والمعجمة (أفظعني) بفتح الهمزة وسكون الفاء وفتح الظاء المعجمة والعين المهملة أي خوّفني لتضرره بتأخر الابتناء بفاطمة ﵂ بسبب فوات ما يستعين به قال: (فأتيت نبيّ الله ﷺ عنده زيد بن حارثة) حبه ﵊ (فأخبرته الخبر فخرج) ﵊ (ومعه زيد) حبه (فانطلقت معه فدخل على حمزة) البيت الذي هو فيه (فتغيظ) أي أظهر ﵊ الغيظ (عليه فرفع حمزة بصره وقال: هل أنتم إلا عبيد لآبائي)؟ أراد به التفاخر عليهم بأنه أقرب إلى عبد المطلب ومن فوقه لأن عبد الله أبا النبي ﷺ وأبا طالب عمه كانا كالعبدين لعبد المطلب في الخضوع لحرمته وجواز تصرفه في مالهما وقد قاله قبل تحريم الخمر فلم يؤاخذ به، (فرجع رسول الله ﷺ) حال كونه (يقهقر) أي إلى ورائه. زاد في آخر الجهاد: ووجهه لحمزة خشية أن يزداد عيبه في حال سكره فينتقل من القول إلى الفعل فأراد أن يكون ما يقع منه بمرأى منه ليدفعه إن وقع منه شيء. وعند ابن أبي شيبة أنه أغرم حمزة ثمنها ومحل النهي عن القهقرى إن لم يكن عذر (حتى خرج عنهم) أي عن حمزة ومن معه (وذلك) أي المذكور من هذه القصة (قبل تحريم الخمر) فلذلك عذره ﷺ فيما قال وفعل ولم يؤاخذه ﵁.
وموضع الترجمة منه قوله: وأنا أريد أن أحمل عليهما إذخرًا لأبيعه فإنه دالّ على ما ترجم به من جواز الاحتطاب والاحتشاش، والحديث قد سبق بعضه في باب: ما قيل في الصواغ من كتاب البيوع، ويأتي إن شاء الله تعالى في المغازي واللباس والخمس، وقد أخرجه مسلم وأبو داود واستنبط منه فوائد كثيرة تأتي إن شاء الله تعالى في محالها والله الموفق والمعين.
١٤ - باب الْقَطَائِعِ
(باب القطائع) جمع قطيعة وهي ما يخص به الإمام بعض الرعية من الأرض فإن أقطعه لا للتمليك بل لتكون غلته له فهو كالمتحجر فلا يقطعه ما يعجز عنه ويكون المقطع أحق بما أقطعه يتصرف في غلته بالإجارة ونحوها.
قال السبكي: وهو الذي يسمى في زماننا هذا إقطاعًا. قال: ولم أرَ أحدًا من أصحابنا ذكره وتخريجه على طريق فقهي مشكل، والذي يظهر أنه يحصل للمقطع بذلك اختصاص كاختصاص المتحجر ولكنه لا يملك الرقبة بذلك لتظهر فائدة الإقطاع.
قال الزركشي: وينبغي أن يستثنى هنا ما أقطعه النبي ﷺ فلا يملكه الغير بإحيائه قياسًا على أنه لا ينقض ما حماه أما إذا أقطعه لتمليك رقبته فيملكه ويتصرف فيه تصرف الملاك ذكره النووي في شرح المهذّب في باب الركاز.
وفي حديث أسماء بنت أبي بكر عند المؤلّف في أواخر الخمس أنه ﷺ أقطع الزبير أرضًا من أموال بني النضير، وفي الترمذي وصححه أنه ﷺ أقطع وائل بن حجر أرضًا بحضرموت.
٢٣٧٦ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا ﵁ قَالَ: "أَرَادَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يُقْطِعَ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَقَالَتِ الأَنْصَارُ: حَتَّى تُقْطِعَ لإِخْوَانِنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِثْلَ الَّذِي تُقْطِعُ لَنَا. قَالَ: سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي".
[الحديث ٢٣٧٦ - أطرافه في: ٢٣٧٧، ٣١٦٣، ٣٧٩٤].
وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي الأزدي البصري قاضي مكة قال: (حدّثنا حماد) ولأبي ذر حماد بن زيد واسم جدّه درهم الجهضمي (عن يحيى بن سعيد) الأنصاري أنه (قال: سمعت أنسًا ﵁ قال: أراد النبي ﷺ أن يقطع) الأنصار (من البحرين) بلفظ التثنية ناحية معروفة (فقالت الأنصار) لا تقطع لنا (حتى تقطع لإخواننا من المهاجرين مثل الذي تقطع لنا) زاد البيهقي في روايته فلم يكن ذلك عنده أي ليس عنده ما يقطع منه (قال) ﵊:
(سترون بعدي أثرة) بفتح الهمزة والمثلثة وبضم الأولى وسكون الأخرى في الفرع وبهما قيد الجياني فيما حكاه ابن قرقول. قال الزركشي: ويقال بكسر الهمزة وسكون المثلثة وهو الاستئثار أي يستأثر عليكم بأمور الدنيا ويفضل غيركم نفسه عليكم ولا يجعل لكم في الأمر نصيبًا (فاصبروا حتى تلقوني) زاد في غزوة الطائف فإني على الحوض.
وفي الحديث أن للإمام أن يقطع من الأراضي التي تحت يده لمن يراه أهلاً لذلك.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الجزية وفضل الأنصار.
١٥ - باب كِتَابَةِ الْقَطَائِعِ
(باب كتابة القطائع) لمن أقطعه الإمام لتكون توثقة بيده دفعًا