

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: ١] وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى عَلَى الْحَوْضِ».

هذا (باب) بالتنوين (في الحوض) الذي لنبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الآخرة قال في الصحاح: الحوض واحد الأحواض والحياض وحضت أحوض اتخذت حوضًا واستحوض الماء اجتمع والمحوض بالتشديد شيء كالحوض يجعل للنخلة تشرب منه. وقال ابن قرقول: والحوض حيث تستقر المياه أي تجتمع لتشرب منها الإبل، واختلف في حوضه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هل هو قبل الصراط أبو بعده؟ قال أبو الحسن القابسي: الصحيح أن الحوض قبل. قال القرطبي في تذكرته: والمعنى يقتضيه فإن الناس يخرجون عطاشًا من قبورهم، واستدلّ بما في البخاري من حديث أبي هريرة مرفوعًا: بينا أنا قائم على الحوض إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم. فقلت: أين؟ قال: إلى النار الحديث. ويأتي إن شاء الله تعالى في هذا الباب. قال القرطبي: فهذا الحديث يدل على أن الحوض يكون في الموقف قبل الصراط لأن الصراط إنما هو جسر على جهنم ممدود يجاز عليه فمن جازه سلم من النار اهـ.

وقال آخرون: إنه بعد الصراط، وصنيع البخاري في إيراده لأحاديث الحوض بعد أحاديث الشفاعة بعد نصب الصراط مشعر بذلك، وفي حديث أنس عند الترمذي ما يدل له ولفظه: سألت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يشفع لي فقال: "أنا فاعل". فقلت: أين أطلبك؟ قال: "اطلبني أوّل ما تطلبني على الصراط". قلت: فإن لم ألقك؟ قال: "أنا عند الميزان" قلت: فإن لم ألقك؟ قال "أنا عند الحوض". ويؤيده ظاهر قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حديث الحوض: "من شرب منه لم يظمأ أبدًا" لأنه يدل على أن الشرب منه يكون بعد الحساب والنجاة من النار لأن ظاهر حال من لا يظمأ أن لا يعذب بالنار.

وأما حديث أبي هريرة السابق المستدل به على القبلية: فأجيب عنه: باحتمال أنهم يقربون من الحوض بحيث يرونه ويرون فيدفعون في النار قبل أن يخلصوا من بقية الصراط فليتأمل.

وأما قول صاحب التذكرة والصحيح أن له -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حوضين أحدهما في الموقف قبل الصراط، والآخر داخل الجنة وكلاهما يسمى كوثرًا متعقب بأن الكوثر نهر داخل الجنة وماؤه يصب في الحوض، ويطلق على الحوض كوثر لكونه يمدّ منه، وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>