للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أي حرّم قتلها ({إلا بالحق ولا يزنون}) [الفرقان: ٦٨] قال في الأنوار نفى عنهم أمهات المعاصي بعد ما أثبت لهم أصول الطاعات إظهار الكمال إيمانهم وإشعارًا بأن الأجر المذكور موعود للجامع بين ذلك وتعريضًا للكفرة بأضداده (ونزل) ولأبي ذر: ونزلت بتاء التأنيث ({قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله}).

وعند الإمام أحمد من حديث ثوبان مرفوعًا: ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآية {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} إلى آخرها فقال رجل: يا رسول الله فمن أشرك: فسكت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم قال: "إلا ومن أشرك" ثلاث مرات. وعنده أيضًا عن أسماء بنت يزيد قالت سمعته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا} ولا يبالي. قال الحسن البصري: انظروا إلى هذا الكرم والجود قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة، ولما أسلم وحشي بن حرب فقال الناس: يا رسول الله إنّا أصبنا ما أصاب وحشي فقال هي للمسلمين عامة. وقال ابن عباس: قد دعا الله سبحانه وتعالى إلى توبته مَن قال: {أنا ربكم الأعلى} [النازعات: ٢٤]، وقال ما علمت لكم من إله غيري فمن آيس العباد من التوبة بعد هذا فقد جحد كتاب الله، ولكن إذا تاب الله على العبد تاب.

٢ - باب قَوْلِهِ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}

(باب قوله: {وما قدروا الله حق قدره}) [الزمر: ٦٧] أي ما عظموه حق عظمته حين أشركوا به غيره وسقط باب لغير أبي ذر.

٤٨١١ - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الأَحْبَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّا نَجِدُ أَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الْخَلَائِقِ عَلَى إِصْبَعٍ، فَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ. فَضَحِكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الْحَبْرِ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الزمر: ٦٧]. [الحديث ٤٨١١ - أطرافه في: ٧٤١٤، ٧٤١٥، ٧٤٥١، ٧٥١٣].

وبه قال: (حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: (حدّثنا شيبان) بن عبد الرحمن (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن إبراهيم) النخعي (عن عبيدة) بفتح العين وكسر الموحدة السلماني (عن عبد الله) بن مسعود (-رضي الله عنه-) أنه (قال: جاء حبر) بفتح الحاء المهملة (من الأحبار) عالم من علماء اليهود قال الحافظ ابن حجر لم أقف على أسمه (إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: يا محمد إنّا نجد) أي في التوراة (أن الله يجعل السماوات على إصبع) وفي رواية مسدّد عن يحيى عن سفيان عن منصور في التوحيد أن الله يمسك بدل يجعل (والأرضين على إصبع والشجر على إصبع والماء على إصبع وسائر الخلائق على إصبع) وفي بعض النسخ والماء على إصبع والثرى على إصبع وسقط في بعضها والماء على إصبع (فيقول: أنا الملك) المتفرّد بالملك (فضحك النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى بدت نواجذه) بالجيم والذال المعجمة أي أنيابه وهي الضواحك التي تبدو عند الضحك حال كونه (تصديقًا لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: {وما قدروا الله حق قدره}) وقراءته عليه الصلاة والسلام هذه الآية تدل على صحة قول الحبر كضحكة قاله النووي.

وفي التوحيد قال يحيى بن سعيد وزاد فيه فضيل بن عياض عن منصور عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله فضحك رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تعجبًا مما قاله الحبر وتصديقًا له، ورواه الترمذي وقال حسن صحيح، وعند مسلم تعجبًا مما قاله الحبر وتصديقًا له. وعند ابن خزيمة من رواية إسرائيل عن منصور حتى بدت نواجذه تصديقًا له، وعند الترمذي من حديث ابن عباس قال: مرّ يهودي بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: كيف تقول يا أبا القاسم إذا وضع الله السماوات على ذه والأرضين على ذه والماء على ذه والجبال على ذه وسائر الخلق على ذه وأشار محمد بن الصلت أبو جعفر لخنصره أوّلًا ثم تابع حتى بلغ الإبهام وهذا من شديد الاشتباه، وقد حمله بعضهم على أن اليهود مشبهة ويزعمون فيما أنزل إليهم ألفاظًا تدخل في التشبيه ليس القول بها من مذهب المسلمين، وبهذا قال الخطابي وقال: إنه روى هذا الحديث غير واحد عن عبد الله من طريق عبيدة فلم يذكروا قوله تصديقًا لقول الحبر ولعله من الراوي ظنّ وحسبان، وضحكه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تعجب من كذب اليهودي، فظن الراوي أن ذلك التعجب تصديق وليس كذلك.

وقال أبو العباس القرطبي في المفهم: هذه الزيادة من قول الراوي باطلة لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا

يصدّق بالمحال لأن نسبة الأصابع إلى الله تعالى محال، وقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>