تحتية بعد الضاد المعجمة المكسورة من ضاره يضيره ضيرًا بمعنى ضره، ولابن عساكر لم بدل لا، ولابن عساكر في نسخة وأبي ذر عن الكشميهني: لا يضره من ضره بالتشديد (إن لم يزدرد) أي يبتلع (ريقه)، وهذا يقتضي أنه إن ازدرده ضر وفيه نظر لأنه بعد الإِفراغ يصير الريق خالصًا ولا فطر به، ولأبي الوقت: لا يضيره أن يزدرد ريقه فأسقط لم وفتح الهمزة ونصب يزدرد أي لا يضره أن يبتلع ريقه خاصة لأنه لا ماء فيه بعد تفريغه له ولذا قال: (وماذا) أي وأي شيء (بقي في فيه)؟ في فمه بعد أن يمج الماء إلا أثر الماء فإذا بلع ريقه لم يضره، ولأبي ذر وابن عساكر كما في الفرع: وما بقي فأسقط لفظة ذا، وحينئذٍ فما موصولة ولفظة ذا ثابتة عند سعيد بن منصور وعبد الرزاق. قال في الفتح: ووقع في أصل البخاري وما بقي أي بإسقاط ذا. قال ابن بطال: وظاهره إباحة الازدراد لما بقي من الفم من ماء المضمضة وليس كذلك لأن عبد الرزاق رواه بلفظ وماذا يقي فكأن ذا سقطت من رواية البخاري اهـ. ولعله لم يقف على الرواية المثبتة لها.
(ولا يمضغ) أي لا يلوك الصائم (العلك) بكسر العين المهملة وسكون اللام كالمصطكي وقوله يمضغ بفتح الصاد وضمها وبالفتح عند أبي ذر وللمستملي كما في الفتح، ولابن عساكر كما في الفرع: ويمضع العلك بإسقاط لا والرواية الأولى أولى (فإن ازدرد ريق) فمه مع ما تحلب من (العلك لا أقول إنه يفطر ولكن ينهى عنه) الجمهور وبه قال الشافعي أنه إن تحلب منه شيء فازدرده أفطر ورخص الأكثرون في الذي لا يتحلب منه شيء. نعم كرهه الشافعي من جهة كونه يجفف ويعطش، (فإن استنثر) أي استنشق في الوضوء (فدخل الماء حلقه لا بأس، لأنه لم يملك) منع دخول الماء في حلقه، وسقط في رواية أبي ذر وابن عساكر قوله: فإن استنثر الخ.
هذا (باب) بالتنوين (إذا جامع) الصائم (في) نهار شهر (رمضان) عامدًا وجبت عليه الكفارة (ويذكر) مبنيًا للمفعول (عن أبي هريرة) حال كونه (رفعه) أي الحديث الآتي إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو (من أفطر يومًا من رمضان من غير عذر) ولأبي ذر من غير علة (ولا مرض لم يقضه صيام الدهر). قال المظهري: يعني لم يجد فضيلة الصوم المفروض بصوم النافلة وليس معناه أن صيام الدهر بنية قضاء يوم من رمضان لا يسقط عنه قضاء ذلك اليوم بل يجزئه قضاء يوم بدلاً عن يوم، وقال شارح المشكاة: هو من باب التشديد والمبالغة ولذلك أكده بقوله؛ (وإن صامه) حق الصيام ولم يقصر فيه وبذل جهده وزاد في المبالغة حيث أسند القضاء إلى الصوم إسنادًا مجازيًا، وأضاف الصوم إلى الدهر إجراء للظروف مجرى المفعول به إذ الأصل لم يقض هو في الدهر كله إذا صامه. وقال ابن المنير: يعني أن القضاء لا يقوم مقام الإداء، ولو صام عوض اليوم دهرًا، ويقال بموجبه فإن الإثم لا يسقط بالقضاء ولا سبيل إلى اشتراك القضاء والأداء في كمال الفضيلة فقوله: لم يقضه صيام الدهر أي في وصفه الخاص به وهو الكمال وإن كان يقضي عنه في وصفه العام المنحط عن كمال الأداء هذا هو اللائق بمعنى الحديث ولا يحمل على نفي القضاء بالكلية ولا تعهد عبادة واجبة مؤقتة لا تقبل القضاء إلا الجمعة لأنها لا تجتمع بشروطها إلا في يومها وقد فات أو في مثله وقد اشتغلت الذمة بالحاضرة فلا تسع الماضية اهـ.
قال في فتح الباري: ولا يخفى تكلفه وسياق أثر ابن مسعود الآتي إن شاء الله تعالى يردّ هذا التأويل، وهذا الحديث قد وصله أصحاب السنن الأربعة وصححه ابن خزيمة من طريق سفيان الثوري وشعبة كلاهما عن حبيب بن أبي ثابت عن عمارة بن عمير عن أبي المطوّس بضم الميم وفتح المهملة وتشديد الواو المفتوحة عن أبيه عن أبي هريرة نحوه. قال الترمذي: سألت محمدًا يعني البخاري عن هذا الحديث فقال أبو المطوّس: اسمه يزيد بن المطوّس لا أعرف له غير هذا الحديث، وقال في التاريخ أيضًا تفرد أبو المطوّس بهذا الحديث ولا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا اهـ.