للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(مروهم) استئناف كأنه قيل: ماذا نعلمهم؟ فقال: مروهم (فليصلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلاة كذا في حين كذا، وإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم) سنًا في الإسلام. أي عند تساويهم في شروط الإمامة، وإلَاّ فالأفقه والأقرأ مقدّمان عليه، والأوّل على الثاني، لأنه يحتاج في الصلاة إلى الأفقه لكثرة الوقائع بخلاف الأقرأ، فإن ما يحتاج إليه من القراءة مضبوط. وقيل: الأقرأ مقدّم عليه. حكاه في شرح المهذّب.

ويدل له ما في حديث مسلم: إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم.

وأجيب بأنه في المستوين في غير القراءة. كالفقه، لأن الصحابة كانوا يتفقهون مع القراءة، فلا يوجد قارئ إلاّ وهو فقيه. فالحديث في تقديم الأقرأ من الفقهاء المستوين في غيره.

٥٠ - باب إِذَا زَارَ الإِمَامُ قَومًا فَأَمَّهُمْ

هذا (باب) بالتنوين (إذا زار الإمام قومًا فأمّهم) في الصلاة بإذنهم له.

٦٨٦ - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ: سَمِعْتُ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصَارِيَّ قَالَ: "اسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَذِنْتُ لَهُ، فَقَالَ: أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ؟ فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أُحِبُّ، فَقَامَ وَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمْنَا".

وبالسند قال: (حدّثنا معاذ بن أسد) المروزي، نزيل البصرة (قال: أخبرنا) وللأصيلي: حدّثنا (عبد الله) بن المبارك (قال: أخبرنا معمر) هو ابن راشد (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (قال: أخبرني) بالإفراد (محمود بن الربيع) بفتح الراء، الأنصاري (قال: سمعت عتبان بن مالك) بكسر العين الأنصاري الأعمى (قال: استأذن النبي) وللكشميهني: استأذن عليّ النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأذنت له، فقال:) (أين تحب أن أصلي من بيتك).

(فأشرت له إلى المكان الذي أحب فقام) عليه الصلاة والسلام، (وصففنا) بفتح الفاء الأولى وسكون الثانية جمع للمتكلم، وفي رواية: وصفّنا بتشديد الفاء، أي فصفّنا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (خلفه، ثم سلم وسلمنا) ولأبي ذر، وابن عساكر: فسلمنا، بالفاء بدل الواو.

واستنبط منه أن مالك الدار أولى بالإمامة. وأن الإمام الأعظم أو نائبه، في محل ولايته، أولى من المالك. وكذا الأفقه.

وفي مسلم: لا يُؤمّن الرجل في سلطانه. وفي رواية لأبي داود: في بيته ولا في سلطانه. فإن قلت إن الإمام الأعظم سلطان على المالك فلا يحتاج إلى استئذانه، أجيب: بأن في الاستئذان رعاية الجانبين.

ورواة هذا الحديث الستة ما بين بصريّ ومروزي ومدني، وفيه رواية تابعي عن تابعي، وصحابي عن صحابي، والتحديث والإخبار.

إلى هنا سقطت الأبواب والتراجم، ومن هنا سقط الأبواب دون التراجم من سماع كريمة، كذا في اليونينية.

٥١ - باب إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ

وَصَلَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ بِالنَّاسِ وَهْوَ جَالِسٌ.

وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ إِذَا رَفَعَ قَبْلَ الإِمَامِ يَعُودُ فَيَمْكُثُ بِقَدْرِ مَا رَفَعَ ثُمَّ يَتْبَعُ الإِمَامَ.

وَقَالَ الْحَسَنُ -فِيمَنْ يَرْكَعُ مَعَ الإِمَامِ رَكْعَتَيْنِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ: يَسْجُدُ لِلرَّكْعَةِ الآخِرَةِ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَقْضِي الرَّكْعَةَ الأُولَى بِسُجُودِهَا. وَفِيمَنْ نَسِيَ سَجْدَةً حَتَّى قَامَ: يَسْجُدُ.

هذا (باب) بالتنوين (إنما جعل الإمام ليؤتَم به) أي: ليُقتدى به في أفعال الصلاة، بأن يتأخر ابتداء فعل المأموم عن ابتداء فعل الإمام، ويتقدم ابتداء فعل المأموم على فراغ الإمام، فلا يجوز له التقدّم عليه ولا التخلّف عنه.

نعم يدخل في عموم قوله: إنما جعل الإمام ليؤتم به، التخصيص كما أشار إليه المؤلّف بقوله مصدرًا به الباب، مما وصله فيما سبق عن عائشة رضي الله عنها: (وصلّى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في مرضه الذي

توفي فيه بالناس وهو جالس) أي والناس خلفه قيامًا، ولم يأمرهم بالجلوس. فدلّ على دخول التخصيص في العموم السابق.

(وقال ابن مسعود) رضي الله عنه، مما وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح بمعناه: (إذا رفع) المأموم رأسه من الركوع أو السجود (قبل الإمام، يعود بقدر ما رفع ثم يتبع الإمام).

مذهب الشافعي: إذا تقدم المأموم بفعل، كركوع وسجود، إن كان بركنين، وهو عامد عالم بالتحريم بطلت صلاته وإلا فلا.

(وقال الحسن) البصري، مما وصله ابن المنذر في كتابه الكبير، ورواه سعيد بن منصور عن هشيم. عن يونس عنه بمعناه، (فيمن يركع مع الإمام ركعتين ولا يقدر على السجود) لزحام ونحوه، والغالب كون ذلك يحصل في الجمعة؛ (يسجد للركعة الآخرة) ولأبي ذر وابن عساكر: الأخيرة، (سجدتين، ثم يقضي الركعة الأولى بسجودها) إنما لم يقل الثانية لاتصال الركوع الثاني به، وهذا وجه عند الشافعية، والأصح أنه يحسب ركوعه الأول لأنه أتى به وقت الاعتداد بالركوع، والثاني للمتابعة، فركعته، ملفقة من ركوع الأولى وسجود الثانية الذي يأتي به، ويدرك بها الجمعة في الأصح. (و) قال الحسن أيضًا، مما وصله ابن أبي شيبة بمعناه (فيمن نسي سجدة حتى قام: يسجد) أي يطرح

<<  <  ج: ص:  >  >>