الثوري وفي تركيبه قلق ولعله كان الأصل كان إذا كان جالسًا إذا جاءه رجل فحذف اختصارًا أو سقط من الراوي لفظ إذا كان على أنني تتبعت ألفاظ الحديث من الطرق فلم أره في شيء منها بلفظ جالسًا، وتعقبه العيني بأنه لا قلق في التركيب أصلاً قال: وآفة هذا من ظن أن جالسًا خبر كان وليس كذلك، وإنما خبر كان قوله أقبل علينا وجالساً حال، وعند أبي نعيم من رواية إسحاق بن زريق عن الفريابي كان رسول اللهّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا جاءه السائل أو طالب الحاجة (أقبل علينا بوجهه) الشريف (فقال: اشفعوا) في قضاء حاجة السائل أو الطالب (فلتؤجروا) بسكون اللام في الفرع. وقال في الكواكب: الفاء للسببية التي ينصب بعدها الفعل المضارع واللام بالكسر بمعنى كي وجاز اجتماعهما لأنهما لأمر واحد أو هي زائدة على مذهب الأخفش كزيادتها في قوله قوموا فلأصلي لكم أي اشفعوا كي تؤجروا، ويحتمل أن تكون اللام لام الأمر والمأمور به التعرض للأجر بالشفاعة فكأنه قال: اشفعوا تتعرضوا بذلك للأجر وتكسر هذه اللام على أصل لام الأمر ويجوز تسكينها تخفيفًا لأجل الحركة التي قبلها، ولكريمة مما في الفتح تؤجروا والجزم بحذف النون على جواب الأمر المتضمن معنى الشرط وهو واضح، وللنسائي: اشفعوا تشفعوا (وليقض الله) بسكون اللام في الفرع، قال في الفتح: كذا في هذه الرواية باللام، وقال القرطبي: لا يصح أن تكون لام الأمر لأن الله لا يؤمر ولا لام كي لأنه ثبت في الرواية بغير ياء، ويحتمل أن تكون بمعنى الدعاء أي: اللهم اقض أو الأمر هنا بمعنى الخبر أي إن عرض المحتاج حاجة عليّ فاشفعوا له إليّ فإنكم إذا شفعتم حصل لكم الأجر سواء قبلت شفاعتكم أو لا، ويجري الله (على لسان نبيه ما شاء) من موجبات قضاء الحاجة أو عدمها.
(باب قول الله تعالى {من يشفع شفاعة حسنة}) وهي التي روعي بها حق مسلم ودفع بها عنه شر أو جلب إليه خير وابتغي وجه الله ولم يؤخذ عليها رشوة وكانت في أمر جائز لا في حدّ من حدود الله ولا في حق من الحقوق {يكن له نصيب منها} من ثواب الشفاعة {ومن يشفع شفاعة سيئة} هي خلاف الشفاعة الحسنة {يكن له كفل منها} نصيب قال في اللباب: الظاهر أن من فى قوله هنا منها سببية أي كفل بسببها ونصيب بسببها ويجوز أن تكون ابتدائية {وكان الله على
كل شيء مقيتًا} [النساء: ٨٥] مقتدرًا من أقات على الشيء اقتدر عليه أو حفيظًا من القوت لأنه يمسك النفس ويحفظها وسقط قوله: {ومن يشفع شفاعة سيئة} إلى آخره لأبي ذر.
(كفل) أي (نصيب) قاله أبو عبيدة زاد غيره إلا أن استعماله في الشر أكثر عكس النصيب وإن كان قد استعمل الكفل في الخير (قال أبو موسى): عبد الله بن قيس الأشعري مما وصله ابن أبي حاتم (كفلين) من قوله تعالى: {يؤتكم كفلين من رحمته}[الحديد: ٢٨] أي (أجرين بـ) ـاللغة (الحبشية) الموافقة للعربية وأراد البخاري أن الكفل يطلق على النصيب وعلى الأجر. قال ابن عادل: ولغلبة استعمال الكفل في الشر واستعمال النصيب في الأجر غاير بينهما في هذه الآية الكريمة إذ أتى بالكفل مع السيئة والنصيب مع الحسنة.
وبه قال:(حدّثنا) ولأبي ذر: حدثني بالإفراد (محمد بن العلاء) بن كريب الهمداني الكوفي قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن بريد) أبي بردة بن عبد الله (عن) جده (أبي بردة) عامر (عن) أبيه (أبي موسى) عبد الله الأشعري -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه كان إذا أتاه السائل أو صاحب الحاجة) ولأبي ذر عن الكشميهني أو صاحب حاجة (قال) لمن حضره من أصحابه:
(اشفعوا) في حاجته إليّ (فلتؤجروا) بسبب شفاعتكم (وليقض الله) عز وجل وللحموي والمستملي ويقضي الله بغير لام وإثبات الياء التحتية (على لسان رسوله) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (ما شاء) وفيه الحث على الشفاعة إلى الكبير في كشف كربة ومعونة ضعيف على مقصد مأذون فيه من