للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أخبر.

وهذا الحديث من أفراد البخاري.

٨ - باب ﴿يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾

هذا (باب) بالتنوين أي في قوله تعالى: (﴿يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة﴾) [المنافقين: ٨] الغلبة والقوة (﴿ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون﴾) من فرط جهلهم وغرورهم أنه تعالى معزٌّ أوليائه بطاعتهم له ومذلّ أعدائه لمخالفتهم أمره وسقط لأبي ذر ما بعد قوله الأذل ولغيره باب.

٤٩٠٧ - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلأَنْصَارِ، وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمَّعَهَا اللَّهُ رَسُولَهُ قَالَ: «مَا هَذَا»؟ فَقَالُوا: كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ، يَا لَلأَنْصَارِ، وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ النَّبِيُّ : «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ». قَالَ جَابِرٌ: وَكَانَتِ الأَنْصَارُ حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ أَكْثَرَ ثُمَّ كَثُرَ الْمُهَاجِرُونَ بَعْدُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ أَوَقَدْ فَعَلُوا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. قَالَ النَّبِيُّ : «دَعْهُ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ».

وبه قال: (حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال: حفظناه) أي الحديث (من عمرو بن دينار قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: كنا في غزاة) سبق أنها غزوة بني المصطلق (فكسع) بالعين والسين المهملتين (رجل من المهاجرين) يسمى

جهجاهًا الغفاري (رجلًا من الأنصار) يسمى سنانًا الجهني أي ضرب بيده على دبره (فقال الأنصاري: يا للأنصار) أغيثوني (وقال المهاجري: يا للمهاجرين) أغيثوني (فسمعها الله) بتشديد الميم (رسوله قال):

(ما هذا؟ فقالوا: كسع رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار فقال الأنصاري: يا للأنصار) مستغيثًا بهم (وقال المهاجري: يا للمهاجرين) مستغيثًا بهم (فقال النبي : دعوها) أي كلمة الاستغاثة (فإنها منتنة) بضم الميم خبيثة.

(قال جابر) بالسند السابق (وكانت الأنصار حين قدم النبي أكثر) من المهاجرين (ثم كثر المهاجرون بعد) أي بعد هذه القصة (فقال عبد الله بن أُبيّ: أوَقد فعلوا) الأثرة (والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل) وفي الترمذي فقال غير عمرو فقال له ابنه عبد الله بن عبد الله بن أُبيّ والله لا تنقلب أي إلى المدينة حتى تقول: إنك أنت الذليل ورسول الله العزيز ففعل (فقال عمر بن الخطاب ) بعد أن بلغ النبي ذلك (دعني يا رسول الله أضرب) بالجزم (عنق هذا المنافق) ابن أُبيّ (قال) ولأبي ذر فقال (النبي : دعه لا يتحدث الناس أن محمدًا) زاد في نسخة وهي ثابتة في اليونينية (يقتل أصحابه).

فإن قلت: الصحابي لا بدّ أن يكون مسلمًا والإسلام والنفاق لا يجتمعان، وهذا كان رأس المنافقين فكيف أدخله في الأصحاب؟ أجيب: أدخله فيهم باعتبار الظاهر لنطقه بالشهادتين، وفي قتله تنفير غيره عن الإسلام والتزام مفسدة لدفع أعظم المفسدين جائز.

[٦٤] سورة التَّغَابُنِ

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ). وَقَالَ عَلْقَمَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾: هُوَ الَّذِي إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ رَضِىَ وَعَرَفَ أَنَّهَا مِنَ اللَّهِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: التَّغَابُنُ غَبْنُ أَهْلِ الجَنَّةِ أَهْلِ النَّارِ. ﴿إِنِ ارْتَبْتُمْ﴾: إِنْ لَمْ تَعْلَمُوا أَتَحِيضُ أَمْ لَا تَحِيضُ. ﴿فَاللاَّتِي قَعَدْنَ عَنِ المَحِيضِ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ بَعْدُ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ﴾.

([٦٤] سورة التَّغَابُنِ)

قيل: مكية، وقيل مدنية وآيها ثمان عشرة ولأبي ذر زيادة والطلاق.

(بسم الله الرحمن الرحيم) وسقطت البسملة لغير أبي ذر.

(وقال علقمة) بن قيس فيما وصله عبد الرزاق (عن عبد الله) بن مسعود في قوله تعالى: (﴿ومن يؤمن بالله يهد قلبه﴾) [التغابن: ١١] مجزوم بالشرط (هو الذي إذا أصابته مصيبة رضي بها وعرف أنها من الله) ﷿ فيسلم لقضائه وعن محيي السُّنّة فيما ذكره في فتوح الغيب يهد قلبه يوفقه لليقين حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه فيسلم لقضائه.

(وقال مجاهد): فيما وصله الفريابي (التغابن) هو (غبن أهل الجنة أهل النار) لنزول أهل الجنة منازل أهل النار لو كانوا سعداء، وبالعكس مستعار من تغابن التجار كذا قرره القاضي كالكشاف، لكن قال في فتوح الغيب لا يستقيم باعتبار الأشقياء لأنهم لا يغبنون لسعداء بنزولهم في منازلهم من النار إلا بالاستعارة التهكمية، ولذا قال في الكشاف: وفيه تهكم بالأشقياء لأن نزولهم ليس بغبن، وجعل الواحدي التغابن من طرف واحد للمبالغة حيث قال يوم التغابن يغبن فيه أهل الحق أهل الباطل وأهل الإيمان أهل الكفر ولا غبن أبين من هذا هؤلاء يدخلون الجنة وهؤلاء يدخلون النار وأحسن منهما ما ذكره محيي السُّنَّة قال: هو تفاعل من الغبن وهو فوت الحظ والمراد فالمغبون من غبن في أهله ومنازله في الجنة فظهر يومئذٍ غبن كل كافر بترك الإيمان وغبن

<<  <  ج: ص:  >  >>